للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إذَا زَوَّجَهَا) الْوَلِيُّ (عِنْدَهَا فَسَكَتَتْ) يَكُونُ سُكُوتُهَا؛ إذْنًا (فِي الْأَصَحِّ) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْأَقْرَبِ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ وَلِيٌّ بَعِيدٌ (فَإِذْنُهَا) لَا يَكُونُ بِالسُّكُوتِ، بَلْ (بِالْقَوْلِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا السُّكُوتَ لِقِلَّةِ الِالْتِفَاتِ إلَى كَلَامِهِ فَلَمْ يَدُلَّ عَلَى الرِّضَا بِخِلَافِ الرَّسُولِ فَإِنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَلِيِّ (كَالثَّيِّبِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الثَّيِّبُ تُشَاوَرُ» ؛ وَلِأَنَّ النُّطْقَ لَا يُعَدُّ عَيْبًا مِنْهَا إذَا قَلَّ الْحَيَاءُ بِالْمُمَارَسَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْ النُّطْقِ.

وَفِي الْكَافِي إذَا وُجِدَ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَهُوَ كَالْقَوْلِ كَتَمْكِينِهَا نَفْسَهَا وَمُطَالَبَتِهَا بِمَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ تَعْمَلُ عَمَلَ الصَّرِيحِ.

وَفِي الْمُحِيطِ، لَوْ قَبِلَتْ الْهَدِيَّةَ أَوْ خِدْمَةَ الزَّوْجِ أَوْ أَكَلَتْ مِنْ طَعَامِهِ لَا يَكُونُ رِضًا (وَيُشْتَرَطُ) فِي اسْتِئْذَانِ غَيْرِ الْأَقْرَبِ (إعْلَامُهُمَا) أَيْ الْمَهْرِ وَالزَّوْجِ قِيلَ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ فِي اسْتِئْمَارِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ رَغْبَتَهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قِلَّةِ الصَّدَاقِ وَكَثْرَتِهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُزَوِّجَ إذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا فَذِكْرُ الزَّوْجِ يَكْفِي؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْمَهْرِ إلَّا لِغَرَضٍ فَوْقَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الزَّوْجِ وَالْمَهْرِ، كَذَا فِي الْكَافِي

(الزَّائِلُ بَكَارَتَهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ) هُوَ طُولُ مُكْثِهَا فِي أَهْلِهَا بَعْدَ إدْرَاكِهَا حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ عِدَادِ الْأَبْكَارِ (أَوْ زِنًا بِكْرٌ حُكْمًا) أَيْ لَهَا حُكْمُ الْبِكْرِ فِي أَنَّ سُكُوتَهَا رِضًا (وَالْقَوْلُ لَهَا إنْ اخْتَلَفَا فِي السُّكُوتِ) أَيْ إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلْبِكْرِ الْبَالِغَةِ بَلَغَكِ النِّكَاحُ فَسَكَتِّ، وَقَالَتْ: بَلْ رَدَدْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لُزُومَ الْعَقْدِ وَتَمَلُّكَ الْبُضْعِ وَالْمَرْأَةُ تَدْفَعُهُ (وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى سُكُوتِهَا وَلَا تَحْلِفُ هِيَ عِنْدَ عَدَمِهَا) أَيْ بَيِّنَتِهِ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّحْلِيفِ عِنْدَهُ فِي النِّكَاحِ خِلَافًا لَهُمَا

(لِلْوَلِيِّ إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، وَلَوْ) كَانَتْ الصَّغِيرَةُ (ثَيِّبًا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَقَدْ مَرَّ (بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) وَهُوَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ بِأَنْ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِهَا نُقْصَانًا فَاحِشًا (أَوْ لِغَيْرِ كُفْءٍ) بِإِذْنِ زَوْجِ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ عَبْدًا أَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَمَةً (إنْ كَانَ) أَيْ الْوَلِيُّ (أَبًا أَوْ جَدًّا) أَيْ أَبَ الْأَبِ خِلَافًا لَهُمَا قَالُوا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الْمُتَأَخِّرُونَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ.

(قَوْلُهُ: إذَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ عِنْدَهَا فَسَكَتَتْ يَكُونُ سُكُوتُهَا إذْنًا فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الْكَمَالُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا أَوْ عَرَفَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ. اهـ.

(قُلْت) وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهَا بِقَدْرِ الْمَهْرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْكَافِي إذَا وُجِدَ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَهُوَ كَالْقَوْلِ كَتَمْكِينِهَا. . . إلَخْ) زَادَ الْكَمَالُ قَبُولَ التَّهْنِئَةِ وَالضَّحِكِ سُرُورًا لَا اسْتِهْزَاءً وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ سِوَى أَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ رِضًا بِخِلَافِ الثَّيِّبِ لَا بُدَّ فِي حَقِّهَا مِنْ دَلَالَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مُجَرَّدِ السُّكُوتِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ إلَّا التَّمْكِينَ فَيَثْبُتُ بِدَلَالَةِ نَصِّ إلْزَامِ الْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَ الْقَوْلِ. اهـ. وَفِيهِ مُنَاقَشَةٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُزَوِّجَ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا. . . إلَخْ) رَدَّهُ الْكَمَالُ بَحْثًا مِنْهُ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الْكَافِي فَالْأَوْجَهُ الْإِطْلَاقُ وَمَا ذُكِرَ أَيْ فِي الْكَافِي مِنْ التَّفْصِيلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي تَزْوِيجِهِ الصَّغِيرَةَ بِحُكْمِ الْجَبْرِ وَالْكَلَامُ فِي الْكَبِيرَةِ الَّتِي وَجَبَ مُشَاوَرَتُهُ لَهَا وَالْأَبُ فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ لَا يَصْدُرُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهَا إلَّا بِرِضَاهَا غَيْرَ أَنَّ رِضَاهَا يَثْبُتُ بِالسُّكُوتِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُضْعِفُ ظَنَّ كَوْنِهِ رِضًا وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ لَهَا لِجَوَازِ كَوْنِهَا لَا تَرْضَى إلَّا بِالزَّائِدِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِكَمِّيَّةٍ خَاصَّةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: الزَّائِلِ بَكَارَتِهَا) أَيْ عُذْرَتِهَا وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ الْبِكْرَ اسْمٌ لِمَنْ لَمْ تُجَامَعْ بِنِكَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْكُلِّ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ زِنًا) يُرِيدُ بِهِ الْخَفِيَّ الَّذِي لَمْ تُشْهَرْ بِهِ بِأَنْ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهَا الْحَدُّ بِهِ وَلَمْ يَصِرْ عَادَةً لَهَا.

(قَوْلُهُ: بِكْرٍ حُكْمًا) وَاضِحٌ فِي الزِّنَا، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَهِيَ بِكْرٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ وَبَقِيَ مَسْأَلَةُ مَنْ طَلُقَتْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ وَلَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ فُرِّقَ بَيْنهمَا بِعُنَّةٍ أَوْ جَبٍّ تُزَوَّجُ كَالْأَبْكَارِ، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا بِكْرٌ حَقِيقَةً وَالْحَيَاءُ فِيهَا مَوْجُودٌ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ وَالْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: اخْتَلَفَا فِي السُّكُوتِ) أَيْ قَبْلَ وُجُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِلْبِكْرِ الْبَالِغَةِ بَلَغَكِ النِّكَاحُ. . . إلَخْ) إنَّمَا فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ بِهَذَا الْمِثَالِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ بَلَغَنِي النِّكَاحُ يَوْمَ، كَذَا فَرَدَدْتُ، وَقَالَ الزَّوْجُ لَا بَلْ سَكَتِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَالْفَرْقُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى سُكُوتِهَا) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ، وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى لِإِثْبَاتِ زِيَادَةِ الرَّدِّ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ ادَّعَى السُّكُوتَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إجَازَتَهَا وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِثْبَاتِ وَزِيَادَةُ بَيِّنَتِهِ بِإِثْبَاتِ اللُّزُومِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ بَيِّنَتُهَا أَوْلَى، كَذَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) سَيَأْتِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْأَشْيَاءِ السِّتِّ

[إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ لِغَيْرِ كُفْء]

(قَوْلُهُ: بِأَنْ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ وَنَقَصَ مِنْ مَهْرِهَا نُقْصَانًا فَاحِشًا) كَذَا لَوْ زَادَ فِي مَهْرِ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ زِيَادَةً فَاحِشَةً فَلَا اخْتِصَاصَ بِمَا فَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ أَمَةً) فِيهِ تَأَمُّلٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا) قَيَّدَ لِقَوْلِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلِغَيْرِ كُفْءٍ لَا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ نِكَاحِ الصَّغِيرِ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا الْجَدُّ وَالْأَبُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>