للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ وَقَعَ الْعِتْقُ عَلَيْهِ قَصْدًا بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَعْتِقُ وَلَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ أَبَدًا إلَى مَوَالِي أَبِيهِ، وَإِنْ وَقَعَ بِمُجَرَّدِ تَبَعِيَّةِ أُمِّهِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِلْأَكْثَرِ يَعْتِقُ أَيْضًا لَكِنْ إذَا أُعْتِقَ الْأَبُ بَعْدَهُ فَقَدْ يَجُرُّ وَلَاءَ ابْنِهِ إلَى مَوَالِيهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْوَلَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (بِلَا عَكْسٍ) يَعْنِي أَنَّ الْأُمَّ لَا تَعْتِقُ بِعِتْقِ الْحَمْلِ بَلْ يَعْتِقُ الْحَمْلُ فَقَطْ إذْ لَا وَجْهَ لِإِعْتَاقِهَا مَقْصُودًا لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَلَا تَبَعًا لَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ قَلْبَ الْمَوْضُوعِ (الْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأَبَ فِي النَّسَبِ) ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّعْرِيفِ، وَالْأُمُّ لَا تَشْتَهِرُ.

(وَ) يَتْبَعُ (الْأُمَّ فِي الْمِلْكِ) حَتَّى إذَا كَانَتْ الْأُمُّ مِلْكَ زَيْدٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا كَانَ الْوَلَدُ أَيْضًا مِلْكًا لَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ كَانَ الْوَلَدُ كَذَلِكَ (وَالرِّقِّ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرِّقَّ هُوَ الذُّلُّ الَّذِي رَكَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى بَعْضِ عِبَادِهِ جَزَاءَ اسْتِنْكَافِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقُّ الْعَامَّةِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ، وَالْمِلْكُ هُوَ تَمَكُّنُ الشَّخْصِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَهُوَ حَقُّهُ وَأَوَّلُ مَا يُؤْخَذُ الْمَأْسُورُ يُوصَفُ بِالرِّقِّ لَا الْمِلْكِ إلَّا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، وَالْمِلْكُ يُوجَدُ فِي الْجَمَادِ وَالْحَيَوَانِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لَا الرِّقُّ، وَبِالْبَيْعِ يَزُولُ مِلْكُ الْمَالِكِ لَا الرِّقُّ وَبِالْعِتْقِ يَزُولُ مِلْكُهُ قَصْدًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ وَيَزُولُ الرِّقُّ ضِمْنًا ضَرُورَةَ فَرَاغِهِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ وَتَبَيَّنَ لَك الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِنِّ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ فَإِنَّ الرِّقَّ وَالْمِلْكَ كَامِلَانِ فِي الرَّقِيقِ الْقِنِّ وَرِقُّ أُمِّ الْوَلَدِ نَاقِصٌ حَتَّى لَا يَجُوزُ إعْتَاقُهَا عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَالْمِلْكُ فِيهَا كَامِلٌ، وَالْمُكَاتَبُ رِقُّهُ كَامِلٌ حَتَّى جَازَ إعْتَاقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَمِلْكُهُ نَاقِصٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِ الْمَوْلَى وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي كَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

(وَالْعِتْقِ وَفُرُوعِهِ) كَالتَّدْبِيرِ، وَالِاسْتِيلَادِ، وَالْكِتَابَةِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ مَاءَهُ يَكُونُ مُسْتَهْلَكًا بِمَائِهَا فَتَرَجَّحَ جَانِبُهَا وَلِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ بِهِ مِنْ جَانِبِهَا وَلِهَذَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الزِّنَا وَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ مِنْهَا حَتَّى تَرِثَهُ وَيَرِثَهَا وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ كَعُضْوٍ مِنْهَا حِسًّا وَحُكْمًا حَتَّى يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا وَيَنْتَقِلَ بِانْتِقَالِهَا وَيَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ تَبَعًا لَهَا فَكَانَ جَانِبُهَا أَرْجَحَ وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ جَانِبُ الْأُمِّ فِي الْبَهَائِمِ أَيْضًا حَتَّى إذَا تَوَالَدَ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ أَوْ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِ الْمَأْكُولِ يُؤْكَلُ إذَا كَانَتْ أُمُّهُ مَأْكُولَةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَيَتْبَعُ) الْوَلَدُ (خَيْرَهُمَا فِي الدِّينِ) رِعَايَةً لِجَانِبِ الْوَلَدِ (فَوَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ زَوْجِهَا مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ الْوَلَدِ تَابِعًا لِلْأُمِّ فِي الْمِلْكِ (وَلَوْ كَانَ) الْوَلَدُ (مِنْ سَيِّدِهَا فَحُرٌّ) ؛ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَاءُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ مَاءَهَا مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا بِخِلَافِ أَمَةِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ مَاءَهَا مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا فَتَعَارَضَا فَرُجِّحَ جَانِبُهَا بِمَا ذَكَرْنَا، وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَ بِهِ لِعِلْمِهِ (وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ) الْمَغْرُورُ رَجُلٌ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا مِلْكُ الْبَائِعِ أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَدًا فَظَهَرَ أَنَّ الْأُولَى مِلْكٌ لِغَيْرِ الْبَائِعِ، وَالثَّانِيَةَ أَمَةٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْوَلَدَيْنِ حُرًّا بِالْقِيمَةِ أَمَّا حُرِّيَّتُهُ فَلِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْحُرِّ وَلَمْ يَرْضَ الْوَالِدُ بِرَقَبَتِهِ كَمَا رَضِيَ فِي الْأَوَّلِ فَلَا يَتْبَعُهَا وَأَمَّا الْقِيمَةُ فَلِرِعَايَةِ جَانِبِ التَّبَعِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ

(بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: بَلْ يَعْتِقُ الْحَمْلُ فَقَطْ) أَهْمَلَهُ عَنْ الْقَيْدِ وَهُوَ وَاجِبُ الذِّكْرِ إذْ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ الْوَلَدِ إلَّا أَنْ تَلِدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِمَا هُوَ فِي حُكْمِهِ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ وَلَوْ زَادَ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ جَاءَتْ بِتَوْأَمَيْنِ الْأَوَّلُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالثَّانِي لِأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَرِقُ أُمِّ الْوَلَدِ نَاقِصٌ) قَالَ الْكَمَالُ: وَمَا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ الرِّقَّ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِيءَ فَكَيْفَ يَقْبَلُ النُّقْصَانَ يَنْدَفِعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنُقْصَانِ الرِّقِّ نُقْصَانُ حَالِهِ لَا نُقْصَانُ ذَاتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْعِتْقِ وَفُرُوعِهِ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْحَمْلُ يَعْتِقُ بِعِتْقِ أُمِّهِ وَكَذَا وَقَعَ مِثْلُ هَذَا فِي غَيْرِ مَا كِتَابٍ وَلَعَلَّ إعَادَتَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَفُرُوعِهِ (قَوْلُهُ: فَوَلَدُ الْأَمَةِ. . . إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّعَ عَلَى الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَيَقُولُ: فَوَلَدُ الْعَامِّيِّ مِنْ الشَّرِيفَةِ لَيْسَ بِشَرِيفٍ مَثَلًا. . . إلَخْ وَلَمْ يُفَرِّعْ لِقَوْلِهِ: وَالرِّقِّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَوَلَدُ الْمَسْبِيَّةِ بِأَنْ سَبَاهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَمَا سَيَأْتِي.

[بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>