للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «غُضَّ بَصَرَك إلَّا عَنْ أَمَتِك وَامْرَأَتِك» (الْحَلَالِ) قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهَا إذَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ كَالْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الْمُشْتَرَكَةِ أَوْ كَانَتْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُمَّ امْرَأَتِهِ أَوْ بِنْتَهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِهَا (مُطْلَقًا) أَيْ بِشَهْوَةٍ أَوْ بِدُونِهَا.

. (وَ) يَنْظُرُ الرَّجُلُ (إلَى الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالصَّدْرِ وَالسَّاقِ وَالْعَضُدِ مِنْ مَحْرَمِهِ) ؛ لِأَنَّ الْبَعْضَ يَدْخُلُ عَلَى الْبَعْضِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا فِي ثِيَابِ بِذْلَتِهَا عَادَةً فَلَوْ حَرُمَ النَّظَرُ إلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ (وَأَمَةِ غَيْرِهِ) فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَحْرَمِ لِضَرُورَةِ رُؤْيَتِهَا فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَهِيَ تَتَنَاوَلُ الْمُدَبَّرَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةَ (إنْ أَمِنَ شَهْوَتَهُ) وَإِلَّا فَلَا يَنْظُرُ (لَا) أَيْ لَا يَنْظُرُ (إلَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ كَأَمَةِ غَيْرِهِ) إذْ لَا ضَرُورَةَ فِي كَشْفِهَا، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ (وَمَا حَلَّ نَظَرُهُ مِنْهُمَا) أَيْ مَحْرَمِهِ وَأَمَةِ غَيْرِهِ (حَلَّ مَسُّهُ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْمُسَافَرَةِ وَالْمُخَالَطَةِ (وَلَهُ مَسُّ ذَلِكَ) أَيِّ عُضْوٍ جَازَ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ الْأَمَةِ (إنْ أَرَادَ شِرَاءَهَا، وَإِنْ خَافَ شَهْوَتَهُ) لِلضَّرُورَةِ (وَأَمَةٍ تُشْتَهَى) وَيُجَامَعُ مِثْلُهَا (لَا تُعْرَضُ عَلَى الْبَيْعِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِأَنَّ ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا عَوْرَةٌ وَمِنْهُ يُعْلَمُ حَالُ الْبَلَاغَةِ.

(وَيَنْظُرُ) الرَّجُلُ (إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا فَقَطْ) لِأَنَّ فِي إبْدَاءِ الْوَجْهِ وَالْكَفِّ ضَرُورَةً لِحَاجَتِهَا إلَى الْمُعَامَلَةِ مَعَ الرِّجَالِ أَخْذًا وَإِعْطَاءً وَنَحْوَهُمَا (كَذَا السَّيِّدَةُ) أَيْ لِمَمْلُوكِهَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِ سَيِّدَتِهِ وَكَفَّيْهَا لَا قَدَمَيْهَا (وَإِنْ خَافَ) أَيْ الرَّجُلُ أَوْ الْمَمْلُوكُ الشَّهْوَةَ (لَا يَنْظُرُ إلَى وَجْهِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَظَرَ إلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْ شَهْوَةٍ صُبَّ فِي عَيْنَيْهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَإِذَا خَافَ الشَّهْوَةَ لَمْ يَنْظُرْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ تَحَرُّزًا عَنْ الْمَحْرَمِ (كَقَاضٍ يَحْكُمُ عَلَيْهَا وَشَاهِدٍ يَشْهَدُ عَلَيْهَا) فَإِنَّ نَظَرَهُمَا إلَى وَجْهِهَا جَائِزٌ، وَإِنْ خَافَ الشَّهْوَةَ لِلْحَاجَةِ إلَى إحْيَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ بِالْقَضَاءِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْحُكْمَ عَلَيْهَا وَأَدَاءَ الشَّهَادَةِ لَا قَضَاءَ الشَّهْوَةِ تَحَرُّزًا عَنْ قَصْدِ الْقَبِيحِ.

(وَمَنْ يُرِيدُ نِكَاحَ امْرَأَةٍ) حَيْثُ جَازَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا، وَإِنْ خَافَ الشَّهْوَةَ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْمُغِيرَةِ إذَا أَرَدْت أَنْ تَتَزَوَّجَ امْرَأَةً أَبْصِرْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» .

(وَرَجُلٌ يُدَاوِيهَا فَيَنْظُرُ إلَى مَوْضِعِ مَرَضِهَا بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَلِّمَ امْرَأَةً مُدَاوَاتَهَا لِأَنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَخَفُّ أَلَا يُرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ بَعْدَ مَوْتِهَا دُونَ الرَّجُلِ.

(الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ وَالْمُخَنَّثُ فِي النَّظَرِ إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ كَالْفَحْلِ) أَمَّا الْخَصِيُّ فَلِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - الْخِصَاءُ مَثُلَةٌ فَلَا يُبِيحُ مَا كَانَ حَرَامًا قَبْلَهُ وَقِيلَ هُوَ أَشَدُّ النَّاسِ جِمَاعًا؛ لِأَنَّ آلَتَهُ لَا تَفْتُرُ بِالْإِنْزَالِ، وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ فَلِأَنَّهُ يُسَاحِقُ فَيُنْزِلُ، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبًا قَدْ جَفَّ مَاؤُهُ فَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا اخْتِلَاطَهُ بِالنِّسَاءِ فِي حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ.

[حُكْم الْعَزْل]

(وَيَعْزِلُ عَنْ أَمَتِهِ) الْعَزْلُ أَنْ يَطَأَ فَإِذَا قَرُبَ إلَى الْإِنْزَالِ أَخْرَجَ وَلَمْ يُنْزِلْ فِي الْفَرْجِ (بِلَا إذْنِهَا)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

أَرْجُو أَنْ يَعْظُمَ الْأَجْرُ. اهـ. .

وَفِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْيَنَابِيعِ يُبَاحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ وَمَمْلُوكَتِهِ وَفَرْجِ نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَدَبِ. اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْ مَحْرَمِهِ) الْمَحْرَمُ مَنْ لَا يَجُوزُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ كَالرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُصَاهَرَةُ بِنِكَاحٍ أَوْ سِفَاحٍ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ مَسُّ ذَلِكَ) إنْ أَرَادَ شِرَاءَهَا وَإِنْ خَافَ شَهْوَتَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأُطْلِقَ أَيْضًا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يُفَصَّلْ قَالَ مَشَايِخُنَا يُبَاحُ النَّظَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ اشْتَهَى لِلضَّرُورَةِ وَلَا يُبَاحُ الْمَسُّ إذَا اشْتَهَى أَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ نَوْعُ اسْتِمْتَاعٍ. اهـ.

وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي حِلِّ الْمُسَافَرَةِ وَالْخَلْوَةِ بِأَمَةِ الْغَيْرِ مَعَ أَمْنِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْظُرُ الرَّجُلُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا) الْأَوْلَى عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَقَطْ) تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى قَدَمِهَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُبَاحُ لِأَنَّ فِيهِ بَعْضَ الضَّرُورَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى ذِرَاعِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبْدُو مِنْهَا عَادَةً وَلَا يَحِلُّ لَهُ مَسُّ مَا جَازَ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ يَأْمَنُ الشَّهْوَةَ لِقِيَامِ الْمَحْرَمِ وَعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَالْبَلْوَى، بِخِلَافِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَلْوًى، وَالْمُحَرَّمُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَسَّ كَفَّ امْرَأَةٍ لَيْسَ مِنْهَا بِسَبِيلٍ وُضِعَ عَلَى كَفِّهِ جَمْرٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَهَذَا إذَا كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى أَمَّا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا لَا تُشْتَهَى فَلَا بَأْسَ بِمُصَافَحَتِهَا وَمَسِّ يَدِهَا إذَا أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَيْهَا وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى يُبَاحُ مَسُّهَا وَالنَّظَرُ إلَيْهَا لِعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَسَيِّدَتِهِ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لَكِنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى مَوْلَاتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا إجْمَاعًا وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِهَا وَمِثْلُهُ فِي قَاضِي خَانْ.

(تَنْبِيهٌ) لَمْ يَنُصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْكَلَامِ مَعَ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ إنْ عَطَسَتْ وَكَانَتْ عَجُوزًا شَمَّتَهَا وَإِلَّا فَلَا وَكَذَا رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَشَاهِدٍ يَشْهَدُ عَلَيْهَا) يَعْنِي يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا لِمَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ النَّظَرُ لِلتَّحَمُّلِ إذَا اشْتَهَى عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مَنْ لَا يَشْتَهِي فَلَا ضَرُورَةَ، بِخِلَافِ حَالَةِ الْأَدَاءِ كَمَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>