للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْوُضُوءِ

ــ

[مغني المحتاج]

أَوْ لَا، إنْ قُلْنَا تَدُلُّ اُسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا اسْتِنْجَاءَ مِنْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، فَقَدْ نَقَلَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ النَّوْمِ وَالرِّيحِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ رَطْبًا أَوْ يَابِسًا، وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إذَا كَانَ الْمَحَلُّ رَطْبًا لَمْ يَبْعُدْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَهَذَا مَرْدُودٌ، فَقَدْ قَالَ الْجُرْجَانِيِّ: إنْ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ بِتَأْثِيمِ فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَنَطُّعٌ وَعَدْوٌ. وَالظَّاهِرُ كَلَامُ الْجُرْجَانِيِّ (١) . وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: يَقُولُ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِنْجَاءِ: اللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ النِّفَاقِ وَحَصِّنْ فَرْجِي مِنْ الْفَوَاحِشِ.

[بَابُ الْوُضُوءِ]

(بَابُ الْوُضُوءِ) هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ: اسْمٌ لِلْفِعْلِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَبِفَتْحِهَا اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يُتَوَضَّأُ بِهِ. وَقِيلَ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا. وَقِيلَ بِضَمِّهَا كَذَلِكَ وَهُوَ أَضْعَفُهَا، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ، إذْ قِيَاسُ الْمَصْدَرِ التَّوَضُّؤِ بِوَزْنِ التَّكَلُّمِ وَالتَّعَلُّمِ، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْمَصَادِرِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ الْحُسْنُ وَالنَّظَافَةُ وَالضِّيَاءُ مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ. وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهُوَ أَفْعَالٌ مَخْصُوصَةٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالنِّيَّةِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهُوَ تَعَبُّدِيٌّ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَسْحًا وَلَا تَنْظِيفَ فِيهِ وَكَانَ وُجُوبُهُ مَعَ وُجُوبِ الْخَمْسِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَاخْتَلَفُوا فِي خُصُوصِيَّتِهِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَفِي مُوجِبِهِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: الْحَدَثُ وُجُوبًا مُوَسَّعًا.

ثَانِيهَا: الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا.

ثَالِثُهَا: هُمَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحِ مُسْلِمٍ، وَكَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْغُسْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلَهُ شُرُوطٌ وَفُرُوضٌ وَسُنَنٌ، فَشُرُوطُهُ وَكَذَا الْغُسْلُ مَاءٌ مُطْلَقٌ، وَمَعْرِفَةُ أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَلَوْ ظَنًّا، وَعَدَمُ الْحَائِلِ، وَجَرْيُ الْمَاءِ عَلَى الْعُضْوِ، وَعَدَمُ الْمُنَافِي مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ فِي غَيْرِ أَغْسَالِ الْحَجِّ وَنَحْوِهَا وَمَسِّ ذَكَرٍ، وَعَدَمُ الصَّارِفِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِدَوَامِ النِّيَّةِ وَإِسْلَامٌ، وَتَمْيِيزٌ، وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ الْوُضُوءِ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الصَّلَاةِ، وَإِزَالَةُ خَبَثٍ، عَلَى رَأْيٍ يَأْتِي، وَأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْمَغْسُولِ جُزْءًا يَتَّصِلُ بِالْمَغْسُولِ وَيُحِيطُ بِهِ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ اسْتِيعَابُ الْمَغْسُولِ وَتَحَقُّقُ الْمُقْتَضِي لِلْوُضُوءِ، فَلَوْ شَكَّ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا فَتَوَضَّأَ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَنْ يَغْسِلَ مَعَ الْمَغْسُولِ مَا هُوَ مُشْتَبَهٌ بِهِ، فَلَوْ خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ أَوْ يَدَانِ أَوْ رِجْلَانِ وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ وَجَبَ غَسْلُ الْجَمِيعِ وَيَزِيدُ وُضُوءَ الضَّرُورَةِ بِاشْتِرَاطِ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ ظَنًّا وَتَقَدَّمَ الِاسْتِنْجَاءُ وَالتَّحَفُّظُ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوُضُوءِ، وَكَذَا فِي أَفْعَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>