للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ خُمُسٍ زَادَ عَلَى النِّصَابِ رُبُعُ عُشْرٍ بِحِسَابِهِ) ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي الْكُسُورِ لَا تَجِبُ عِنْدَنَا إلَّا إذَا بَلَغَ خُمُسَ النِّصَابِ، فَإِذَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا زَادَ فِي الزَّكَاةِ دِرْهَمٌ وَفِي ثَمَانِينَ دِرْهَمَانِ وَلَا شَيْءَ فِي الْأَقَلِّ (مَا غَلَبَ خَالِصُهُ خَالِصٌ) أَيْ فِي حُكْمِ الْخَالِصِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً (وَمَا غَلَبَ غِشُّهُ يُقَوَّمُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ (وَاخْتُلِفَ فِي الْمُسَاوِي) يَعْنِي إذَا كَانَ الْغِشُّ وَالْفِضَّةُ سَوَاءً ذَكَرَ أَبُو النَّصْرِ أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ احْتِيَاطًا وَقِيلَ لَا تَجِبُ وَقِيلَ يَجِبُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ

(نُقْصَانُ النِّصَابِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا عَلَى النِّصَابِ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ إلَّا فِي النِّصَابِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَلَا عِبْرَةَ لِمَا بَيْنَهُمَا إذْ قَلَّمَا يَبْقَى الْحَالُ حَوْلًا عَلَى حَالِهِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ النِّصَابِ لِيُضَمَّ الْمُسْتَفَادُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْكُلِّ يُبْطِلُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ إذْ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ بِلَا مَالٍ (تُضَمُّ قِيمَةُ الْعُرُوضِ إلَى الثَّمَنَيْنِ) يَعْنِي إذَا مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ عَشْرَ دَنَانِيرَ وَمَلَكَ عَرْضًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ عَشْرَةُ دَنَانِيرَ وَجَبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ لِلتِّجَارَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِهَةُ الْإِعْدَادِ إذْ الثَّمَنَانِ لِلتِّجَارَةِ وَضْعًا وَالْعُرُوضِ جَعْلًا.

(وَ) يُضَمُّ (الذَّهَبُ إلَى الْفِضَّةِ قِيمَةً لَا أَجْزَاءً) وَعِنْدَهُمَا أَجْزَاءً حَتَّى لَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةَ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ تَجِبُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا وَلَوْ مَلَكَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةَ دَنَانِيرَ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا يُضَمُّ إجْمَاعًا وَلَا يَظْهَرُ الِاخْتِلَافُ عِنْدَ تَكَامُلِ الْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا مَتَى انْتَقَصَتْ تَزْدَادُ قِيمَةُ الْآخَرِ فَيُمْكِنُ تَكْمِيلُ مَا انْتَقَصَ قِيمَتُهُ بِمَا ازْدَادَ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الْخِلَافُ حَالَ نُقْصَانِ الْأَجْزَاءِ

(بَابُ الْعَاشِرِ)

(هُوَ مَنْ نُصِّبَ) أَيْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَلَى الطَّرِيقِ (لِأَخْذِ صَدَقَةِ التُّجَّارِ) لِيَأْمَنُوا مِنْ اللُّصُوصِ وَكَمَا يَأْخُذُهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ يَأْخُذُهَا مِنْ الْبَاطِنَةِ الَّتِي مَعَ التُّجَّارِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي الْكُسُورِ لَا تَجِبُ عِنْدَنَا إلَّا إذَا بَلَغَ خُمُسَ النِّصَابِ) أَقُولُ الْمُرَادُ بُلُوغُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ لَا يَضُمُّ إحْدَى الزِّيَادَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى لِيُتِمَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةَ مَثَاقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْكُسُورِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمْ يَضُمُّ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي الْكُسُورِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمَا غَلَبَ غِشُّهُ يُقَوَّمُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ) أَقُولُ لَمْ يُبَيِّنْ بِمَاذَا يُقَوَّمُ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنْ غَلَبَ الْغِشُّ كَالسَّتُّوقَةِ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ رَائِجَةً أَوْ نَوَى التِّجَارَةَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهَا، فَإِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا مِنْ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَهِيَ الَّتِي غَلَبَتْ فِضَّتُهَا وَجَبَ فِيهَا الزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَثْمَانًا رَائِجَةً وَلَا مَنْوِيَّةً لِلتِّجَارَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِأَنْ كَانَتْ كَثِيرَةً وَتَتَخَلَّصُ مِنْ الْغِشِّ، فَإِنْ كَانَ مَا فِيهَا لَا يَتَخَلَّصُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ فِيهَا قَدْ هَلَكَتْ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ الظَّاهِرُ أَنَّ خُلُوصَ الْفِضَّةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّرَاهِمِ فِضَّةٌ بِقَدْرِ النِّصَابِ. اهـ.

(فَرْعٌ) الْفُلُوسُ إنْ كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً أَوْ سِلَعًا لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهَا وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: ذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ أَنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ احْتِيَاطًا) اخْتَارَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَجِبُ) قَالَ مَوْلَانَا الْبُرْهَانُ الطَّرَابُلُسِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَذَا الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِهِ اهـ قُلْت وَعَلَّلَهُ الْبُرْهَانُ بِعَدَمِ الْغَلَبَةِ الْمَشْرُوطَةِ لِلْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجِبُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ) عَلَّلَهُ فِي الْبُرْهَانِ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهَيْ الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ

[نُقْصَانُ النِّصَابِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ]

(قَوْلُهُ: نُقْصَانُ النِّصَابِ. . . إلَخْ) مِنْ صُوَرِهِ مَا إذَا مَاتَ غَنَمُ التِّجَارَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ فَدَبَغَ جِلْدَهَا وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَيْهِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا زَكَّاهُ بِخِلَافِ عَصِيرٍ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لِانْعِدَامِ النِّصَابِ بِالتَّخَمُّرِ وَبَقَاءِ جُزْءٍ مِنْهُ وَهُوَ الصُّفُوفُ فِي الْأَوَّلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَنَصَّ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَوْلِ لَا يَنْقَطِعُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَصِيرِ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا.

وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا مَتَى انْتَقَضَتْ. . . إلَخْ) مِثَالُهُ إذَا كَانَ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا أَدْنَى مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ تُضَمُّ الدَّرَاهِمُ إلَى الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ قِيمَةً عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيَكْمُلُ بِهَا نِصَابُ الذَّهَبِ قِيمَةً

[بَابُ الْعَاشِرِ]

أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَمَّا قَبْلَهُ لِتَمَحُّضِ مَا قَبْلَهُ فِي الْعِبَادَةِ وَهَذَا يَشْمَلُ غَيْرَ الزَّكَاةِ كَالْمَأْخُوذِ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ وَلَمَّا كَانَ فِي عِبَادَةٍ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ قَدَّمَهُ عَلَى الْخُمُسِ مِنْ الرِّكَازِ وَالْعَاشِرُ فَاعِلٌ مِنْ عَشَرْت الْقَوْمَ أَعْشُرُهُمْ عُشْرًا بِالضَّمِّ فِيهِمَا إذَا أَخَذْت عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ وَبِالْكَسْرِ صِرْت عَاشِرَهُمْ عَدَدًا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيُّ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَدُورُ اسْمُ الْعُشْرِ فِي مُتَعَلِّقِ أَخْذِهِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ الْعُشْرَ مِنْ الْحَرْبِيِّ لَا الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: هُوَ مَنْ نَصَّبَهُ. . . إلَخْ) عَرَّفَهُ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي نَصْبِهِ لِأَخْذِ الصَّدَقَاتِ إعَانَةً لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَدَاءِ الزَّكَاةِ وَمَا عَدَاهَا مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَافِرِ تَابِعٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَنْصِيصِهِ بِالذِّكْرِ وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ فَغَلَبَ الصَّدَقَاتُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمَأْخُوذَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: لِيَأْمَنُوا مِنْ اللُّصُوصِ) أَشَارَ بِهِ إلَى قَيْدٍ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَنْ يَأْمَنَ بِهِ التُّجَّارُ مِنْ اللُّصُوصِ وَيَحْمِيَهُمْ مِنْهُمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>