للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، وَ) لَا جَهْرٍ، وَ (لَا خُطْبَةٍ وَبِرُكُوعٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِرُكُوعَيْنِ فِيهِ (وَيُطَوِّلُ) الْإِمَامُ (الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا) أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ (وَبَعْدَهُمَا يَدْعُو حَتَّى تَنْجَلِيَ) الشَّمْسُ (وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ) أَيْ الْإِمَامُ أَوْ مَأْمُورُ السُّلْطَانِ (صَلَّوْا فُرَادَى كَالْخُسُوفِ وَالرِّيحِ) الشَّدِيدَةِ (وَالظُّلْمَةِ) الْهَائِلَةِ (وَالْفَزَعِ) أَيْ الْخَوْفِ الْغَالِبِ مِنْ الْعَدُوِّ.

(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ) (لَا جَمَاعَةَ فِيهِ وَلَا خُطْبَةَ بَلْ هُوَ دُعَاءٌ وَاسْتِغْفَارٌ)

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: ١٠] {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: ١١] حَيْثُ جَعَلَهُ سَبَبًا لِإِرْسَالِ السَّمَاءِ أَيْ الْغَيْثِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَظَهَرَ وَجْهُ تَرْتِيبِ أَبْوَابِهَا ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاخْتَارَ فِي الْأَسْرَارِ أَيْ لِأَبِي زَيْدٍ وُجُوبَهَا أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِلْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ اهـ.

وَعَلَى هَذَا أَيْ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ إجْمَاعُ مَنْ سِوَى بَعْضِ الْأَصْحَابِ ثُمَّ مَنْ أَوْجَبَهَا مِنْهُمْ قِيلَ إنَّمَا أَوْجَبَهَا لِلشَّمْسِ لَا لِلْقَمَرِ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ وَبِأَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمٌ وَتَأَخَّرَ آخَرُونَ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ تَهَدَّدَ الْمُخَلَّفِينَ، وَقَدْ قَرَنَ الْأَمْرَ بِالصَّلَاةِ فِيهَا بِالْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ وَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ إجْمَاعًا اهـ. كَذَا نَقَلَ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ لَا يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ. .

(قَوْلُهُ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ) أَقُولُ وَيُنَادَى الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لِيَجْتَمِعُوا إنْ لَمْ يَكُون اجْتَمَعُوا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا جَهْرٍ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّانِيَةُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَلَا خُطْبَةٍ) هَذَا بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ أَثَرٌ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ وَبِرُكُوعٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) مُسْتَدْرَكٌ بِقَوْلِهِ كَالنَّفْلِ.

(قَوْلُهُ وَيُطَوِّلُ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا أَيْ الرَّكْعَتَيْنِ) أَقُولُ، وَكَذَا يُطِيلُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ مِقْدَارَ طُولِ الْقِرَاءَةِ.

وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَامَ فِي الْأُولَى بِقَدْرِ الْبَقَرَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ آلِ عِمْرَانَ» وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى الْفَاتِحَةَ وَسُورَةَ الْبَقَرَةِ إنْ كَانَ يَحْفَظُهَا أَوْ مَا يَعْدِلُهَا مِنْ غَيْرِهَا إنْ لَمْ يَحْفَظْهَا فِي الثَّانِيَةِ آلَ عِمْرَانَ أَوْ مَا يَعْدِلُهَا وَيَجُوزُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفُ الدُّعَاءِ وَبِالْقَلْبِ فَإِذَا خَفَّفَ أَحَدَهُمَا طَوَّلَ الْآخَرَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُبْقِي عَلَى الْخُشُوعِ وَالْخَوْفِ إلَى انْجِلَاءِ الشَّمْسِ فَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَقَدْ وُجِدَ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ بَعْدَ سِيَاقِ دَلِيلِ أَفْضَلِيَّةِ التَّطْوِيلِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ حِينَئِذٍ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا سَلَفَ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُطَوِّلَ بِهِمْ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ، وَلَوْ خَفَّفَهَا جَازَ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ ثُمَّ قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّ السَّنَةَ التَّطْوِيلُ وَالْمَنْدُوبُ مُجَرَّدُ اسْتِيعَابِ الْوَقْتِ أَيْ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَهُمَا يَدْعُو) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَيَدْعُو جَالِسًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إنْ شَاءَ أَوْ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ وَيُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ اهـ.

وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَهَذَا الْأَخِيرُ أَحْسَنُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ حَتَّى تَنْجَلِيَ) الْمُرَادُ كَمَالُ الِانْجِلَاءِ لَا ابْتِدَاؤُهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ صَلَّوْا فُرَادَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ لِلصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ فُرَادَى.

(قَوْلُهُ وَالظُّلْمَةِ الْهَائِلَةِ) أَيْ بِالنَّهَارِ وَالرِّيحِ الشَّدِيدِ وَالزَّلَازِلِ وَالصَّوَاعِقِ وَانْتِشَارِ الْكَوَاكِبِ وَالضَّوْءِ الْهَائِلِ بِاللَّيْلِ وَالثَّلْجِ وَالْأَمْطَارِ الدَّائِمَةِ وَعُمُومِ الْأَمْرَاضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْزَاعِ وَالْأَهْوَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْآيَاتِ الْمُخَوِّفَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَاَللَّهُ يُخَوِّفُ عِبَادَهُ لِيَتْرُكُوا الْمَعَاصِيَ وَيَرْجِعُوا إلَى طَاعَتِهِ الَّتِي فِيهَا فَوْزُهُمْ وَخَلَاصُهُمْ وَأَقْرَبُ أَحْوَالِ الْعَبْدِ فِي الرُّجُوعِ إلَى رَبِّهِ الصَّلَاةُ، وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ فِي مَنَازِلِهِمْ.

وَفِي الْمُجْتَبَى قِيلَ الْجَمَاعَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِسُنَّةٍ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

(بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ)

الِاسْتِسْقَاءُ طَلَبُ السُّقْيَا يُقَالُ سَقَى اللَّهُ وَأَسْقَاهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١] {وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا} [المرسلات: ٢٧] كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

وَقَالَ الْكَاكِيُّ الِاسْتِسْقَاءُ طَلَبُ السَّقْيِ وَالسَّقْيُ مَصْدَرٌ وَطَلَبُ الْمَاءِ يَكُونُ فِي ضِمْنِهِ كَالِاسْتِغْفَارِ طَلَبُ الْمَغْفِرَةِ وَغَفْرُ الذُّنُوبِ فِي ضِمْنِهِ.

وَفِي الْمُجْتَبَى الِاسْتِسْقَاءُ طَلَبُ السَّقْيَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْفَزَعِ إلَيْهِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَا جَمَاعَةَ فِيهِ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا يُصَلِّي الْإِمَامُ بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا.

وَفِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَفِي الْخُجَنْدِيِّ مَعَ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ قَالَهُ الشَّلَبِيُّ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ وَلَا خُطْبَةَ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْجَمَاعَةِ وَلَا جَمَاعَةَ فِيهَا عِنْدَهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلَاةِ خُطْبَةً وَاحِدَةً.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ خُطْبَتَيْنِ وَيَكُونُ مُعْظَمُ الْخُطْبَةِ عِنْدَهُمَا الِاسْتِغْفَارَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ بَلْ هُوَ دُعَاءٌ) أَقُولُ وَذَلِكَ أَنْ يَدْعُوَ الْإِمَامُ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ رَافِعًا يَدَيْهِ وَالنَّاسُ قُعُودٌ مُسْتَقْبِلِينَ الْقِبْلَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ بِاَللَّهُمِ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ مُجَلَّلًا سَحًّا طَبَقًا دَائِمًا وَمَا أَشْبَهَهُ سِرًّا وَجَهْرًا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>