للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقْتُ الظُّهْرِ فَتَبْطُلُ) الْجُمُعَةُ (بِخُرُوجِهِ) أَيْ وَقْتِ الظُّهْرِ فَيُقْضَى الظُّهْرُ وَلَا تُقَامُ الْجُمُعَةُ.

(وَ) شَرْطُ صِحَّتِهَا أَيْضًا (الْخُطْبَةُ نَحْوُ تَسْبِيحَةٍ) وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ يُسَمَّى خُطْبَةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا بُدَّ مِنْ خُطْبَتَيْنِ يَشْتَمِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى التَّحْمِيدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى وَالْأُولَى عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالثَّانِيَةُ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ (قَبْلَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (فِي وَقْتِهَا) فَلَوْ صَلَّى بِلَا خُطْبَةٍ أَوْ بِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَ الْوَقْتِ بَطَلَتْ الْجُمُعَةُ فَتُعَادُ فِي وَقْتِهَا.

(وَ) شَرْطُ صِحَّتِهَا أَيْضًا (الْجَمَاعَةُ وَأَقَلُّهَا ثَلَاثَةُ رِجَالٍ سِوَى الْإِمَامِ فَإِنْ نَفَرُوا) أَيْ تَفَرَّقَ الْجَمَاعَةُ (قَبْلَ سُجُودِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (بَطَلَتْ) الْجُمُعَةُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَلَزِمَ الْبَدْءُ بِالظُّهْرِ (وَإِنْ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ أَوْ نَفَرُوا بَعْدَ سُجُودِهِ أَتَمَّهَا) ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ، وَقَدْ انْعَقَدَتْ فَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا لَهُ.

(وَ) شَرْطُ صِحَّتِهَا أَيْضًا (الْإِذْنُ الْعَامُّ) أَيْ أَنْ يَأْذَنَ الْأَمِيرُ لِلنَّاسِ إذْنًا عَامًّا حَتَّى لَوْ أَغْلَقَ بَابَ قَصْرِهِ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَخَصَائِصِ الدِّينِ فَتَجِبُ إقَامَتُهَا عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِهَارِ، وَإِنْ فَتَحَ بَابَ قَصْرِهِ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ جَازَ وَكُرِهَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ حَقَّ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ.

(وَشَرْطُ وُجُوبِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ شَرْطُ صِحَّتِهَا (الْإِقَامَةُ بِمِصْرٍ وَالصِّحَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَسَلَامَةُ الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ فَفَاقِدُهَا) أَيْ فَاقِدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ (وَنَحْوُهُ) كَالْمُخْتَفِي مِنْ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ وَالْمَسْجُونِ (إنْ صَلَّاهَا تَقَعُ فَرْضًا) ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ لِأَجْلِهِ تَخْفِيفًا فَإِذَا تَحَمَّلَهُ جَازَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ كَالْمُسَافِرِ إذَا صَامَ (جَازَتْ) الْجُمُعَةُ (فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْمِصْرِ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ فِي الِاجْتِمَاعِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ حَرَجًا بَيِّنًا وَهُوَ مَدْفُوعٌ (الصَّالِحُ لِلْإِمَامَةِ فِي غَيْرِهَا صَالِحٌ فِيهَا فَجَازَتْ لِلْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ) .

وَقَالَ زُفَرُ لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِمْ كَالصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَلَنَا أَنَّهُمْ أَهْلٌ لِلْإِمَامَةِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْهُمْ الْوُجُوبُ تَخْفِيفًا لِلرُّخْصَةِ فَإِذَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فِنَائِهَا.

[شُرُوط الْجُمُعَةَ]

(قَوْلُهُ نَحْوُ تَسْبِيحَةٍ) أَقُولُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْخُطْبَةُ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي حَقِّ مَنْ يُنْشِئُ التَّحْرِيمَةَ لِلْجُمُعَةِ لَا فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ صَلَّاهَا وَسَنَذْكُرُ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ عَنْ الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرٍ طَوِيلٍ. . . إلَخْ) هُوَ أَنْ يُثْنِيَ عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُوَ لِلْمُسْلِمِينَ لِلتَّوَارُثِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ قَبْلَهَا أَيْ الْجُمُعَةِ فِي وَقْتِهَا) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَكَمَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْخُطْبَةِ وَقْتُ الظُّهْرِ يُشْتَرَطُ حُضُورُ مُصَلِّي الْجُمُعَةِ وَيَكْفِي لِوُقُوعِهَا الشَّرْطُ حُضُورُ وَاحِدٍ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ الْكَنْزِ قَالَ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ تَنْعَقِدُ بِهِمْ الْجُمُعَةُ، وَإِنْ الْجَوْهَرَةِ، ثُمَّ لِلْخُطْبَةِ شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالثَّانِي بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ اهـ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ هَذَا: ثُمَّ يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ أَيْ الْإِمَامِ فِي التَّسْبِيحَةِ وَالتَّحْمِيدَةِ أَنْ تُقَالَ عَلَى قَصْدِ الْخُطْبَةِ فَلَوْ حَمِدَ لِعُطَاسٍ لَا تُجْزِئُ عَنْ الْوَاجِبِ أَيْ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ وَمُقْتَضَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْضُرَهُ أَحَدٌ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهَذَا الْكَلَامُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَبِي حَنِيفَةَ فَوَجَبَ اعْتِبَارُ مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهُ وَفِي الْأَصْلِ قَالَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فَلْيَكُنْ الْمُعْتَبَرُ إحْدَاهُمَا الْمُتَفَرِّعَةَ وَعَلَى الْأُخْرَى لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمْنَا اهـ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْخُطْبَةُ وَحْدَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ نَفَرُوا قَبْلَ سُجُودِهِ بَطَلَتْ) أَقُولُ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُحْرِمُوا مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى رَكَعَ وَلَمْ يُشَارِكُوهُ فِي الرُّكُوعِ فَإِنْ أَدْرَكُوهُ فِي الرُّكُوعِ صَحَّتْ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَعَزَاهُ قَاضِي خَانْ إلَى الْأَصْلِ وَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا كَبَّرُوا بَعْدَ الْقِرَاءَةِ ضَعِيفٌ لِنَقْلِ قَاضِي خَانْ لَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ) أَقُولُ وَهَذَا كَالْخُطْبَةِ بِخِلَافِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لِلْأَدَاءِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الِانْعِقَادِ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ مَنْ حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ فَقَالَ لَوْ خَطَبَ الْإِمَامُ وَكَبَّرَ وَالْقَوْمُ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ لَمْ يَجُزْ كَأَنَّهُ وَحْدَهُ حَتَّى يُكَبِّرَ الْأَوَّلُونَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ اهـ.

وَلَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ إذَا خَطَبَ وَفَرَغَ فَذَهَبَ ذَلِكَ الْقَوْمُ وَجَاءَ قَوْمٌ آخَرُونَ لَمْ يَشْهَدُوا الْخُطْبَةَ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ خَطَبَ وَالْقَوْمُ حُضُورٌ فَتَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ إذَا جَاءَ قَوْمٌ آخَرُونَ وَلَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُونَ يُصَلِّي بِهِمْ أَرْبَعًا إلَّا أَنْ يُعِيدَ الْخُطْبَةَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَسَلَامَةُ الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ) فَإِنْ وَجَدَ الْأَعْمَى قَائِدًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُقْعَدِ، وَإِنْ وَجَدَ حَامِلًا اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ فَفَاقِدُهَا وَنَحْوُهُ كَالْمُخْتَفِي. . . إلَخْ) أَقُولُ، وَكَذَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي ضَعُفَ مُلْحَقٌ بِالْمَرِيضِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ شُمُولُ مَنْ لَيْسَ حُرًّا، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْعَبْدِ الَّذِي حَضَرَ بَابَ الْمَسْجِدِ لِحِفْظِ الدَّابَّةِ إذَا لَمْ يُخِلَّ بِالْحِفْظِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ إذَا كَانَ يَسْعَى اهـ. كَذَا قَالَهُ الْكَمَالُ قُلْت وَمَا بَحَثَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ قَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ، وَكَذَا مُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي حَالِ سِعَايَتِهِ كَالْمُكَاتَبِ. وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْفَتَاوَى اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>