للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبُلُوغِ تَحْتَاجُ إلَى التَّحْصِينِ وَالْحِفْظِ وَالْأَبُ فِيهِ أَقْدَرُ (وَرُوِيَ) عَنْ مُحَمَّدٍ (حَتَّى تُشْتَهَى) يَعْنِي أَنَّهَا تُدْفَعُ إلَى الْأَبِ إذَا بَلَغَتْ حَدَّ الشَّهْوَةِ لِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ إلَى الصِّيَانَةِ (وَهُوَ الْأَحْوَطُ) لِفَسَادِ الزَّمَانِ (وَغَيْرُهُمَا) أَيْ حَضَانَةُ غَيْرِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ (أَحَقُّ بِهَا) أَيْ بِالْبِنْتِ مِنْهُمَا (حَتَّى تُشْتَهَى) لِأَنَّ التَّرْكَ عِنْدَ مَنْ تَحْضُنُهَا نَوْعُ اسْتِخْدَامٍ وَغَيْرُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ التَّسْلِيمُ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالِاسْتِخْدَامِ، وَغَيْرُهُمَا لَا يَمْلِكُهُ وَلِهَذَا لَا يُؤَجِّرُهَا لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَيْهِ شَرْعًا.

(لَا تُسَافِرُ مُطَلَّقَةٌ بِوَلَدِهَا) أَيْ بِدُونِ إذْنِ أَبِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ (إلَّا إلَى وَطَنِهَا الَّذِي نَكَحَهَا فِيهِ) حَتَّى لَوْ وَقَعَ التَّزَوُّجُ فِي بَلَدٍ وَلَيْسَ بِوَطَنٍ لَهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْقُلَهُ إلَيْهِ وَلَا إلَى وَطَنِهَا لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ هَذَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ تَفَاوُتٌ، وَإِنْ تَقَارَبَا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَعَةِ وَلَدِهِ فِي يَوْمٍ وَيَرْجِعُ إلَى أَهْلِهِ فِيهِ قَبْلَ اللَّيْلِ جَازَ لَهَا النَّقْلُ إلَيْهِ مُطْلَقًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وُقُوعُ التَّزَوُّجِ وَلَا الْوَطَنُ إلَّا إلَى قَرْيَةٍ مِنْ مِصْرٍ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى قَرِيبٍ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ لِأَنَّهُ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْقُرَى فَلَا تَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَطَنَهَا وَوَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا فِي الْأَصَحِّ لِمَا بَيَّنَّا (وَخُصَّ هَذَا) السَّفَرُ (بِالْأُمِّ) وَلَيْسَ لِغَيْرِهَا أَنْ يَنْقُلَهُ بِلَا إذْنِ الْأَبِ حَتَّى الْجَدَّةِ.

(لِلصَّغِيرَةِ عَمَّةٌ مُوسِرَةٌ وَالْأَبُ مُعْسِرٌ أَرَادَتْ الْعَمَّةُ إمْسَاكَ الْوَلَدِ مَجَّانًا وَلَا تَمْنَعُهُ) أَيْ الْعَمَّةُ الْوَلَدَ (عَنْ الْأُمِّ وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ (تَأْبَى) أَيْ تَمْتَنِعُ مِنْ الْحَضَانَةِ (وَتُطَالِبُهُ بِالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ فَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ لَهَا: إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الْوَلَدَ مَجَّانًا، أَوْ تَدْفَعِي إلَى الْعَمَّةِ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

(بَابُ النَّفَقَةِ)

هِيَ اسْمٌ بِمَعْنَى الْإِنْفَاقِ قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْ النَّفَقَةِ فَقَالَ: هِيَ الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (هِيَ تَجِبُ بِأَسْبَابٍ مِنْهَا الزَّوْجِيَّةُ، وَ) مِنْهَا (النَّسَبُ، وَ) مِنْهَا (الْمِلْكُ) قَدَّمَ الزَّوْجِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَصْلُ النَّسَبِ، وَالنَّسَبُ أَقْوَى مِنْ الْمِلْكِ (فَتَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ صَغِيرًا) لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ (أَوْ فَقِيرًا) لَيْسَ عِنْدَهُ قَدْرُ النَّفَقَةِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ حَتَّى تُشْتَهَى وَهُوَ الْأَحْوَطُ) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ وَبِهِ يُفْتَى وَقَالَ الْكَمَالُ: وَفِي غِيَاثِ الْمُفْتِي الِاعْتِمَادُ عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ: لَا تُسَافِرُ مُطَلَّقَةٌ بِوَلَدِهَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّعْبِيرِ بِالسَّفَرِ، وَالْخُرُوجِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِأَنَّ السَّفَرَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْمَنْعِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ اللُّغَوِيُّ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا لِأَنَّهَا لَا تُمْنَعُ فِيمَا إذَا تَقَارَبَ مَا بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ وَكَذَا التَّعْبِيرُ بِمُطْلَقِ الْخُرُوجِ لَا يَصِحُّ وَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ اهـ.

وَكَذَا لَا يَخْرُجُ الْأَبُ بِهِ مِنْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ،.

وَفِي السِّرَاجِيَّةِ لِلْمُطَلِّقِ السَّفَرُ بِوَلَدِهِ لِزَوْجِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ حَقُّهَا اهـ. .

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُبْصِرَ وَلَدَهَا كُلَّ يَوْمٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَارَبَا. . . إلَخْ) أَيْ وَنَقَلَتْهُ إلَى مِصْرٍ آخَرَ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ وَسَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى قَرِيبٍ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَقَارَبَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا شَمِلَ النَّقْلَ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ. . . إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِلصَّغِيرَةِ عَمَّةٌ. . . إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُغَايِرَةٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الصَّغِيرَةَ تُدْفَعُ لِلْعَمَّةِ هُنَا، وَفِي السَّابِقَةِ قَالَ تَرْضَعُ فِي بَيْتِ الْأُمِّ فَتُحْمَلُ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَهَذَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ وَأَنَّ الصَّغِيرَةَ تُدْفَعُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً، وَالْأُمُّ تُرِيدُ الْأَجْرَ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَنَّهَا حَاضِنَتُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَكُلُّ حَاضِنَةٍ لَهُ هِيَ كَذَلِكَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَتَقْيِيدُ الدَّفْعِ لِلْعَمَّةِ بِيَسَارِهَا، وَإِعْسَارِ الْأَبِ مُفِيدٌ أَنَّ الْأَبَ الْمُوسِرَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ وَمَعَ إعْسَارِهِ لَا يُوجَدُ أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَّةِ مُتَبَرِّعًا بِمِثْلِ الْعَمَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلصَّغِيرِ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ اسْمُهَا كَشْفُ الْقِنَاعِ الرَّفِيعِ عَنْ مَسْأَلَةِ التَّبَرُّعِ بِمَا يَسْتَحِقُّ الرَّضِيعُ.

[بَابُ النَّفَقَةِ]

[أَسْبَاب النَّفَقَة]

(بَابُ النَّفَقَةِ) (قَوْلُهُ: تَجِبُ بِأَسْبَابٍ. . . إلَخْ) وَمِنْهَا حَبْسُ النَّفْسِ لِمَصَالِحِ الْغَيْرِ، أَوْ الْعَامَّةِ كَالْمُفْتِي وَالْمُضَارِبِ إذَا سَافَرَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْوَصِيِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرًا) قَالَ قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهَا وَيَسْتَدِينُ الْأَبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيِسَ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ مَصْلَحَةٌ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي تَزْوِيجِ قَاصِرٍ وَمُرْضِعٍ بَالِغَةً حَدَّ الشَّهْوَةِ وَطَاقَةِ الْوَطْءِ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ، وَلُزُومِ نَفَقَةٍ يُقَرِّرُهَا الْقَاضِي تَسْتَغْرِقُ مَالَهُ إنْ كَانَ، أَوْ يَصِيرُ ذَا دَيْنٍ كَثِيرٍ، وَنَصُّ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا عُرِفَ الْأَبُ بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ مَجَانَةً، أَوْ فِسْقًا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَلِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>