للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشْهُرٍ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِتِسْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إلَّا ثَلَاثَ سَاعَاتٍ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى ثَلَاثِ حَيْضَاتٍ كُلُّ حَيْضٍ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَإِلَى ثَلَاثِ أَطْهَارٍ كُلُّ طُهْرٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا سَاعَةً، اعْلَمْ أَنَّ إحَاطَةَ الدَّمِ لِلطَّرَفَيْنِ شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِطَرَفَيْ مُدَّةِ الْحَيْضِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِطَرَفَيْ مُدَّةِ الطُّهْرِ الْمُتَخَلِّلِ وَأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا بَلْ هُوَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا لَا يَفْصِلُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ بَلْ هُوَ أَيْضًا كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي عِنْدَهُ لِأَنَّهُ طُهْرٌ فَاسِدٌ لَا يَصْلُحُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَكَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الصَّحِيحِ شَرْعًا فَيَجُوزُ بُدَاءَةُ الْحَيْضِ وَخَتْمُهُ بِالطُّهْرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ الْآتِيَةِ.

وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَفْصِلُ إنْ أَحَاطَ الدَّمُ بِطَرَفَيْهِ فِي عَشَرَةٍ أَوْ أَقَلَّ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْهُ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ كَوْنُ الدَّمَيْنِ نِصَابًا.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشْتَرَطُ مَعَ هَذَا كَوْنُ الطُّهْرِ مُسَاوِيًا لِلدَّمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ إذَا صَارَ الطُّهْرُ لِكَوْنِهِ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي دَمًا عِنْدَهُ فَإِنْ وُجِدَ فِي عَشَرَةِ ذَلِكَ الطُّهْرِ فِيهَا طُهْرٌ آخَرُ يَغْلِبُ الدَّمَيْنِ الْمُحِيطَيْنِ بِهِ لَكِنْ يَصِيرُ مَغْلُوبًا إنْ عُدَّ ذَلِكَ الدَّمُ الْحُكْمِيُّ دَمًا فَإِنَّهُ يُعَدُّ دَمًا حَتَّى يَجْعَلَ الطُّهْرَ الْآخَرَ حَيْضًا أَيْضًا إلَّا فِي قَوْلِ أَبِي سُهَيْلٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الطُّهْرِ الْآخَرِ مُقَدَّمًا عَلَى ذَلِكَ الطُّهْرِ أَوْ مُؤَخَّرًا، وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ الطُّهْرُ الَّذِي يَكُونُ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ يَفْصِلُ مُطْلَقًا فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَوَضَعُوا مِثَالًا يَجْمَعُ هَذِهِ الْأَقْوَالَ مُبْتَدِئَةٌ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ يَوْمًا د وَثَمَانِيَةً ط ثُمَّ يَوْمًا د وَسَبْعَةً ط ثُمَّ يَوْمَيْنِ د وَثَلَاثَةً ط ثُمَّ يَوْمًا د وَثَلَاثَةً ط ثُمَّ يَوْمًا د وَيَوْمَيْنِ ط ثُمَّ يَوْمًا د فَهَذِهِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا فَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الْعَشَرَةُ الْأُولَى الَّتِي حَادِيهَا دَمٌ وَعَاشِرُهَا طُهْرٌ، وَالْعَشَرَةُ الرَّابِعَةُ الَّتِي طَرَفَاهَا طُهْرٌ حَيْضٌ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ الْعَشَرَةُ بَعْدَ طُهْرٍ هُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَيْضٍ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُبَارَكِ الْعَشَرَةُ بَعْدَ طُهْرٍ هُوَ ثَمَانِيَةُ حَيْضٍ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْعَشَرَةُ بَعْدَ طُهْرٍ هُوَ سَبْعَةُ حَيْضٍ.

وَعِنْدَ أَبِي سُهَيْلٍ السِّتَّةُ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ حَيْضَةٌ.

وَعِنْدَ الْحَسَنِ الْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ حَيْضٌ وَمَا سِوَى مَا حَكَمَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ بِكَوْنِهِ حَيْضًا اسْتِحَاضَةٌ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ فَفِي كُلِّ صُورَةٍ يَكُونُ الطُّهْرُ النَّاقِصُ فَاصِلًا فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ إنْ كَانَ أَحَدُ الدَّمَيْنِ نِصَابًا كَانَ حَيْضًا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصَابًا فَالْأُولَى حَيْضٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُمَا نِصَابًا فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ اسْتِحَاضَةٌ وَلْنُصَوِّرْ صُورَةً يُفْهَمُ مِنْهَا الْأَقْوَالُ بِسُهُولَةٍ وَهِيَ هَذِهِ (د هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ د هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ د هـ هـ هـ هـ هـ هـ هـ د د هـ هـ هـ د هـ هـ هـ د هـ هـ د) هَذَا مَا تَيَسَّرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ.

(، وَالنِّفَاسُ دَمٌ يَعْقُبُ الْوَلَدَ) وَهُوَ فِي الْأَصْلِ وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ إذَا وَضَعَتْ فَهِيَ نُفَسَاءُ وَنِسْوَةٌ نِفَاسٌ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا اهـ.

قُلْت فَلَا شَكَّ أَنَّ مَا صَوَّرَهُ هُوَ هَكَذَا فِي الْحُكْمِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّنْقِيضِ اهـ. ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِهِ الطَّلَاقَ أَوَّلَ الطُّهْرِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ إلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ مَضْبُوطًا فَلَيْسَ هَذَا التَّقْدِيرُ بِلَازِمٍ لِجَوَازِ كَوْنِ حِسَابِهِ يُوجِبُ كَوْنَهُ أَوَّلَ الْحَيْضِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَذْكُورِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ أَوْ آخِرَ الطُّهْرِ فَيُقَدَّرُ بِسَنَتَيْنِ وَاحِدٍ وَثَلَاثِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَضْبُوطًا فَيَنْبَغِي أَنْ تُزَادَ الْعَشَرَةُ إنْزَالًا لَهُ مُطْلَقًا أَوَّلَ الْحَيْضِ احْتِيَاطًا اهـ.

فَقُلْت وَبِهَذَا تُعْلَمُ صِحَّةُ جَوَابِنَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (قَوْلُهُ: اعْلَمْ. . . إلَخْ) مَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَطُهْرٍ مُتَخَلَّلٍ فِيهَا حَيْضٌ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ ثَمَّةَ (قَوْلُهُ: فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. . . إلَخْ) قَالَ الْكَمَالُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ وَكَانَ يَقُولُ هُوَ أَسْهَلُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتِي، وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ رَأْيُ صَدْرِ الْإِسْلَامِ حُسَامِ الدِّينِ وَبِهِ يُفْتِي اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ رِوَايَةَ أَبِي يُوسُفَ لَكِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَّا فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ فَرَاجِعْهُ مُتَأَمِّلًا (قَوْلُهُ: كَوْنُ الدَّمَيْنِ نِصَابًا) أَقُولُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ. . . إلَخْ)

قَالَ الْكَمَالُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى اهـ.

وَيَعْنِي بِالْأَوَّلِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا (قَوْلُهُ: فَفِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الْعَشَرَةُ الْأُولَى. . . إلَخْ) فَإِنْ قُلْت فِي جَعْلِ الْعَشَرَةِ الْأُولَى حَيْضًا نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَهُ وُجُودُ نِصَابِ أَقَلِّهِ وَذَلِكَ إمَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَوْ يَوْمَانِ وَأَكْثَرُ الثَّالِثِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يُوجَدْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الطُّهْرَ إذَا لَمْ يَكُنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَ فَاسِدًا فَلَمْ يَكُنْ فَاصِلًا فَهُوَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي وَإِذَا كَانَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي فَالْحَيْضُ عَشَرَةٌ، وَالطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

[أَحْكَام النِّفَاس وَالِاسْتِحَاضَة]

(قَوْلُهُ: وَالنِّفَاسُ. . . إلَخْ) تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَأَمَّا اشْتِقَاقُهُ مِنْ تَنَفُّسِ الرَّحِمِ أَوْ خُرُوجِ النَّفْسِ بِمَعْنَى الْوَلَدِ فَلَيْسَ بِذَاكَ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي عَنْ الْمُغْرِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>