للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الْعَدُوُّ بِقُرْبٍ مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَبِمُقَابِلَتِهِمْ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِبُعْدٍ مِنْهُمْ أَوْ ظَنُّوا عَدُوًّا بِأَنْ رَأَوْا سَوَادًا أَوْ غُبَارًا فَصَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ فَظَهَرَ غَيْرُ ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُمْ.

(جَعَلَ الْإِمَامُ طَائِفَةً بِإِزَاءِ الْمَخُوفِ وَصَلَّى بِأُخْرَى رَكْعَةً لَوْ) كَانَ (مُسَافِرًا أَوْ فِي الْفَجْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدَيْنِ، وَ) صَلَّى (رَكْعَتَيْنِ لَوْ) كَانَ (مُقِيمًا وَفِي غَيْرِ الثُّنَائِيِّ) هَكَذَا قَالَ لِيَتَنَاوَلَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ فَإِنَّ حُكْمَهَا كَحُكْمِ الرُّبَاعِيِّ (وَمَضَوْا إلَى الْمَخُوفِ وَجَاءَتْ الْأُخْرَى وَصَلَّى بِهِمْ مَا بَقِيَ) مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي الرُّبَاعِيِّ وَرَكْعَةٍ فِي الثُّلَاثِيِّ (وَسَلَّمَ) الْإِمَامُ (وَحْدَهُ وَذَهَبُوا) أَيْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ (إلَيْهِ) أَيْ الْمَخُوفِ (وَجَاءَتْ) الطَّائِفَةُ (الْأُولَى وَأَتَمُّوا) صَلَاتَهُمْ (بِلَا قِرَاءَةٍ وَسَلَّمُوا) ؛ لِأَنَّهُمْ لَاحِقُونَ فَكَأَنَّهُمْ خَلْفَ الْإِمَامِ (ثُمَّ) جَاءَ (الْأُخْرَى وَأَتَمُّوا) صَلَاتَهُمْ (بِقِرَاءَةٍ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَسْبُوقُونَ (وَإِنْ اشْتَدَّ خَوْفُهُمْ صَلَّوْا رُكْبَانًا فُرَادَى بِالْإِيمَاءِ إلَّا جِهَةَ قُدْرَتِهِمْ) فَإِنْ قَدَرُوا عَلَى تَوَجُّهِ الْقِبْلَةِ تَوَجَّهُوا إلَيْهَا وَإِلَّا فَإِلَى مَا يَقْدِرُونَ عَلَى التَّوَجُّهِ إلَيْهِ.

(وَتَفْسُدُ) صَلَاتُهُمْ (بِالْقِتَالِ وَالْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ) ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ.

(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ)

(صَحَّ فِيهَا النَّفَلُ) وِفَاقًا (وَالْفَرْضُ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (مُنْفَرِدًا وَبِجَمَاعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وُجُوهُهُمْ إلَّا لِمَنْ قَفَاهُ إلَى وَجْهِ الْإِمَامِ) فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ إمَامَهُ وَمَنْ سِوَاهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ (كَذَا لَوْ تَحَلَّقُوا) أَيْ صَحَّ صَلَاتُهُمْ (فِيهَا، وَلَوْ) كَانَ (بَعْضُهُمْ قُدَّامَ الْإِمَامِ مُسْتَقْبِلًا) بِوَجْهِهِ (إلَيْهِ اقْتَدُوا مِنْ الْجَوَانِبِ لَوْ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (مِنْ الْإِمَامِ جَازَ) اقْتِدَاؤُهُ (إلَّا لِمَنْ فِي جَانِبِهِ) لِتَقَدُّمِهِ عَلَى

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ ظَنُّوا عَدُوًّا. . . إلَخْ) قَيَّدَ بُطْلَانَ الصَّلَاةِ بِظُهُورِهِ غَيْرِ مَا ظَنُّوا وَهُوَ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا تَجَاوَزَتْ الطَّائِفَةُ الصُّفُوفَ فَإِذَا لَمْ يَتَجَاوَزْ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ مَا ظَنُّوا بَنَوْا اسْتِحْسَانًا كَمَنْ انْصَرَفَ عَلَى ظَنِّ الْحَدَثِ يَتَوَقَّفُ الْفَسَادُ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ عَلَى مُجَاوَزَةِ الصُّفُوفِ وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ جَوَازَهَا لَوْ ظَهَرَ كَمَا ظَنُّوا وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ.

(قَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُمْ) يَعْنِي إلَّا الْإِمَامَ لِعَدَمِ الْمُفْسِدِ فِي حَقِّهِ.

(قَوْلُهُ جَعَلَ الْإِمَامُ طَائِفَةً. . . إلَخْ)

قَالَ الْكَمَالُ اعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا تَلْزَمُ إذَا تَنَازَعَ الْقَوْمُ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَنَازَعُوا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ تَمَامَ الصَّلَاةِ وَيُصَلِّي بِالْأُخْرَى إمَامٌ آخَرُ تَمَامَهَا اهـ.

وَهُنَاكَ كَيْفِيَّاتٌ أُخْرَى مَعْلُومَةٌ فِي الْخِلَافِيَّاتِ، وَذَكَرَ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ الْكُلَّ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَمَضَوْا إلَى الْمَخُوفِ) أَيْ مُشَاةً لِمَا سَنَذْكُرُهُ.

(قَوْلُهُ وَرَكْعَةٍ فِي الثُّلَاثِيِّ) أَيْ لَوْ الثُّنَائِيُّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَدَّ خَوْفُهُمْ صَلَّوْا رُكْبَانًا) اشْتِدَادُهُ هُنَا أَنْ لَا يَدَعَهُمْ الْعَدُوُّ يُصَلُّونَ نَازِلِينَ بَلْ يَهْجُمُ بِالْمُحَارَبَةِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: صَلَّوْا رُكْبَانًا فُرَادَى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ حَالَ رُكُوبِهِمْ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمُقْتَدِي وَالْإِمَامُ عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ بِالْقِتَالِ) أَيْ إذَا كَانَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ، وَلَوْ قَاتَلَ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ كَالرَّمْيَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَقَدْ أَوْرَدَ صَاحِبُ الْبُرْهَانِ نَقْضًا عَلَى هَذَا وَهُوَ جَوَازُ قَتْلِ الْحَيَّةِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ عَلَى الظَّاهِرِ اهـ قُلْتُ وَجَوَابُهُ مَا فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّ قَتْلَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مُسْتَثْنًى بِالنَّصِّ أَيْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَالْمُعَالَجَةِ ثَمَّ أَقَلُّ ظَاهِرًا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ دَلَالَةٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمَشْيُ) أَقُولُ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ وَافَقَهُ افْتِتَاحُهَا حَالَةَ كَوْنِهِ مَاشِيًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي حَيْثُ قَالَ وَلَمْ تَجُزْ لِمَاشٍ أَيْ إنْ كَانَ مَاشِيًا هَارِبًا مِنْ الْعَدُوِّ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوَقْفُ لِيُصَلِّيَ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي مَاشِيًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ اهـ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَشْيِ فِيهَا لِغَيْرِ إرَادَةِ الِاصْطِفَافِ بِمُقَابَلَةِ الْعَدُوِّ أَمَّا الْمَشْيُ لِلِاصْطِفَافِ فَمُسْتَفَادٌ جَوَازُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَذَهَبُوا ثُمَّ جَاءُوا وَبِهِ صَرَّحَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ كَالتَّبْيِينِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْبَدَائِعِ وَعِبَارَتُهَا، وَلَوْ رَكِبَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَهُوَ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَشْيِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى يَصْطَفُّوا بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ. اهـ.

١ -

(تَتِمَّةٌ) حَمْلُ السِّلَاحِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْخَوْفِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَنَا لَا وَاجِبٌ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] الْآيَةَ قُلْنَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ؛ لِأَنَّ حَمْلَهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِهَا فَلَا يَجِبُ فِيهَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

[بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ]

(بَابُ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ) فِي الْبَابِ زِيَادَةٌ عَنْ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ حَسَنٌ.

(قَوْلُهُ وَبِجَمَاعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وُجُوهُهُمْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ وَجْهُ الْمُقْتَدِي بِجَنْبِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَكَذَا لَمَّا إذَا كَانَ وَجْهُهُ لِوَجْهِهِ، وَإِنْ كُرِهَ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ.

(قَوْلُهُ: كَذَا لَوْ تَحَلَّقُوا فِيهَا. . . إلَخْ) مُسْتَدْرَكٌ بِقَوْلِهِ وَبِجَمَاعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ وُجُوهُهُمْ.

(قَوْلُهُ اقْتَدَوْا مِنْ الْجَوَانِبِ لَوْ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ جَازَ) أَقُولُ لَوْ أَتَى بِوَاوِ الْحَالِ مَكَانَ لَوْ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ بَعْضُهُمْ كَمَا فَعَلَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ إلَّا لِمَنْ فِي جَانِبِهِ) أَيْ إذَا تَمَحَّضَ كَوْنُهُ فِي جِهَةِ إمَامِهِ. وَأَمَّا إذَا وَقَفَ مُسَامِتًا لِرُكْنٍ فِي جَانِبِ الْإِمَامِ وَكَانَ أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الصِّحَّةِ احْتِيَاطًا لِتَرْجِيحِ جِهَةِ الْإِمَامِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَهَذِهِ صُورَتُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>