للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمَّا بِأَنْ لَا تَسْقُطَ أَوْ سَقَطَتْ لَكِنْ لَا عَنْ بُرْءٍ (فَلَا) أَيْ فَلَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ وَلَا تُسْتَأْنَفُ الصَّلَاةُ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَسْحِهَا) أَيْ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ، وَالْخِرْقَةِ، وَالْعِصَابَةِ (التَّثْلِيثُ، وَالنِّيَّةُ) قَالَ الزَّاهِدِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَيُسَنُّ التَّثْلِيثُ عِنْدَ الْبَعْضِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الرَّأْسِ (وَيَكْفِي) الْمَسْحُ (عَلَى أَكْثَرِ الْعِصَابَةِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِاسْتِيعَابُ عَلَى الصَّحِيحِ كَذَا فِي الْكَافِي: فَصَدَ وَوَضَعَ خِرْقَةً وَشَدَّ الْعِصَابَةَ قِيلَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى الْخِرْقَةِ وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ شَدُّ الْعِصَابَةِ بِلَا إعَانَةٍ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ وَقِيلَ إنْ كَانَ حَلُّ الْعِصَابَةِ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهَا يَضُرُّ الْجِرَاحَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ خِرْقَةٍ جَاوَزَتْ مَوْضِعَ الْقُرْحَةِ، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ حَلُّهَا بَلْ نَزْعُهَا عَنْ مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ يَضُرُّ يَحُلُّهَا وَيَغْسِلُ مَا تَحْتَهَا إلَى مَوْضِعِ الْجِرَاحَةِ فَيَشُدُّهَا وَيَمْسَحُ مَوْضِعَ الْجِرَاحَةِ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى جَوَازِ مَسْحِ عِصَابَةِ الْمُفْتَصِدِ وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الظَّاهِرُ مِنْ الْيَدِ مَا يَلِي بَيْنَ الْعُقْدَتَيْنِ مِنْ الْعِصَابَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ الْمَسْحُ إذْ لَوْ غَسَلَ تَبْتَلُّ الْعِصَابَةُ فَرُبَّمَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى مَوْضِعِ الْفَصْدِ.

بَابُ دِمَاءٍ تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ

وَهِيَ ثَلَاثَةٌ: حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَاسْتِحَاضَةٌ (الْحَيْضُ دَمٌ يَنْفُضُهُ رَحِمُ بَالِغَةٍ) أَيْ بِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ احْتَرَزَ بِالرَّحِمِ عَنْ الِاسْتِحَاضَةِ لِأَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ لَا دَمُ رَحِمٍ، وَعَنْ الرُّعَافِ، وَالدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ وَعَمَّا تَرَاهُ الْحَامِلُ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الرَّحِمِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَى عَادَتَهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَبِلَتْ يَنْسَدُّ فَمُ الرَّحِمِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ (لَا دَاءَ بِهَا) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا يَنْفُضُهُ الرَّحِمُ لِمَرَضٍ كَالْوِلَادَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ النُّفَسَاءَ فِي حُكْمِ الْمَرِيضَةِ حَتَّى اُعْتُبِرَ تَبَرُّعَاتُهَا مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَقُلْ وَلَا إيَاسَ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا وَجْهَ لِأَخْذِهِ فِي حَدِّ الْحَيْضِ (وَأَقَلُّهُ) يَعْنِي أَقَلَّ مُدَّتِهِ (ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا) يَعْنِي ثَلَاثَةَ لَيَالٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلَتَيْنِ (وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقَلُّ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي تَقْدِيرِهِ الْأَقَلَّ بِيَوْمٍ، وَالْأَكْثَرَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

(وَلَوْنٌ) رَأَتْهُ (فِي مُدَّتِهِ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: إمَّا بِأَنْ لَا تَسْقُطَ) هَذَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُذْكَرَ فِي مُقَابَلَةِ السُّقُوطِ عَنْ بُرْءٍ بَلْ يُكْتَفَى بِالسُّقُوطِ لَا عَنْ بُرْءٍ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الرَّأْسِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ حُكْمَهَا فِي الرَّأْسِ كَغَيْرِهَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ بِالرَّأْسِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا مَا يُجْزِي فِي الْفَرْضِ، وَالصَّوَابُ هُوَ الْوُجُوبُ كَمَا فِي الْبَحْرِ

(تَتِمَّةٌ) فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ رَجُلٌ بِهِ رَمَدٌ فَدَاوَاهُ وَأُمِرَ أَنْ لَا يَغْسِلَ فَهُوَ كَالْجَبِيرَةِ وَفِي الْأَصْلِ إذَا انْكَسَرَ ظُفْرُهُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ الدَّوَاءَ أَوْ الْعِلْكَ وَتَوَضَّأَ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ لَا يَنْزِعَ عَنْهُ يُجْزِيهِ إنْ لَمْ يَخْلُصْ إلَيْهِ الْمَاءُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْمَسْحُ وَلَا إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى الدَّوَاءِ وَالْعِلْكِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ، وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَشُرِطَ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى الْعِلْكِ وَلَا يَكْفِيهِ الْمَسْحُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَفِي الْبُرْهَانِ وَلَوْ انْكَسَرَ ظُفْرُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دَوَاءً أَوْ عِلْكًا أَوْ أَدْخَلَ جِلْدَةَ مَرَارَةٍ فَإِنْ كَانَ يَضُرُّهُ نَزْعُهُ مَسَحَ عَلَيْهِ وَإِنْ ضَرَّهُ الْمَسْحُ تَرَكَهُ وَإِنْ كَانَ بِأَعْضَائِهِ شُقُوقٌ أَمَرَّ عَلَيْهَا الْمَاءَ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا مَسَحَ عَلَيْهَا إنْ قَدَرَ وَإِلَّا تَرَكَهَا وَغَسَلَ مَا حَوْلَهَا اهـ.

وَإِذَا تَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى الدَّوَاءِ ثُمَّ سَقَطَ الدَّوَاءُ إنْ سَقَطَ عَنْ بُرْءٍ يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الظَّاهِرُ مِنْ الْيَدِ مَا يَلِي بَيْنَ الْعُقْدَتَيْنِ. . . إلَخْ) يَنْبَغِي حَذْفُ لَفْظَةِ يَلِي فَتَأَمَّلْ.

[بَابُ دِمَاءٍ تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ]

[أَحْكَام الْحَيْض]

(بَابُ دِمَاءٍ تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ)

(قَوْلُهُ: الْحَيْضُ. . . إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ مُسَمَّى الْحَيْضِ خَبَثٌ أَمَّا إنْ كَانَ حَدَثًا فَتَعْرِيفُهُ مَانِعِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ بِسَبَبِ الدَّمِ الْمَذْكُورِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَحْدَاثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَنْجَاسِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِنْتِ تِسْعٍ) أَقُولُ هَذَا عَلَى الْمُخْتَارِ لِتَعْرِيفِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا حَيْضٌ لِبُلُوغِهَا وَقِيلَ بِنْتُ سِتٍّ وَضَعَّفَهَا وَسَبْعٍ (قَوْلُهُ: احْتَرَزَ بِالرَّحِمِ عَنْ الِاسْتِحَاضَةِ لِأَنَّهُ دَمُ عِرْقٍ) أَقُولُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَيْدِ الْبُلُوغِ وَاحْتَرَزَ بِهِ غَيْرُهُ عَنْ الصَّغِيرَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ قَوْلُكُمْ إنَّ دَمَ الصَّغِيرَةِ اسْتِحَاضَةٌ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ دَمَ الِاسْتِحَاضَةِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا وَدَمَ الصَّغِيرَةِ لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الشَّرْعِ فَذِكْرُهُ لِإِصْلَاحِ التَّعْرِيفِ لَا لِإِخْرَاجِ حُكْمِهِ عَنْ حُكْمِ دَمِ الْحَيْضِ اهـ.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ لِتَرَتُّبِ حُكْمِ الصَّلَاةِ صِحَّةً وَفَسَادًا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَيْهَا وَصِحَّةِ صَوْمِهَا وَعَدَمِ مَنْعِهِ حِلَّ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ وَلَا إيَاسٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) أَقُولُ يَرِدُ الْبُلُوغُ فَإِنَّهُ أُخِذَ فِي الْحَدِّ مَعَ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَا وَجْهَ لِأَخْذِهِ فِي حَدِّ الْحَيْضِ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَقَلَّ مُدَّتِهِ) هَذَا يُعَيِّنُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةٌ خَبَرًا لَهُ فَاحْتَاجَ لِبَيَانِ مَا أَضْمَرَهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِلَيَالِيِهَا) صَرَّحَ بِهِ لِزِيَادَةِ إيضَاحٍ وَإِلَّا فَلَا فَذِكْرُ الْأَيَّامِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ يَتَنَاوَلُ مِثْلَهَا مِنْ اللَّيَالِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} [آل عمران: ٤١] وَقَالَ {ثَلاثَ لَيَالٍ} [مريم: ١٠] ، وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَكْثَرُهُ عَشَرَةٌ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا وَقَالَ أَوَّلًا خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ وَعَلَى أَبِي يُوسُفَ فِي التَّقْدِيرِ بِيَوْمَيْنِ وَأَكْثَرِ الثَّالِثِ، وَعَلَى مَالِكٍ بِسَاعَةٍ كَمَا فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ: وَلَوْنٌ رَأَتْهُ فِي مُدَّتِهِ) الْمُرَادُ بِالْمُدَّةِ زَمَانُ عَادَتِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>