للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَوْلَى الْأَمَةِ اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْت» .

(وَ) يَعْزِلُ (عَنْ زَوْجَتِهِ بِهِ) أَيْ بِإِذْنِهَا «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْعَزْلِ عَنْ الْحُرَّةِ إلَّا بِإِذْنِهَا» .

. (فَصْلٌ)

(مَنْ مَلَكَ أَمَةً بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَمِيرَاثٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَلَوْ) كَانَتْ الْجَارِيَةُ (بِكْرًا أَوْ مَشْرِيَّةً مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ) أَمَّا إذَا كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَبْدَهُ فَكَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ مُسْتَغْرِقًا بِالدَّيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ، فَإِنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَالْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ مَكَاسِبَهُ وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُ، وَإِنْ اشْتَرَى مِنْ مُكَاتَبِهِ فَكَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَكَاسِبَهُ (أَوْ) مَشْرِيَّةً (مِنْ مَحْرَمِهَا أَوْ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ) بِأَنْ بَاعَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (حَرُمَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَالِكِ (وَطْؤُهَا وَدَوَاعِيهِ) مِنْ اللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ إلَى فَرْجِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَحْرُمُ الدَّوَاعِي؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ إنَّمَا يَحْرُمُ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءُ وَيَشْتَبِهَ النَّسَبُ وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي الدَّوَاعِي وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ أَيْضًا بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَيَدَّعِي الْبَائِعُ الْوَلَدَ فَيَسْتَرِدُّهَا فَيَظْهَرُ أَنَّ وَطْأَهُ صَادَفَ مِلْكَ الْغَيْرِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الدَّوَاعِي (حَتَّى يَسْتَبْرِئَ الْمَالِكُ) أَيْ يَتَعَرَّفَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا (بِحَيْضَةٍ فِيمَنْ تَحِيضُ وَبِشَهْرٍ فِي ضِدِّهَا) أَيْ الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ وَالْمُنْقَطِعَةِ الْحَيْضِ، فَإِنَّ الشَّهْرَ قَائِمٌ مَقَامَ الْحَيْضِ فِي الْعِدَّةِ فَكَذَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَإِذَا حَاضَتْ فِي أَثْنَائِهِ بَطَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِالْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ يُبْطِلُ حُكْمَ الْبَدَلِ كَالْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ إذَا حَاضَتْ، وَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا بِأَنْ صَارَتْ مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ تَرَكَهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَقْدِيرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْتَبْرِئُهَا بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ مَتَى صَلَحَتْ لِلتَّعَرُّفِ عَنْ شُغْلٍ يُتَوَهَّمُ بِالنِّكَاحِ فِي الْإِمَاءِ فَلَأَنْ تَصْلُحَ لِلتَّعَرُّفِ عَنْ شُغْلٍ يُتَوَهَّمُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَهُوَ دُونَهُ أَوْلَى، كَذَا فِي الْكَافِي (وَيُوضَعُ الْحَمْلُ فِي الْحَامِلِ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَلَا الْحَبَالَى حَتَّى يَسْتَبْرِئْنَ بِحَيْضَةٍ» وَالْحَدِيثُ وَرَدَ فِي الْمَسْبِيَّةِ لَكِنَّ سَبَبَ الِاسْتِبْرَاءِ حُدُوثُ الْمِلْكِ وَالْيَدِ؛ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِبْرَاءُ لِتَعَرُّفِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ مَاؤُهُ بِمَاءِ الْغَيْرِ إذْ لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَعَرَّفَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَلَا يَدْرِي أَنَّهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَوَجَبَ التَّعَرُّفُ صِيَانَةً لِلْمِيَاهِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ وَالْأَنْسَابِ عَنْ الِاشْتِبَاهِ وَالْأَوْلَادِ عَنْ الْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ لَا يَدَّعِي الْوَلَدَ فَيَهْلِكُ لِعَدَمِ مَنْ يَقُومُ بِتَرْبِيَتِهِ وَذَلِكَ عِنْدَ حَقِيقَةِ الشُّغْلِ أَوْ تَوَهُّمِهِ لَكِنَّهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ فَأُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى أَمْرٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ تَجْدِيدُ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ وَطْءِ الْمَوْلَى

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْهِدَايَةِ وَبِهَذَا كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظَةِ الْمَمْلُوكِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ خَافَ أَيْ الرَّجُلُ أَوْ الْمَمْلُوكُ الشَّهْوَةَ

(قَوْلُهُ وَيَعْزِلُ عَنْ زَوْجَتِهِ بِهِ) الْمُرَادُ بِهَا الْحُرَّةُ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَبِإِذْنِ مَوْلَاهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ، وَإِذَا عَزَلَ عَنْ امْرَأَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ قَالُوا فِي زَمَانِنَا يُبَاحُ لِسُوءِ الزَّمَانِ، وَإِذَا أَسْقَطَتْ الْوَلَدَ بِالْعِلَاجِ قَالُوا إنْ لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خِلْقَتِهِ لَا تَأْثَمُ، قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا أَقُولُ بِهِ فَإِنَّ الْمُحْرِمَ إذَا كَسَرَ بَيْضَ الصَّيْدِ يَكُونُ ضَامِنًا لِأَنَّهُ أَصْلُ الصَّيْدِ فَلَمَّا كَانَ مُؤَاخَذًا بِالْجَزَاءِ ثَمَّ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَلْحَقَهَا إثْمٌ هُنَا إذَا أَسْقَطَتْ بِغَيْرِ عُذْرٍ إلَّا إنَّهَا لَا تَأْثَمُ إثْمَ الْقَتْلِ.

[فَصْلٌ مَلَكَ الْأُمَّة بِشِرَاءِ]

(فَصْلٌ) .

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ) يُرِيدُ بِهِ الْمَجْعُولَةَ بَدَلَ كِتَابَةٍ أَوْ بَدَلَ مَنْفَعَةٍ لِمَا اسْتَأْجَرَهُ وَالْمُسْتَوْلَى عَلَيْهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرَاةً مِنْ مَحْرَمِهَا) يُرِيدُ نَحْوَ الْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالْمُشْتَرَاةَ مِنْ ابْنِ وَاطِئِهَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ بَاعَهُ أَبُوهُ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِيَ لِلْجَارِيَةِ أَبُو الصَّغِيرِ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ الضَّمِيرُ فِي بَاعَهُ لِلْجَارِيَةِ وَذُكِرَ الضَّمِيرُ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَكَذَا الْحُكْمُ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ.

(قَوْلُهُ: وَدَوَاعِيهِ) شَامِلٌ لِلْمَسْبِيَّةِ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَمْ يَذْكُرْ الدَّوَاعِيَ فِي الْمَسْبِيَّةِ يَعْنِي فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ وُقُوعُهَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْحَرْبِيِّ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَاةِ. اهـ. وَأَجَابَ عَنْ إشْكَالٍ فِيهِ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُنْقَطِعَةِ الْحَيْضُ) إنْ أَرَادَ بِهِ الْآيِسَةَ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا نَصَّهُ قَبْلَهُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْمُمْتَدَّةَ الطُّهْرُ يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَنَّهُ لَا يُقَدَّرُ فِي حَقِّهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيُنَاقِضُهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَذَا فِي الْكَافِي أَنَّ هَذَا فِيهِ كَذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكَافِي مِنْ هَذَا الْقِسْمِ بَلْ جَعَلَهُ قَسِيمًا لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ فَاسْتِبْرَاؤُهَا بِشَهْرٍ لِأَنَّ الشَّهْرَ قَائِمٌ مَقَامَ الْحَيْضِ فِي الْعِدَّةِ فَكَذَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا بِأَنْ صَارَتْ مُمْتَدَّةَ الطُّهْرِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ تَرَكَهَا حَتَّى إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَقَعَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَقْدِيرٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، إلَّا أَنَّ مَشَايِخَنَا قَالُوا يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ يَقُولُ يَسْتَبْرِئُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَهِيَ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي الْحُرَّةِ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>