للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ تَخَتَّمَ بِالْعَقِيقِ» ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ نَصٌّ لَكِنَّهُ لَا يُنَافِي احْتِمَالَ التَّأْوِيلِ وَالتَّخْصِيصِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقَصْرِ فِي قَوْلِهِ لَا يُتَخَتَّمُ إلَّا بِالْفِضَّةِ الْقَصْرُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الذَّهَبِ، فَإِنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ ذِكْرِهِ حَتَّى إذَا أُطْلِقَ الْحَجَرُ أَنْ لَا يُرَادَ إلَّا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْحَجَرِ لَكِنْ إذَا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخَتَّمَ بِالْعَقِيقِ الَّذِي هُوَ الْحَجَرُ وَقَالَ تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ، فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ كَانَ التَّخَتُّمُ بِالْحَجَرِ جَائِزًا بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ فَكَيْفَ يُعَارِضُهُ عِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخَتُّمَ بِالْفِضَّةِ حَلَالٌ لِلرِّجَالِ بِالْحَدِيثِ وَبِالذَّهَبِ وَالْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ بِالْحَدِيثِ وَبِالْحَجَرِ حَلَالٌ عَلَى اخْتِيَارِ الْإِمَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالْإِمَامِ قَاضِي خَانْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ وَفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ لِأَنَّ حِلَّ الْعَقِيقِ لَمَّا ثَبَتَ بِهِمَا حَلَّ سَائِرُ الْأَحْجَارِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ حَجَرٍ وَحَجَرٍ وَحَرَامٌ عَلَى اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي أَخْذًا مِنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُحْتَمِلَةِ لَأَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ فِيهَا بِالْإِضَافَةِ إلَى الذَّهَبِ وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الْمَأْخَذَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ (وَتَرْكُهُ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ أَوْلَى) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَخَتَّمُ لِحَاجَةِ الْخَتْمِ وَغَيْرُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ.

(وَلَا يُشَدُّ سِنُّهُ إلَّا بِفِضَّةٍ) أَيْ مَنْ تَحَرَّكَ سِنُّهُ يَشُدُّهَا بِالْفِضَّةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِالذَّهَبِ أَيْضًا (وَكُرِهَ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَهَبًا أَوْ حَرِيرًا) لِأَنَّ حُرْمَةَ اللُّبْسِ لَمَّا ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الذُّكُورَةِ حَرُمَ الْإِلْبَاسُ أَيْضًا كَالْخَمْرِ لَمَّا حَرُمَ شُرْبُهَا حَرُمَ سَقْيُهَا (وَجَازَ خِرْقَةٌ لِوُضُوءٍ وَمُخَاطٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ اسْتَعْمَلُوا فِي عَامَّةِ الْبَلَدِ أَنَّ مَنَادِيلَ الْوُضُوءِ وَالْخِرَقَ لِلْمُخَاطِ وَمَسْحِ الْعَرَقِ وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَلَوْ حَمَلَهَا بِلَا حَاجَةٍ يُكْرَهُ كَالتَّرَبُّعِ وَالِاتِّكَاءِ لَا يُكْرَهَانِ لِحَاجَةٍ وَيُكْرَهَانِ بِدُونِهَا (وَالرَّتَمُ) وَهُوَ خَيْطُ التَّذَكُّرِ يُعْقَدُ فِي الْأُصْبُعِ قَالَ الشَّاعِرُ

إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَاتُنَا فِي نُفُوسِهِمْ ... فَلَيْسَ بِمُغْنٍ عَنْك عَقْدُ الرَّتَائِمِ.

(فَصْلٌ)

(يَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ إلَّا الْعَوْرَةَ) وَهِيَ مِنْ تَحْتِ سُرَّتِهِ إلَى تَحْتِ رُكْبَتِهِ فَالرُّكْبَةُ عَوْرَةٌ لَا السُّرَّةُ، ثُمَّ حُكْمُ الْعَوْرَةِ فِي الرُّكْبَةِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي الْفَخِذِ وَفِي الْفَخِذِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي السَّوْأَةِ حَتَّى يُنْكَرَ عَلَيْهِ فِي كَشْفِ الرُّكْبَةِ وَفِي الْفَخِذِ يُعَنَّفُ وَفِي السَّوْأَةِ يُضْرَبُ إنْ أَصَرَّ (وَالْمَرْأَةُ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلُ كَالرَّجُلِ لِلرَّجُلِ) أَيْ نَظَرُ الْمَرْأَةِ إلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ حَتَّى يَجُوزَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ مِنْهُمَا إلَى مَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ الرَّجُلِ إذَا أَمِنَتْ الشَّهْوَةَ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ.

(وَيَنْظُرُ) الرَّجُلُ (إلَى فَرْجِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

التَّحَلِّي بِاللُّؤْلُؤِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَشُدُّ سِنَّهُ إلَّا بِفِضَّةٍ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِالذَّهَبِ أَيْضًا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. وَالْخِلَافُ فِي شَدِّ السِّنِّ أَمَّا اتِّخَاذُ الْأَنْفِ مِنْ الذَّهَبِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ خِرْقَةٌ) أَيْ جَازَ حَمْلُهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمْلُهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ) يَعْنِي بِأَنْ كَانَ تَكَبُّرًا لِمَا فِي الْهِدَايَةِ إنَّمَا يُكْرَهُ إذَا كَانَ عَنْ تَكَبُّرٍ وَصَارَ كَالتَّرَبُّعِ فِي الْجُلُوسِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالرَّتَمُ) اسْتَدَلَّ لِجَوَازِهِ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ» وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَبَثٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَرْضِ الصَّحِيحِ وَهُوَ التَّذَكُّرُ عِنْدَ النِّسْيَانِ. اهـ.

[فَصْلٌ عَوْرَة الرَّجُل وَالْمَرْأَة]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ حَتَّى يُنْكَرَ عَلَيْهِ فِي كَشْفِ الرُّكْبَةِ) أَيْ بِرِفْقٍ نُصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَهُ وَفِي الْفَخِذِ بِعُنْفٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَفِي كِتَابِ الْخُنْثَى مِنْ الْأَصْلِ أَنَّ نَظَرَ الْمَرْأَةِ إلَى الرَّجُلِ الْأَجْنَبِيِّ بِمَنْزِلَةِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى مَحَارِمِهِ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ أَغْلَظُ. اهـ.

(قَوْلُهُ إذَا أُمِنَتْ الشَّهْوَةُ) لَا يُعْلَمُ حُكْمُ مَا إذَا خَافَتْ أَوْ شَكَّتْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِهَا شَهْوَةٌ أَوْ أَكْبَرُ رَأْيِهَا إنَّهَا تَشْتَهِي أَوْ شَكَّتْ فِي ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَغُضَّ بَصَرَهَا. اهـ. وَلَوْ كَانَ النَّاظِرُ إلَيْهَا. هُوَ الرَّجُلُ وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَمْ يَنْظُرْ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى التَّحْرِيمِ، وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الشَّهْوَةَ عَلَيْهِنَّ غَالِبَةٌ وَهُوَ كَالْمُتَحَقِّقِ اعْتِبَارًا فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مَوْجُودَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ إذَا اشْتَهَتْ الْمَرْأَةُ؛ لِأَنَّ الشَّهْوَةَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي جَانِبِهِ حَقِيقَةً وَاعْتِبَارًا فَكَانَتْ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ وَالْمُتَحَقِّقُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْإِفْضَاءِ إلَى الْمُحَرَّمِ أَقْوَى مِنْ الْمُتَحَقِّقِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى فَرْجِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ. . . إلَخْ) مُفِيدٌ نَظَرَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمَةِ إلَى فَرْجِهِ.

وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْظُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى عَوْرَةِ صَاحِبِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ مَا اسْتَطَاعَ وَلَا يَتَجَرَّدَانِ تَجَرُّدَ الْعِيرِ» وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ النِّسْيَانَ لِوُرُودِ الْأَثَرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَقُولُ الْأَوْلَى أَنْ يَنْظُرَ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي تَحَصُّلِ مَعْنَى اللَّذَّةِ. اهـ.

وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَعْنِي بِهِ وَقْتَ الْجِمَاعِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْأَمَالِي قَالَ: سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الرَّجُلِ يَمَسُّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ أَوْ تَمَسُّ فَرْجَهُ لِيَتَحَرَّكَ عَلَيْهِ. اهـ. لَا تَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا قَالَ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>