للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَأُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ وَدُفِنَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ كَصَبِيِّ سُبِيَ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَلَوْ) سُبِيَ (بِدُونِهِ أَوْ بِهِ فَأَسْلَمَ هُوَ أَوْ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حُكْمًا

(كَافِرٌ مَاتَ) عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا (يُغَسِّلُهُ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ) مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ أَقَارِبِهِ (لَا كَالْمُسْلِمِ) أَيْ لَا غُسْلًا كَغُسْلِ الْمُسْلِمِ (وَيُلْقِهِ فِي خِرْقَةٍ وَيَدْفِنُهُ فِي حَفِيرَةٍ)

(تُحْمَلُ الْجِنَازَةُ بِوَضْعِ مُقَدَّمِهَا ثُمَّ مُؤَخَّرِهَا عَلَى) الْكَتِفِ (الْيَمِينِ كَذَا الْيَسَارُ) يَعْنِي تُحْمَلُ بِوَضْعِ مُقَدَّمِهَا ثُمَّ مُؤَخَّرِهَا عَلَى الْكَتِفِ الْيَسَارِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

ابْتِدَاءً بِحُرْضٍ وَسِدْرٍ (قَوْلُهُ: فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) أَقُولُ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ فِي الْمُخْتَارِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ لَمَّا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أُدْرِجَ فِي خِرْقَةٍ كَرَامَةً لِبَنِي آدَمَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَيْنَا وَيُغَسَّلُ فِي غَيْرِ الظَّاهِرِ مِنْ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُ نَفْسٌ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ اهـ.

وَقَالَ فِي الْمِعْرَاجِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ (قَوْلُهُ: كَصَبِيِّ سَبْيٍ بِأَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَيْ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ تَبَعًا لَهُ وَالْمَجْنُونُ الْبَالِغُ كَالصَّبِيِّ كَمَا الْبَحْرِ وَالتَّبَعِيَّةُ إنَّمَا هِيَ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا لَا فِي الْعُقْبَى فَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّ أَطْفَالَهُمْ فِي النَّارِ أَلْبَتَّةَ بَلْ فِيهِ خِلَافٌ قِيلَ يَكُونُونَ خَدَمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَقِيلَ إنْ كَانُوا قَالُوا بَلَى يَوْمَ أَخْذِ الْعَهْدِ عَنْ اعْتِقَادٍ فَفِي الْجَنَّةِ وَإِلَّا فَفِي النَّارِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ فِيهِمْ إنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا بِغَيْرِ ذَنْبٍ وَهَذَا نَفْيٌ لِهَذَا التَّفْصِيلِ وَتَوَقَّفَ فِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالتَّوَقُّفُ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَوْلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَرْدُودٌ عَلَى الرَّاوِي كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِ) أَيْ بِأَحَدِ أَبَوَيْهِ فَأَسْلَمَ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَقْدِيمِ تَبَعِيَّةِ أَحَدِ أَبَوَيْنِ عَلَى الدَّارِ وَالسَّابِي، وَاخْتُلِفَ فِي تَقْدِيمِ الدَّارِ وَالسَّابِي بَعْدَ تَبَعِيَّةِ الْوِلَادَةِ فَاَلَّذِي فِي الْهِدَايَةِ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ.

وَفِي الْمُحِيطِ تَبَعِيَّةُ الْيَدِ ثُمَّ الدَّارِ قَالَ الْكَمَالُ وَلَعَلَّهُ أَيْ مَا فِي الْمُحِيطِ أَوْلَى، فَإِنَّ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ صَبِيٌّ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَمَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُجْعَلُ مُسْلِمًا تَبَعًا لِصَاحِبِ الْيَدِ اهـ.

وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ كَشْفِ الْأَسْرَارِ شَرْحَ أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ ذِمِّيٌّ صَبِيًّا وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَمَاتَ الصَّبِيُّ، فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيَصِيرُ مُسْلِمًا بِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْآخِذُ حَتَّى وَجَبَ تَخْلِيصُهُ مِنْ يَدِهِ اهـ قَالَ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْمُحِيطِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ تَقْدِيمًا لِتَبَعِيَّةِ الْيَدِ عَلَى الدَّارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّبِيُّ) يَعْنِي إذَا كَانَ يَعْقِلُ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي بَابِ الْمُرْتَدِّينَ وَقَيَّدَهُ بِهِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْقِلُ صِفَةَ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ وَالْقَدْرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنْ اللَّهِ» وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَعْقِلُ الْمَنَافِعَ وَالْمَضَارَّ وَأَنَّ الْإِسْلَامَ هُدًى وَاتِّبَاعَهُ خَيْرٌ وَالْكُفْرَ ضَلَالَةٌ وَاتِّبَاعَهُ شَرٌّ اهـ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا يَظْهَرُ مِنْ التَّوَقُّفِ فِي جَوَابِ مَا الْإِيمَانُ مَا الْإِسْلَامُ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَذْكُرَ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ وَمَا يُوجِبُ الْإِيمَانُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ هَلْ أَنْتَ مُصَدِّقٌ بِهَذَا، فَإِذَا قَالَ نَعَمْ كَانَ ذَلِكَ كَافِيًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ حُكْمًا) يَعْنِي فِي صُورَةِ التَّبَعِيَّةِ أَمَّا إذَا أَسْلَمَ هُوَ فَهُوَ مُسْلِمٌ حَقِيقَةً

(قَوْلُهُ: يُغَسِّلُهُ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ وَلَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ عِبَارَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَمَا دَفَعَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَرِيبَ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى نَفْسِ التَّعْبِيرِ بِهِ بَعْدَ إرَادَةِ الْقَرِيبِ بِهِ اهـ وَقَالَ فِي الْكَافِي: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مُسْلِمٌ دُفِعَ إلَى أَهْلِ دِينِهِ، وَإِنَّمَا يَقُومُ الْمُسْلِمُ بِغُسْلِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ قَرِيبٌ مُشْرِكٌ، فَإِنْ كَانَ فَلَا يَتَوَلَّى الْمُسْلِمُ بِنَفْسِهِ اهـ.

وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِمَا فِي الْعِنَايَةِ عَنْ الْأَصْلِ كَافِرٌ مَاتَ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ وَيَدْفِنُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مِنْ أَقْرِبَائِهِ الْكُفَّارِ مَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّةَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَالْأَوْلَى أَنْ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْبُرْهَانِ وَيَتْبَعُ الْجِنَازَةَ مِنْ بَعِيدٍ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ كُفْرُهُ عَنْ ارْتِدَادٍ، فَإِنْ كَانَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ يُحْفَرُ لَهُ حَفِيرَةٌ وَيُلْقَى فِيهَا كَالْكَلْبِ وَلَا يُدْفَعُ إلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِهِمْ صَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ مَا كِتَابٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَقَارِبِهِ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا غُسْلًا كَغُسْلِ الْمُسْلِمِ) ذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يُغَسَّلُ الْكَافِرُ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عَامَّةٌ فِي بَنِي آدَمَ وَلِأَنَّهُ حَالُ رُجُوعِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِ لَا تَطْهِيرًا حَتَّى لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ أَفْسَدَهُ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ وَيَدْفِنُهُ فِي حُفْرَةٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ لَحْدٍ وَلَا تَوْسِعَةٍ كَمَا فِي الْكَافِي وَيُلْقَى فِي الْحَفِيرَةِ وَلَا يُوضَعُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِذَا مَاتَ الْمُسْلِمُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا قَرِيبٌ كَافِرٌ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلِيَ ذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْكَافِرُ قَبْرَ قَرَابَتِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَدْفِنَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا لَا يَخْفَى

[كَيْفِيَّة حمل الْجِنَازَة]

(قَوْلُهُ بِوَضْعِ مُقَدَّمِهَا ثُمَّ مُؤَخَّرِهَا. . . إلَخْ) الْيَمِينُ الْمُقَدَّمُ هُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ وَهُوَ يَسَارُ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُوضَعُ عَلَيْهَا عَلَى قَفَاهُ فَكَانَ يَمِينُ الْمَيِّتِ هُوَ يَسَارَهَا وَيَسَارُهَا يَمِينَهُ وَفِي حَالَةِ الْمَشْيِ يُقَدَّمُ الرَّأْسُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ عَشْرَ خُطُوَاتٍ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ حَمَلَ جِنَازَةً أَرْبَعِينَ خُطْوَةً كَفَّرَتْ عَنْهُ أَرْبَعِينَ كَبِيرَةً»

<<  <  ج: ص:  >  >>