للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذْنِ مَوْلَاهَا حَتَّى لَوْ أَحْرَمَتْ بِدُونِهِ لَا تَكُونُ مُحْرِمَةً (لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (أَنْ يُحَلِّلَهَا بِقَصِّ شَعْرٍ أَوْ قَلْمِ ظُفْرٍ فَيُجَامِعُهَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّحْلِيلِ بِالْجِمَاعِ) تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الْحَجِّ

{كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ. وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْكِتَابِ بِكِتَابِ الْحَجِّ وُقُوعُ الْأُضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِهِ وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهَا وَتُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيَّ عَلَى وَزْنِ أَفَاعِلَ مِنْ أَضْحَى يُضْحِي إذَا دَخَلَ فِي الضُّحَى وَيُسَمَّى مَا يُذْبَحُ أَيَّامَ النَّحْرِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُذْبَحُ وَقْتَ الضُّحَى تَسْمِيَةً لَهُ بِاسْمِ وَقْتِهِ وَفِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِحَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ يُذْبَحُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ فِي يَوْمٍ مَخْصُوصٍ عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهَا وَسَبَبِهَا، وَشَرَائِطُهَا الْإِسْلَامُ وَالْإِقَامَةُ وَالْيَسَارُ الَّذِي

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَشَقَّ الْمَشْيُ فَإِذَا قَرُبَتْ وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتَادُ الْمَشْيَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْكَبَ

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ أَحْرَمَتْ بِدُونِهِ لَا تَكُونُ مُحْرِمَةً) سَهْوٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تَكُونُ مُحْرِمَةً، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا الْمَوْلَى قَالَ فِي الْكَافِي إنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ لَا لِلِابْتِدَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنٍ صَحَّ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا.

وَقَالَ الْكَمَالُ الْأَصْلُ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ إذَا أَحْرَمَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيُحَلِّلَهُ بِلَا هَدْيٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَصْنَعَ بِهِ أَدْنَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْإِحْرَامِ كَقَلْمِ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ الْعِتْقِ هَدْيُ الْإِحْصَارِ وَحَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ إنْ كَانَ الْإِحْرَامُ بِحَجَّةٍ وَإِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى كُرِهَ لَهُ تَحْلِيلُهُ، وَلَوْ حَلَّلَهُ حَلَّ اهـ.

وَكَذَا مِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْإِحْصَارِ وَغَيْرِ مَا كِتَابٍ، وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ الْمَسْأَلَةَ كَمَا هِيَ فِي مَتْنِ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُحَلِّلَهَا وَيُجَامِعَهَا.

وَقَالَ زُفَرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا عَقْدٌ سَبَقَ مِلْكُهُ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فَسْخِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَنْكُوحَةً وَلَنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَائِعِ، وَقَدْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّلَهَا فَكَذَا الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ خُلْفِ الْوَعْدِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي اهـ.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّحْلِيلُ بِقَوْلِهِ حَلَلْتُك، بَلْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِهَا بِأَمْرِهِ كَالِامْتِشَاطِ بِأَمْرِهِ بِقَصْدِ التَّحْلِيلِ، وَلَوْ جَامَعَ زَوْجَتَهُ الَّتِي أَحْرَمَتْ بِنَفْلٍ أَوْ أَمَتَهُ الْمُحْرِمَةَ وَلَا يَعْلَمُ بِإِحْرَامِهَا أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّحْلِيلَ لَمْ يَكُنْ تَحْلِيلًا، وَقَدْ فَسَدَ حَجُّهَا، وَلَوْ حَلَّلَهَا فَأَحْرَمَتْ فَحَلَّلَهَا فَأَحْرَمَتْ هَكَذَا مِرَارًا، ثُمَّ حَجَّتْ مِنْ عَامِهَا أَجْزَأَهَا عَنْ كُلِّ التَّحْلِيلَاتِ، وَلَوْ لَمْ تَحُجَّ إلَّا مِنْ قَابِلٍ كَانَ عَلَيْهَا لِكُلِّ تَحْلِيلٍ عُمْرَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهَذَا آخِرُ مَا أَوْرَدْنَاهُ فِي رُبْعِ الْعِبَادَاتِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوْفَرِ مِنَّتِهِ وَالْهِبَاتِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَسْأَلُ وَبِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَوَسَّلُ أَنْ يَنْفَعَنِي وَالْمُسْلِمِينَ بِهِ النَّفْعَ الْعَمِيمَ وَأَنْ يَصُونَهُ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ أُعِيذُهُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إذَا وَقَبَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ

[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

[شَرَائِطُ الْأُضْحِيَّة]

(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ) (قَوْلُهُ: وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُضَحَّى بِهَا) كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ.

وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ الْأُضْحِيَّةُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِمَا يُذْبَحُ فِي يَوْمِ الْأَضْحَى (قَوْلُهُ: وَتُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيَّ) يَعْنِي بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ تُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيَّ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى أَفَاعِلَ كَالْأَرَاوِيِّ جَمْعُ الْأَرْوِيَةِ وَيُقَالُ ضَحِيَّةٌ وَضَحَايَا كَهَدِيَّةٍ وَهَدَايَا وَيُقَالُ أَضْحَاةٌ وَتُجْمَعُ عَلَى أَضْحَى كَأَرْطَاةٍ وَأَرْطَى اهـ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْأَضْحَى يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ وَفِيهَا ثَمَانِ لُغَاتٍ ضَمُّ الْهَمْزِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَكَسْرِ الْهَمْزَةِ مَعَ تَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَمَعَ حَذْفِ الْهَمْزَةِ لُغَتَانِ فَتْحُ الضَّادِ وَكَسْرُهَا وَأَضْحَاةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا اهـ نَقَلَهَا الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الزِّيَادِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: فِي يَوْمٍ مَخْصُوصٍ) الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ لِيَشْمَلَ الذَّبْحَ لَيْلًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ وُجُودِ شَرَائِطِهَا) يَقْتَضِي أَنَّ الْفَقِيرَ وَالْمُسَافِرَ إذَا ذَبَحَهَا لَا تَكُونُ أُضْحِيَّةً شَرْعًا وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَأَيْضًا يَتَكَرَّرُ قَوْلُهُ: عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا بِقَوْلِهِ فِي وَقْتٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ هُوَ السَّبَبُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ ذَبْحِ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ اهـ لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ (قَوْلُهُ: وَشَرَائِطُهَا الْإِسْلَامُ وَالْإِقَامَةُ) سَوَاءٌ الْإِقَامَةُ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى وَالْأَحْضَارِ وَالْبَوَادِي لِأَهْلِهَا وَلَيْسَ الْمِصْرُ شَرْطًا لِلْوُجُوبِ، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ عَلَى الْحَاجِّ وَأَرَادَ بِالْحَاجِّ الْمُسَافِرَ، وَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةُ وَإِنْ حَجُّوا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَالَ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ.

وَفِي الْأَصْلِ قَالَ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ مَا خَلَا الْحَاجَّ وَأَرَادَ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ الْمُقِيمِينَ وَبِالْحَاجِّ الْمُسَافِرِينَ فَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ فَعَلَيْهِمْ الْأُضْحِيَّةُ وَإِنْ حَجُّوا اهـ قُلْت فَمَا نَقَلَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْخُجَنْدِيِّ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى الْحَاجِّ إذَا كَانَ مُحْرِمًا وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ اهـ يُحْمَلُ عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْلِ وَيُحْمَلُ كَمَا حَمَلَهُ عَلَى الْمُسَافِرِ اهـ.

وَمَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ، أَمَّا صِفَتُهَا فَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْمُوسِرِ الْمُقِيمِ فِي الْأَمْصَارِ دُونَ الْمُسَافِرِ اهـ لَا يَكُونُ قَيْدًا مُخْرِجًا لِلْمُقِيمِ بِغَيْرِ الْأَمْصَارِ

(تَنْبِيهٌ) مَا ذُكِرَ مِنْ الشَّرَائِطِ شَرَائِطُ وُجُوبِهَا وَشَرَائِطُ صِحَّتِهَا تُعْلَمُ مِنْ بَاقِي كَلَامِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُرِّيَّةَ صَرِيحًا لِعِلْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَالْيَسَارُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ، ثُمَّ إنَّهَا تَجِبُ فِي وَقْتِهَا مُوَسَّعًا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ جُزْءٍ مِنْهُ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْأَقَاوِيلِ حَتَّى إذَا صَارَ أَهْلًا فِي آخِرِهِ بِأَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ أَيْسَرَ أَوْ أَقَامَ فِي آخِرِهِ يَجِبُ وَبِعَكْسِهِ لَا كَمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ ضَحَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَهُوَ فَقِيرٌ، ثُمَّ أَيْسَرَ فِي آخِرِهِ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>