للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَعْمُورٍ) ، فَإِنْ جَازَ عَوْدُهُ لَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ قَائِمٌ فِيهِ.

(أَحْيَا مَوَاتًا ثُمَّ أَحَاطَ الْأَحْيَاءَ بِجَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ بِالتَّعَاقُبِ فَطَرِيقُ الْأَوَّلِ فِي) الْأَرْضِ (الرَّابِعَةِ) عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَكَتَ عَنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ صَارَ الْبَاقِي طَرِيقًا لَهُ فَإِذَا أَحْيَاهُ الرَّابِعُ فَقَدْ أَحْيَا طَرِيقَهُ بِحَسْبِ الْمَعْنَى فَيَكُونُ لَهُ فِيهِ طَرِيقٌ.

(حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوَاتٍ بِالْإِذْنِ فَلَهُ حَرِيمُهَا لِلْعَطِنِ) وَهُوَ بِئْرٌ يُنَاخُ الْإِبِلُ حَوْلَهَا وَتُسْقَى (وَالنَّاضِحُ) وَهُوَ بِئْرٌ يُسْتَخْرَجُ مَاؤُهَا بِسَيْرِ الْإِبِلِ وَنَحْوِهِ (أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ) إنَّمَا قَالَ (فِي الْأَصَحِّ) احْتِرَازًا عَمَّا قِيلَ أَرْبَعُونَ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ (وَلِلْعَيْنِ خَمْسُمِائَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ» وَلِأَنَّ الْعَيْنَ تُسْتَخْرَجُ لِلزِّرَاعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَوْضِعٍ يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ وَمِنْ حَوْضٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ وَمِنْ مَوْضِعٍ يَجْرِي مِنْهُ إلَى الْمَزْرَعَةِ فَلِهَذَا يُقَدَّرُ بِالزِّيَادَةِ وَالتَّقْدِيرُ بِخَمْسِمِائَةٍ بِالتَّوْقِيفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ خَمْسُمِائَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (وَمُنِعَ غَيْرُهُ مِنْ الْحَفْرِ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَرِيمِ لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْبِئْرِ ضَرُورَةَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَكَانَ مُتَعَدِّيًا بِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَإِنْ حَفَرَ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَسُدَّهُ وَلَا يَضْمَنُهُ النُّقْصَانَ وَأَنْ يَأْخُذَ بِكَبْسِ مَا احْتَفَرَهُ لِأَنَّ إزَالَةَ جِنَايَةِ حَفْرِهِ بِهِ كَمَا فِي كُنَاسَةٍ يُلْقِيهَا فِي دَارِ غَيْرِهِ يُؤْخَذُ بِرَفْعِهَا وَقِيلَ يَضْمَنُهُ النُّقْصَانَ ثُمَّ يَكْسِبُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا إذَا هَدَمَ جِدَارَ غَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (وَإِنْ حَفَرَ الثَّانِي) بِئْرًا بِأَمْرِ الْإِمَامِ فِي غَيْرِ حَرِيمِ الْأَوَّلِ قَرِيبَةً مِنْهُ فَذَهَبَ مَاءُ بِئْرِ الْأُولَى وَعُرِفَ أَنَّ ذَهَابَهُ مِنْ حَفْرِ الثَّانِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيمَا صَنَعَ وَالْمَاءُ تَحْتَ الْأَرْضِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ فِي تَحْوِيلِ مَاءِ بِئْرِهِ إلَى بِئْرِ الثَّانِي كَالتَّاجِرِ إذَا كَانَ لَهُ حَانُوتٌ فَاِتَّخَذَ آخَرُ بِجَنْبِهِ حَانُوتًا لِمِثْلِ تِلْكَ التِّجَارَةِ فَكَسَدَتْ تِجَارَةُ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الثَّانِيَ، كَذَا فِي الْكَافِي (وَلَهُ) أَيْ لِلَّذِي حَفَرَ بِئْرًا فِيمَا وَرَاءَ الْحَرِيمِ مُتَّصِلًا بِحَرِيمِ الْبِئْرِ الْأُولَى (الْحَرِيمُ مِنْ ثَلَاثِ جَوَانِبَ سِوَى جَانِبِ الْأَوَّلِ) لِسَبْقِ مِلْكِ الْحَافِرِ الْأَوَّلِ فِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ الثَّانِي التَّوْسِعَةَ عَلَيْهِ حَفَرَ بَعِيدًا مِنْ حَرِيمِ الْبِئْرِ الْأُولَى.

(وَلِلْقَنَاةِ حَرِيمٌ قَدْرَ مَا يُصْلِحُهَا) الْقَنَاةُ مَجْرَى الْمَاءِ تَحْتَ الْأَرْضِ وَلَمْ يُقَدَّرْ حَرِيمُهُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَرِيمِ وَقِيلَ هَذَا عِنْدَهُمَا.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا حَرِيمَ لَهُ مَا لَمْ يَظْهَرْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ (وَلَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ إلَّا بِحُجَّةٍ) يَعْنِي مَنْ كَانَ لَهُ نَهْرٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَرِيمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَقَالَا لَهُ مُسْنَاةٌ لِلنَّهْرِ يَمْشِي عَلَيْهَا وَيُلْقِي عَلَيْهَا طِينَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَرِيمٌ إلَّا بِحُجَّةٍ (فَمُسْنَاةٌ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ (بَيْنَ نَهْرِ رَجُلٍ) صِفَةُ مُسْنَاةٍ (وَأَرْضٍ لِآخَرَ وَلَيْسَتْ) تِلْكَ الْمُسْنَاةُ (فِي يَدِ أَحَدٍ) أَيْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا غَرْسٌ أَوْ طِينٌ مُلْقًى تَكُونُ تِلْكَ الْمُسَنَّاةُ (لِصَاحِبِ الْأَرْضِ) أَمَّا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ ذَلِكَ فَصَاحِبُ الشُّغْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ.

(فَصْلٌ)

اعْلَمْ أَنَّ الْمَاءَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا الشِّرْبُ وَالثَّانِي الشَّفَةُ وَقَدْ خُلِطَ بَيْنَهُمَا فِي الْكُتُبِ وَمُيِّزَ هَاهُنَا فَبَيَّنَ أَوَّلًا الشِّرْبَ وَأَحْكَامَهُ ثُمَّ الشَّفَةَ وَأَحْكَامَهَا حَيْثُ قَالَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

جَزَمَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ كَالسَّوْمِ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ

[أَحْيَا مَوَاتًا ثُمَّ أَحَاطَ الْأَحْيَاءَ بِجَوَانِبِهِ الْأَرْبَعَةِ بِالتَّعَاقُبِ]

(قَوْلُهُ: أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْمُحِيطِ إذَا كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ زَائِدًا عَلَى أَرْبَعِينَ يُزَادُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا حَرِيمَ لِلنَّهْرِ إلَّا بِحُجَّةٍ. . . إلَخْ) أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِي مُطْلَقِ النَّهْرِ.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنْ الْكِفَايَةِ الِاخْتِلَافُ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ لَا يُحْتَاجُ إلَى كَرْيِهِ فِي كُلِّ حِينٍ أَمَّا الْأَنْهَارُ الصِّغَارُ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَى كَرْيِهَا فِي كُلِّ حِينٍ فَلَهَا حَرِيمٌ بِالِاتِّفَاقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَا لَهُ مُسْنَاةٌ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْمَجْمَعِ ثُمَّ عَقَبَهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ وَعَلَّلَهُ الشَّارِحُ بِمَا نَصُّهُ قَالَ الْمُحَقِّقُونَ لِلنَّهْرِ حَرِيمٌ بِقَدْرِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ لِضَرُورَةِ الِاحْتِيَاجِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الِاخْتِيَارِ. اهـ. ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْحَرِيمِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي رِوَايَةٍ يُقَدِّرُ أَبُو يُوسُفَ الْحَرِيمَ بِنِصْفِ عَرْضِ النَّهْرِ مِنْ جَانِبَيْهِ؛ لِأَنَّ طِينَهُ يُلْقَى مِنْ جَانِبَيْهِ فَيُقْسَمُ عَرْضُهُ عَلَيْهِمَا وَقَدَّرَهُ مُحَمَّدٌ بِقَدْرِ عَرْضِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ إلْقَاءُ الطِّينِ مِنْ جَانِبَيْهِ جَمِيعًا فَيُقَدَّرُ بِعَرْضِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. اهـ. .

[فَصْلٌ الْمَاءَ نَوْعَانِ]

(فَصْلٌ)

<<  <  ج: ص:  >  >>