للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّعْلَبِيَّةِ وَيُقَالُ مِنْ الْعَلْثِ إلَى عَبَّادَانَ طُولًا (وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَأُقِرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ أَوْ صَالَحَهُمْ) الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى ابْتِدَاءِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْخَرَاجِ أَلْيَقُ بِهِ (أَوْ أَجَلَاهُمْ) الْإِمَامُ مِنْ أَرْضِهِمْ (وَنَقَلَ إلَيْهَا قَوْمًا آخَرِينَ) يَعْنِي كُفَّارًا لِمَا عَرَفْت أَنَّ الْخَرَاجَ إنَّمَا يُوضَعُ عَلَى الْقَوْمِ الْمَنْقُولِينَ إذَا كَانُوا كُفَّارًا، وَأَمَّا إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ فَيُوضَعُ عَلَيْهِمْ الْعُشْرُ (وَمَوَاتٌ) عَطْفٌ عَلَى مَا فُتِحَ عَنْوَةً (أَحْيَاهُ الذِّمِّيُّ بِالْإِذْنِ) أَيْ إذْنِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُ أَيْضًا خَرَاجِيٌّ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَضْعِ عَلَى الْكَافِرِ (أَوْ رَضْخٌ لَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ إذَا قَاتَلَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ) أَهْلَ الْحَرْبِ، فَإِنَّهُ أَيْضًا خَرَاجِيٌّ لِمَا مَرَّ (وَمَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ يُعْتَبَرُ بِقُرْبِهِ) فَإِنْ قَرُبَ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ فَخَرَاجِيٌّ أَوْ أَرْضِ الْعُشْرِ فَعُشْرِيٌّ.

(وَكُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ وَالْخَرَاجِيَّةِ (إنْ سُقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ إلَّا أَرْضَ كَافِرٍ تُسْقَى بِمَاءِ الْعُشْرِ) حَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْهَا الْخَرَاجُ (وَإِنْ سُقِيَ بِمَاءِ الْخَرَاجِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْخَرَاجُ) قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ مُتَعَلِّقَانِ بِالْأَرْضِ النَّامِيَةِ وَنَمَاؤُهَا بِمَائِهَا فَيُعْتَبَرُ السَّقْيُ بِمَاءِ الْعُشْرِ أَوْ بِمَاءِ الْخَرَاجِ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: مُرَادُهُ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ. أَمَّا الْكَافِرُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ مِنْ أَيِّ مَاءٍ يُسْقَى؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُبْتَدَأُ بِالْعُشْرِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ التَّفْصِيلُ فِي حَالَةِ الِابْتِدَاءِ إجْمَاعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيهِ حَالَةَ الْبَقَاءِ فِيمَا إذَا مَلَكَ عُشْرِيَّةً هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ أَوْ الْعُشْرُ اهـ.

ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ الْمَاءَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَهُ فَقَالَ (مَاءُ السَّمَاءِ وَمَاءُ بِئْرٍ وَعَيْنٍ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ عُشْرِيٌّ وَمَاءُ أَنْهَارٍ حَفَرَهَا الْعَجَمُ وَ) مَاءُ (بِئْرٍ وَعَيْنٍ فِي أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ خَرَاجِيٌّ) كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ سَقَاهُ مَرَّةً بِمَاءِ الْعُشْرِ وَمَرَّةً بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَالْمُسْلِمُ أَحَقُّ بِالْعُشْرِ وَالْكَافِرُ بِالْخَرَاجِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ (كَذَا) أَيْ خَرَاجِيٌّ (سَيْحُونُ) نَهْرُ خُجَنْدَةَ (وَجَيْحُونُ) نَهْرُ تِرْمِذَ (وَدِجْلَةَ) نَهْرُ بَغْدَادَ (وَالْفُرَاتُ) نَهْرُ الْكُوفَةِ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعُشْرِيٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) .

(وَهُوَ) أَيْ الْخَرَاجُ (نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا (خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ بَعْضَ الْخَارِجِ كَالْخُمُسِ وَنَحْوِهِ وَ) الثَّانِي (خَرَاجُ وَظِيفَةٍ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ شَيْئًا فِي الذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ كَمَا وَضَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِكُلِّ جَرِيبٍ) وَهُوَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي سِتِّينَ بِذِرَاعِ كِسْرَى وَهُوَ سَبْعُ قَبَضَاتٍ وَذِرَاعُ الْمِسَاحَةِ سَبْعُ قَبَضَاتٍ وَأُصْبُعٌ قَائِمَةٌ وَعِنْدَ الْحِسَابِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ مَضْمُومَةٍ بُطُونُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ وَقِيلَ مَا ذُكِرَ جَرِيبُ سَوَادِ الْعِرَاقِ وَفِي غَيْرِهِمْ يُعْتَبَرُ الْمُعْتَادُ عِنْدَهُمْ (يَبْلُغُهُ الْمَاءُ) صِفَةُ جَرِيبٍ (صَاعًا) مَفْعُولُ وَضَعَ (مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ وَدِرْهَمًا) عَطْفٌ عَلَى صَاعًا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَأُقِرَّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ) خُصَّ مِنْهُ مَكَّةَ وَنَحْوُهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - افْتَتَحَهَا عَنْوَةً وَتَرَكَهَا لِأَهْلِهَا وَلَمْ يُوَظِّفْ الْخَرَاجَ. اهـ.

وَوَضَعَ عُمَرُ الْخَرَاجَ عَلَى مِصْرَ حِينَ افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ الْمَأْخُوذُ الْآنَ مِنْ أَرَاضِي مِصْرَ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ إجَارَةٍ لَا خَرَاجٍ أَلَا يُرَى أَنَّ الْأَرَاضِيَ لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لِلزُّرَّاعِ وَهَذَا بَعْدَمَا قُلْنَا إنَّ أَرْضَ مِصْرَ خَرَاجِيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَأَنَّهُ لِمَوْتِ الْمَالِكِينَ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافِ وَرَثَةٍ فَصَارَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ. اهـ. وَلِصَاحِبِ الْبَحْرِ رِسَالَةٌ فِي الْأَرَاضِي الْمِصْرِيَّةِ مُفِيدَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَجْلَاهُمْ الْإِمَامُ مِنْ أَرَاضِيِهِمْ) أَيْ قَبْلَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْدَهُ بِعُذْرٍ. قَالَ فِي الْكَافِي نَقْلُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْ أَرَاضِيِهِمْ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى صَحَّ بِعُذْرٍ لَا بِدُونِهِ وَالْعُذْرُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ شَوْكَةٌ وَقُوَّةٌ فَيُخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ يُخَافُ عَلَيْنَا مِنْهُمْ بِأَنْ يُخْبِرُوهُمْ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُمْ قِيمَةُ أَرَاضِيِهَا أَوْ مِثْلُهَا مِسَاحَةً مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى وَعَلَيْهِمْ خَرَاجُ هَذِهِ الْأَرْضِ الَّتِي انْتَقِلُوا إلَيْهَا، وَفِي رِوَايَةٍ خَرَاجُ الْمَنْقُولِ عَنْهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ فَيُوضَعُ عَلَيْهِمْ الْعُشْرُ) يُخَالِفُهُ مَا قَالَ فِي الْكَافِي وَأَرَاضِيُهُمْ أَيْ الَّتِي انْتَقَلُوا عَنْهَا خَرَاجِيَّةٌ فَلَوْ تَوَطَّنَهَا مُسْلِمٌ عَلَيْهِ خَرَاجُهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُنَافِي بَقَاءَ الْخَرَاجِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ يُعْتَبَرُ بِقُرْبِهِ) هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ الْمَاءَ فَإِنْ أَحْيَاهُ بِمَاءِ الْخَرَاجِ فَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ وَإِلَّا فَعُشْرِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا إنْ سُقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ. . . إلَخْ) فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَمَا أَحْيَاهُ مُسْلِمٌ يُعْتَبَرُ بِقُرْبِهِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْحَيِّزَ ثَمَّةَ وَهُنَا اعْتَبَرَ الْمَاءَ وَعَلِمْت أَنَّ ذَاكَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا أَيْ اعْتِبَارُ الْمَاءِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ.

(قَوْلُهُ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْخَرَاجُ أَوْ الْعُشْرُ) تَتِمَّتُهُ أَوْ الْعُشْرَانِ كَمَا هُوَ نَصُّ الزَّيْلَعِيِّ.

[أَنْوَاع الخراج]

(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا خَرَاجُ مُقَاسَمَةٍ) حُكْمُهُ حُكْمُ الْعُشْرِ فَيَتَعَلَّقُ بِالْخَارِجِ لَا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الزِّرَاعَةِ حَتَّى إذَا عَطَّلَ الْأَرْضَ مِنْ التَّمَكُّنِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الْعُشْرِ وَيُوضَعُ ذَلِكَ فِي الْخَرَاجِ أَيْ يُصْرَفُ مَصْرِفَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: كَالْخُمُسِ وَنَحْوِهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى النِّصْفِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ الْخُمُسِ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: صَاعًا مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ) أَيْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي إعْطَاءِ الصَّاعِ مِنْ الشَّعِيرِ أَوْ الْبُرِّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى قَاضِي خَانْ. اهـ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِمَّا يُزْرَعُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ: وَدِرْهَمًا) أَيْ مِنْ أَجْوَدِ النُّقُودِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ مَعْنَاهُ يَكُونُ الدِّرْهَمُ مِنْ وَزْنِ سَبْعَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>