للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ أَخَّرَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ

(لَا يَبْقَى لِلتِّجَارَةِ مَا اشْتَرَاهُ لَهَا فَنَوَى خِدْمَتَهُ ثُمَّ لَا يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ) وَإِنْ نَوَاهُ لَهَا (مَا) دَامَ (لَمْ يَبِعْهُ) مَثَلًا اشْتَرَى أَمَةً لِلتِّجَارَةِ فَنَوَاهَا لِلْخِدْمَةِ بَطَلَتْ الزَّكَاةُ لِاتِّصَالِ النِّيَّةِ بِالْإِمْسَاكِ لِلِاسْتِخْدَامِ، وَإِنْ نَوَى التِّجَارَةَ بَعْدَهُ لَمْ تَكُنْ لِلتِّجَارَةِ حَتَّى يَبِيعَهَا فَيَكُونَ فِي ثَمَنِهَا زَكَاةٌ إنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِعَدَمِ اتِّصَالِ النِّيَّةِ بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّجِرْ فَلَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ وَلِهَذَا يَصِيرُ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَلَا يَكُونُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا بِهَا إلَّا بِالسَّفَرِ (مَا وَرِثَهُ لَا يَكُونُ لِلتِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ) ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَتَّصِلْ بِالْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمَوْرُوثَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَارِثِ جَبْرًا بِلَا صُنْعِهِ وَلِهَذَا يَرِثُ الْجَنِينُ وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْعَمَلُ (حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهِ) لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِالْعَمَلِ (إلَّا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ) كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ

(وَمَا مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ عَنْ قَوَدٍ كَانَ لَهَا) أَيْ لِلتِّجَارَةِ (بِالنِّيَّةِ) لِاقْتِرَانِهَا بِعَمَلٍ هُوَ قَبُولُ الْعَقْدِ هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقَارِنْ عَمَلَهَا وَقِيلَ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ

[زَكَاةَ اللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ]

(لَا زَكَاةَ فِي اللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ) كَالْعَلِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ وَأَمْثَالِهَا كَذَا فِي الْكَافِي (إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ) كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة

[بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ]

هِيَ جَمْعُ سَائِمَةٍ (هِيَ الْمُكْتَفِيَةُ بِالرَّعْيِ) بِالْكَسْرِ الْكَلَأُ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَمَصْدَرٌ (فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ) حَتَّى لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ لَا تَكُونُ سَائِمَةً فَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ (نِصَابُ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَفِي كُلِّ خَمْسٍ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بُخْتٌ) جَمْعُ بُخْتِيٍّ وَهُوَ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ) .، فَإِنَّهُ قَالَ يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ الزَّكَاةِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُنْتَقَى وَهُوَ عَيْنُ مَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنَّ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ هِيَ الْمَحْمَلُ عِنْدَ إطْلَاقِ اسْمِهَا عَنْهُمْ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ. . . إلَخْ) هَذَا بِخِلَافِ الْحَجِّ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِتَأْخِيرِهِ عِنْدَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ فَيَأْثَمُ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِمْ لَا خَالِصِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ عَكْسُهُ قَالَ الْكَمَالُ فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ الثَّلَاثَةِ وُجُوبُ فَوْرِيَّةِ الزَّكَاةِ، وَالْحَقُّ تَعْمِيمُ رَدِّ شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ رَدَّهَا شُرِطَ بِالْمَأْثَمِ وَقَدْ تَحَقَّقَ فِي الْحَجِّ أَيْضًا مَا يُوجِبُ الْفَوْرَ اهـ.

وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِي عَلَى فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعْزُوًّا لِفَتَاوَى قَاضِي خَانْ الصَّحِيحُ أَنَّ تَأْخِيرَ الزَّكَاةِ لَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ اهـ.

وَلَكِنِّي لَمْ أَرَهُ بِنُسْخَتِي مِنْهُ

(قَوْلُهُ: لِاتِّصَالِ النِّيَّةِ بِالْإِمْسَاكِ) أَقُولُ حَاصِلُ هَذَا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ لَا يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَمَا كَانَ مِنْ التُّرُوكِ كَفَى فِيهِ مُجَرَّدُهَا فَالتِّجَارَةُ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ النِّيَّةِ بِخِلَافِ تَرْكِهَا وَنَظِيرُهُ السَّفَرُ وَالْفِطْرُ وَالْإِسْلَامُ وَالْإِسَامَةُ لَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَّا بِالْعَمَلِ وَتَثْبُتُ أَضْدَادُهَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا وَلَا مُفْطِرًا وَلَا مُسْلِمًا وَلَا الدَّابَّةُ سَائِمَةً بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بَلْ بِالْعَمَلِ وَيَصِيرُ الْمُسَافِرُ مُقِيمًا وَالْمُمْسِكُ بِلَا فِطْرٍ صَائِمًا وَالْمُسْلِمُ كَافِرًا وَالدَّابَّةُ عَلُوفَةً بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الْأُمُورِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَعَلَّلَ فِي الْكَافِي عَدَمَ الْإِسْلَامِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِأَنَّهَا لَمْ تَتَّصِلْ بِالْمَنْوِيِّ إذْ الْإِيمَانُ تَصْدِيقٌ بِالْجَنَانِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَعَلَّلَ كُفْرَ الْمُسْلِمِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ بِأَنَّهَا اتَّصَلَتْ بِالْمَنْوِيِّ وَهُوَ تَرْكُ اعْتِقَادِ حَقِيقَةِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.

(بَابُ صَدَقَةِ السَّوَائِمِ)

أَيْ زَكَاتِهَا قَالُوا حَيْثُ أُطْلِقَتْ الصَّدَقَةُ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ فَالْمُرَادُ بِهَا الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الْمُكْتَفِيَةُ بِالرَّعْيِ. . . إلَخْ) .

أَرَادَ بِهِ تَعْرِيفَهَا الْفِقْهِيَّ وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى مِثْلِ تَعْرِيفِهِ فِي الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ اعْتَرَضَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ تَفْسِيرُ السَّائِمَةِ الَّتِي فِيهَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِالْأَعَمِّ إذْ بَقِيَ قَيْدُ كَوْنِ ذَلِكَ لِغَرَضِ النَّسْلِ وَالدَّرِّ وَالتَّسْمِينِ وَإِلَّا فَيَشْمَلُ الْإِسَامَةَ لِغَرَضِ الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ انْتَهَى قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا هَذَا الْقَيْدَ لِتَصْرِيحِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا كَانَ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ اهـ.

وَفِي قَوْلِ النِّهَايَةِ وَالتَّسْمِينِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا إنَاثًا فَقَطْ أَوْ ذُكُورًا فَقَطْ أَوْ مُخْتَلِطَةً فَالْمُرَادُ نَفْيُ كَوْنِ الْإِسَامَةِ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَالتِّجَارَةِ لَكِنْ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ أَسَامَهَا لِلَّحْمِ لَا زَكَاةَ فِيهَا كَالْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَأَمَّا تَعْرِيفُ السَّائِمَةِ لُغَةً فَهِيَ الَّتِي تَرْعَى وَلَا تُعْلَفُ فِي الْأَهْلِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: الرَّعْيُ بِالْكَسْرِ الْكَلَأُ وَبِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ) أَقُولُ وَالْمُنَاسِبُ هُنَا ضَبْطُهُ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّ السَّائِمَةَ فِي الْفِقْهِ هِيَ مَا قَدَّمْنَا تَعْرِيفَهَا فَلَوْ حُمِلَ إلَيْهَا الْكَلَأُ إلَى الْبَيْتِ لَا تَكُونُ سَائِمَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: نِصَابُ الْإِبِلِ) أَقُولُ الْإِبِلُ اسْمُ جِنْسٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ كَقَوْمٍ وَنِسَاءٍ وَسُمِّيَتْ إبِلًا؛ لِأَنَّهَا تَبُولُ عَلَى أَفْخَاذِهَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا إبَلِيٌّ بِفَتْحِ الْبَاءِ لِتَوَالِي الْكَسَرَاتِ مَعَ الْيَاءِ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَفِي كُلِّ خَمْسٍ. . . إلَخْ) أَقُولُ لَمْ يَصِفْهَا بِالذَّوْدِ كَمَا قَالَ الْقُدُورِيُّ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ أَنَّ تَاجَ الشَّرِيعَةِ قَالَ الذَّوْدُ فِي الْإِبِلِ مِنْ الثَّلَاثِ إلَى الْعَشْرِ مِنْ الْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ انْتَهَى فَلَمَّا كَانَ الذَّوْدُ خَاصًّا بِالْإِنَاثِ وَالْحُكْمُ أَعَمَّ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ كَصَاحِبِ الْكَنْزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>