للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ مَنْ أُحْصِرَ تَحَلَّلَ.

ــ

[مغني المحتاج]

وَالصِّفَتَانِ لَا اجْتِمَاعَ لَهُمَا ... كَالْعَدْلِ وَالتَّقْوِيمِ حَيْثُ فُهِمَا

فَالدَّمُ بِالتَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيرِ فِي ... تَمَتُّعٍ فَوْتِ قِرَانٍ اُكْتُفِيَ

وَتَرْكُ مِيقَاتٍ وَرَمْيٍ وَوَدَاعْ ... مَعَ الْمَبِيتَيْنِ بِلَا عُذْرٍ يُشَاعْ

ثُمَّ مُرَتَّبٌ بِتَعْدِيلٍ سَقَطْ ... فِي مُفْسِدِ الْجِمَاعِ وَالْحَصْرِ فَقَطْ

مُخَيَّرٌ مُقَدَّرٌ دُهْنٌ لِبَاسْ ... وَالْحَلْقُ وَالْقَلْمُ وَطِيبٌ فِيهِ بَاسْ

وَالْوَطْءُ حَيْثُ الشَّاةُ وَالْمُقَدَّمَاتْ ... مُخَيَّرٌ مُعَدَّلٌ صَيْدٌ نَبَاتْ

وَهَذِهِ الدِّمَاءُ كُلُّهَا لَا تَخْتَصُّ بِوَقْتٍ كَمَا مَرَّ، وَتُرَاقُ فِي النُّسُكِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ، وَدَمُ الْفَوَاتِ يُجْزِئُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ كَالْمُتَمَتِّعِ إذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَذْبَحَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي إنَّهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ، وَكُلُّ هَذِهِ الدِّمَاءِ وَبَدَلُهَا مِنْ الطَّعَامِ تَخْتَصُّ تَفْرِقَتُهُ بِالْحَرَمِ عَلَى مَسَاكِينِهِ وَكَذَا يَخْتَصُّ بِهِ الذَّبْحُ إلَّا دَمَ الْمُحْصَرِ فَيَذْبَحُ حَيْثُ أُحْصِرَ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِنْ عُدِمَ الْمَسَاكِينُ فِي الْحَرَمِ أَخَّرَهُ كَمَا مَرَّ حَتَّى يَجِدَهُمْ كَمَنْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ عَلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ فَلَمْ يَجِدْهُمْ.

وَيُسَنُّ لِمَنْ قَصَدَ مَكَّةَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَنْ يُهْدِيَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ النَّعَمِ، لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَهْدَى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِائَةَ بَدَنَةٍ» وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ إلَّا بِالنَّذْرِ. وَيُسَنُّ أَنْ يُقَلِّدَ الْبَدَنَةَ أَوْ الْبَقَرَةِ نَعْلَيْنِ مِنْ النِّعَالِ الَّتِي تُلْبَسُ فِي الْإِحْرَامِ وَيَتَصَدَّقَ بِهِمَا بَعْدَ ذَبْحِهَا ثُمَّ يَجْرَحَ صَفْحَةَ سَنَامِهَا الْيُمْنَى بِحَدِيدَةٍ مُسْتَقْبِلًا لَهَا الْقِبْلَةَ وَيُلَطِّخَهَا بِالدَّمِ لِتُعْرَفَ، فَإِنْ قَرَنَ هَدْيَيْنِ بِحَبْلٍ جَرَحَ الْآخَرَ فِي الصَّفْحَةِ الْيُسْرَى، وَالْغَنَمُ لَا تُجْرَحُ بَلْ تُقَلَّدُ عُرَى الْقِرَبِ وَآذَانِهَا، وَلَا يَلْزَمُ بِذَلِكَ ذَبْحُهَا.

[بَابُ الْإِحْصَارِ وَالْفَوَاتِ]

بَابُ الْإِحْصَارِ عَنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ (وَالْفَوَاتِ) لِلْحَجِّ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ مَوَانِعِ إتْمَامِ الْحَجِّ، وَالْمَوَانِعُ سِتَّةٌ: أَوَّلُهَا الْإِحْصَارُ الْعَامُّ وَهُوَ مَنْعُ الْمُحْرِمِينَ عَنْ الْمُضِيِّ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ، يُقَالُ أَحَصَرَهُ وَحَصَرَهُ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ فِي حَصْرِ الْمَرَضِ، وَالثَّانِي أَشْهَرُ فِي حَصْرِ الْعَدُوِّ، وَقَدْ بَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِ هَذَا الثَّانِي، فَقَالَ (مَنْ أُحْصِرَ) أَيْ مُنِعَ مِنْ جَمِيعِ الطُّرُقِ عَنْ إتْمَامِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ (تَحَلَّلَ) جَوَازًا بِمَا سَيَأْتِي لَا وُجُوبًا، سَوَاءٌ كَانَ حَاجًّا أَمْ مُعْتَمِرًا أَمْ قَارِنًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَنْعُ بِقَطْعِ الطَّرِيقِ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ كَافِرًا أَمْ مُسْلِمًا، سَوَاءٌ أَمْكَنَ الْمُضِيُّ بِقِتَالٍ أَمْ بِبَذْلِ مَالٍ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ مَنْعٌ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَمْ لَا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] : أَيْ وَأَرَدْتُمْ التَّحَلُّلَ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] إذْ الْإِحْصَارُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوجِبُ الْهَدْيَ، وَالْآيَةُ نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةِ حِينَ صَدَّ الْمُشْرِكُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبَيْتِ، وَكَانَ مُعْتَمِرًا فَنَحَرَ ثُمَّ حَلَقَ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ «قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا» وَلِأَنَّ فِي مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَعْمَالِ مَشَاقٌّ، وَقَدْ رَفَعَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>