للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفْعُ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ لِيَحُجَّ) ذَلِكَ الْغَيْرُ (عَنْ الْمَيِّتِ إلَّا إذَا قِيلَ لَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (وَقْتَ الدَّفْعِ اصْنَعْ مَا شِئْت فَحِينَئِذٍ جَازَ) دَفْعُهُ (مَرِضَ أَوْ لَا) لِأَنَّهُ صَارَ وَكِيلًا مُطْلَقًا

(خَرَجَ إلَى الْحَجِّ وَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَأَوْصَى بِالْحَجِّ عَنْهُ إنْ فُسِّرَ شَيْءٌ فَالْأَمْرُ عَلَى مَا فُسِّرَ وَإِلَّا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ إنْ وَفَّى بِهِ ثُلُثَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَحُجُّ مِنْ حَيْثُ مَاتَ) هَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

(أَوْصَى بِالْحَجِّ فَتَطَوَّعَ عَنْهُ رَجُلٌ لَمْ يُجْزِهِ) كَذَا فِي التَّجْرِيدِ

(وَمَنْ حَجَّ عَنْ آمِرَيْهِ) يَعْنِي رَجُلًا أَمَرَهُ رَجُلَانِ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُمَا فَحَجَّ لَمْ يَقَعْ عَنْهُمَا، بَلْ (يَقَعُ عَنْهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (وَضَمِنَ مَالَهُمَا) إنْ أَنْفَقَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَرَفَ نَفَقَةَ الْآمِرِ إلَى حَجِّ نَفْسِهِ (وَلَا يَجْعَلُهُ) أَيْ لَا يَقْدِرُ الْمَأْمُورُ أَنْ يَجْعَلَ الْحَجَّ (عَنْ أَحَدِهِمَا) وَلَكِنْ (جَازَ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) فَإِنَّهُ إنْ حَجَّ عَنْهُمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِجَعْلِ ثَوَابِ عَمَلِهِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا وَفِي الْأَوَّلِ يَفْعَلُ بِحُكْمِ الْآمِرِ، وَقَدْ خَالَفَهُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فُلَانٍ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّلْبِيَةِ لَمَّا فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ. . . إلَخْ وَأَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي عَنْ فُلَانٍ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا فِي نِيَّةِ الْحَجِّ فَيَصِيرُ بِهِ مُخَالِفًا

[خَرَجَ إلَى الْحَجِّ وَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَأَوْصَى بِالْحَجِّ عَنْهُ]

(قَوْلُهُ: خَرَجَ إلَى الْحَجِّ وَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ وَأَوْصَى. . . إلَخْ) أَقُولُ وَلَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ عَلَى مَا قَالَ فِي التَّجْنِيسِ إنَّمَا يَجِبُ الْإِيصَاءُ بِالْحَجِّ عَلَى مَنْ قَدَرَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحَجِّ حَتَّى مَاتَ فَأَمَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَخَرَجَ عَنْ عَامِهِ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ بِالْحَجِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ بَعْدَ الْإِيجَابِ قَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ إنْ وَفَّى بِهِ ثُلُثَهُ) قَالَ قَاضِي خَانْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَطَنَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ أَقْرَبِهِمَا إلَى مَكَّةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ مَاتَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْصَى بِالْحَجِّ فَتَطَوَّعَ عَنْهُ رَجُلٌ لَمْ يُجْزِهِ) أَطْلَقَ الرَّجُلَ الْمُتَطَوِّعَ فَشَمِلَ الْوَارِثَ وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِقَوْلِهِ الْمَيِّتُ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمَالِهِ فَتَبَرَّعَ عَنْهُ الْوَارِثُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَجُوزُ. اهـ.

قُلْت يَعْنِي لَا يَجُوزُ عَنْ فَرْضِ الْمَيِّتِ وَإِلَّا فَلَهُ ثَوَابُ ذَلِكَ الْحَجِّ اهـ.

وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَتَبَرَّعَ عَنْهُ الْوَارِثُ بِالْإِحْجَاجِ أَوْ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجْزِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَإِنْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ ابْنُهُ لِيَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَالدَّيْنِ إذَا قَضَاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ حَجَّ عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ وَهُوَ ثَوَابُ الْإِنْفَاقِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَ قَاضِي خَانْ بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، وَلَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَأَحَجَّ الْوَارِثُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ جَازَ لِلْمَيِّتِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اهـ فَقَدْ فَرَّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ مَا إذَا حَجَّ الْوَارِثُ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ مَا إذَا حَجَّ غَيْرُهُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَ الْفَرْقِ فَلْيُنْظَرْ

(قَوْلُهُ: وَمَنْ حَجَّ عَنْ آمِرَيْهِ. . . إلَخْ) أَيْ إذَا أَمَرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْحَجِّ عَنْهُ عَلَى الِانْفِرَادِ فَأَهَلَّ عَنْهُمَا فَهِيَ عَنْهُ وَيَضْمَنُ النَّفَقَةَ لَهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ يُحْرِمَ عَنْهُمَا جَمِيعًا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ عَيْنٍ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ عَيْنٍ فَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ صَارَ مُخَالِفًا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ جَازَ اسْتِحْسَانًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ،.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ مُعَيِّنًا وَمُبْهِمًا لَا نَصَّ فِيهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ التَّعْيِينُ هُنَا إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ قَطْعًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْكَافِي (قَوْلُهُ: بَلْ وَقَعَ عَنْهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ قَالَ فِي الْبَحْرِ فَيَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ نَقْلًا وَلَا يُجْزِيهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ اهـ.

وَقَالَ الْكَمَالُ لَوْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فَقَرَنَ مَعَهُ عُمْرَةً لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا، ثُمَّ قَالَ وَلَا تَقَعُ الْحَجَّةُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَقَعُ بِإِطْلَاقِ النِّيَّةِ وَهُوَ قَدْ صَرَفَهَا عَنْهُ فِي النِّيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ جَازَ عَنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا أَمْرٌ بِالْحَجِّ عَنْهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَرْحًا وَإِنْ كَانَ الْمَتْنُ بِخِلَافِهِ ظَاهِرًا وَحُكْمُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ كَالْوَالِدَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمْرٌ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنْ حَجَّ عَنْهُمَا. . . إلَخْ) يُفِيدُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى أَنَّهُ إذَا أَهَلَّ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِبْهَامِ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قُلْت) وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ يُفِيدُ وُقُوعَ الْحَجِّ عَنْ الْفَاعِلِ فَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ عَنْهُ وَإِنْ جَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ نِيَّتَهُ لَهُمَا تَلْغُو بِسَبَبِ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ مِنْ قِبَلِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فَتَقَعُ الْأَعْمَالُ عَنْهُ أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا يُجْعَلُ لَهُمَا الثَّوَابُ اهـ.

وَيُفِيدُ ذَلِكَ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَاهَا الْكَمَالُ بِقَوْلِهِ اعْلَمْ أَنَّ فِعْلَ الْوَلَدِ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ جِدًّا لِمَا أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِمَنْ حَجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ أَوْ قَضَى عَنْهُمَا مَغْرَمًا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْأَبْرَارِ» وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «مَنْ حَجَّ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَقَدْ قَضَى عَنْهُ حَجَّتَهُ وَكَانَ لَهُ فَضْلُ عَشْرِ حِجَجٍ» وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا حَجَّ الرَّجُلُ عَنْ وَالِدَيْهِ تُقْبَلُ مِنْهُ وَمِنْهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>