للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ حُمُولَةٌ يَحْمِلُ عَلَيْهَا الْغَنَائِمَ فَيَقْسِمُهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ قِسْمَةَ إيدَاعٍ لِيَحْمِلُوهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُمْ فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُحَمِّلُوهَا أَجِيرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فِي رِوَايَةِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ؛ لِأَنَّهُ دَفْعُ ضَرَرٍ عَامٍّ بِتَحْمِيلِ ضَرَرٍ خَاصٍّ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً شَهْرًا فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْمَفَازَةِ أَوْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ عَلَيْهَا إجَارَةٌ أُخْرَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبِرُهُمْ عَلَى رِوَايَةِ السِّيَرِ الصَّغِيرِ إذْ لَا يُجْبَرُ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ ابْتِدَاءً كَمَا إذَا نَفَقَتْ دَابَّتُهُ فِي الْمَفَازَةِ وَمَعَ رَفِيقِهِ دَابَّةٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِجَارَةِ، بِخِلَافِ مَا اُسْتُشْهِدَ بِهِ فَإِنَّهُ بِنَاءٌ وَلَيْسَ بِابْتِدَاءٍ وَهُوَ أَسْهَلُ مِنْهُ.

. (وَ) حَرُمَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمَغْنَمِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِالدَّارِ لَمْ يَمْلِكْ كَمَا مَرَّ وَبَعْدَهُ نَصِيبُهُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ (وَالرِّدْءُ) أَيْ الْعَوْنُ (وَمَدَدٌ يَلْحَقُهُمْ ثَمَّةَ كَمُقَاتِلٍ) فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ (لَا سُوقِيٌّ لَمْ يُقَاتِلْ وَلَا مَنْ مَاتَ ثَمَّةَ) لِعَدَمِ التَّمَلُّكِ.

(وَيُورَثُ قِسْطُ مَنْ مَاتَ هُنَا) لِحُصُولِ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ مُشَاعًا (وَحَلَّ فِيهَا) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ (طَعَامٌ وَعَلَفٌ وَحَطَبٌ وَدُهْنٌ وَسِلَاحٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ بِلَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

وَلَكِنْ انْعَقَدَ فِيهَا سَبَبُ الْمِلْكِ عَلَى أَنْ تَصِيرَ مِلْكًا عِنْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ وَادَّعَى الْوَلَدَ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ اسْتِحْسَانًا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ ثَبَاتَ النَّسَبِ وَأُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ يَقِفُ عَلَى مِلْكٍ خَاصٍّ وَذَلِكَ بِالْقِسْمَةِ أَوْ حَقٍّ خَاصٍّ وَيَلْزَمُهُ الْعُقْرُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْعَامَّ أَوْ الْحَقَّ الْمُتَأَكِّدَ يَكُونُ مَضْمُونًا بِالْإِتْلَافِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ: لَوْ وَطِئَ جَارِيَةً لَا يُحَدُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُقْرُ إنْ وَطِئَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ دُونَ دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَنَافِعَ بُضْعِهَا. اهـ. قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْمُحِيطِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ، وَقَدْ نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِصِيغَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ قَالَ وَكَذَا إذَا قَتَلَ وَاحِدًا مِنْ السَّبْيِ أَوْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَهْلِكُ مِنْ الْغَانِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ. اهـ.

وَقَدْ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ كَمَالِ الدِّينِ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى التَّنْبِيهِ وَقَوْلُ الْبَدَائِعِ وَأُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ تَقِفُ عَلَى مِلْكٍ خَاصٍّ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ أَنَّهُ إذَا قُسِمَتْ الْغَنِيمَةُ عَلَى الرَّايَاتِ أَوْ الْعَرَّافَةِ فَوَقَعَتْ جَارِيَةٌ بَيْنَ أَهْلِ رَايَةٍ صَحَّ اسْتِيلَادُ أَحَدِهِمْ لَهَا وَعِتْقُهُ إذَا كَانُوا قَلِيلًا وَالْقَلِيلُ مِائَةٌ فَمَا دُونَهَا وَقِيلَ أَرْبَعُونَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُؤَقَّتَ وَيُوكَلَ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ. اهـ.

[بَيْعُ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقِسْمَة]

(قَوْلُهُ وَحَرُمَ بَيْعُهُ) أَيْ الْمَغْنَمِ قَبْلَهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِنَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الشَّرْحِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي بَيْعِ الْغُزَاةِ، وَأَمَّا بَيْعُ الْإِمَامِ لَهَا فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ وَأَقَلُّهُ تَخْفِيفُ إكْرَاهِ الْحَمْلِ عَنْ النَّاسِ أَوْ عَنْ الْبَهَائِمِ وَنَحْوِهِ وَتَخْفِيفُ مُؤْنَتِهِ عَنْهُمْ فَيَقَعُ عَنْ اجْتِهَادٍ فِي الْمَصْلَحَةِ فَلَا يَقَعُ جُزَافًا فَيَنْعَقِدُ بِلَا كَرَاهَةٍ مُطْلَقًا، كَذَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ) كَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ» فَغَرِيبٌ جِدًّا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالرِّدْءُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ. (قَوْلُهُ: وَمَدَدٌ يَلْحَقُهُمْ ثَمَّةَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْقِتَالِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْمَدَدُ الْجَمَاعَةُ النَّاصِرُونَ لِلْجُنْدِ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِ الْمُخْتَارِ إنَّمَا يَنْقَطِعُ شَرِكَتُهُمْ إمَّا بِالْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ بِالْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَيْعِ الْإِمَامِ الْغَنِيمَةَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ انْقَطَعَتْ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَسْتَقِرُّ بِهِ وَاسْتِقْرَارُ الْمِلْكِ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ. اهـ.

وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لُحُوقَ الْمَدَدِ بِدَارِ الْحَرْبِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ الْعَسْكَرُ بَلَدًا بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ اسْتَظْهَرُوا عَلَيْهِ ثُمَّ لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ لَمْ يُشَارِكْهُمْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِدَارِ إسْلَامٍ فَصَارَتْ الْغَنِيمَةُ مُحْرَزَةً بِدَارِ الْإِسْلَامِ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الِاخْتِيَارِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ مَاتَ ثَمَّةَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَمْ تُقْسَمْ فَلَوْ قُسِمَتْ ثَمَّةَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِحْرَازِ فَيُورَثُ نَصِيبُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْحَقَائِقِ (قُلْت) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إذَا بَاعَهَا الْإِمَامُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِحُصُولِ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: وَحَلَّ فِيهَا طَعَامٌ) أَيْ حَلَّ لِمَنْ لَهُ سَهْمٌ أَوْ رَضْخٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَوْلَادِ وَالْمَمَالِيكِ وَلَا يُطْعَمُ التَّاجِرُ وَالْأَجِيرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَبَزَ الْحِنْطَةَ أَوْ طَبَخَ اللَّحْمَ فَلَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَلَا فَرْقَ فِي الطَّعَامِ بَيْنَ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ وَغَيْرِهِ حَتَّى جَازَ ذَبْحُ الْمَوَاشِي وَأَكْلُهَا وَتُرَدُّ جُلُودُهَا فِي الْغَنِيمَةِ وَكَذَا تُؤْكَلُ الْفَاكِهَةُ الرَّطْبَةُ وَغَيْرُهَا وَالسُّكَّرُ وَالسَّمْنُ وَالزَّيْتُ وَكُلُّ مَأْكُولٍ عَادَةً كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَحَطَبٌ) أَيْ جَازَ لِلطَّبْخِ وَلِلِاصْطِلَاءِ لِلْبَرْدِ إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلْوَقُودِ وَإِنْ مُعَدًّا لِاِتِّخَاذِ الْقِصَاعِ وَالْأَقْدَاحِ وَلَهُ قِيمَةٌ لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَفٌ) أَيْ وَلَوْ بِالْحِنْطَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ الشَّعِيرُ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَدُهْنٌ) يَعْنِي كَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ فَيَدْهُنُ وَيَسْتَصْبِحُ وَيُوقِحُ دَابَّتَهُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَدْهَانِ كَالْبَنَفْسَجِ وَالزَّنْبَقِ وَالْخَيْرِيِّ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْهِدَايَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ لَهُ لِمَرَضٍ يَحُوجُهُ إلَيْهِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ كَلُبْسِ الثَّوْبِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَسِلَاحٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ) التَّقْيِيدُ بِالْحَاجَةِ رَاجِعٌ لِلسِّلَاحِ خَاصَّةً عَلَى اتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ الِانْتِفَاعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>