للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْتِقُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَهُوَ كَانَ صَحِيحًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ شَهْرٍ (لَمْ يَعْتِقْ) ؛ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ، وَالْقَيْدُ لَمْ يُوجَدْ (وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَاتَ بَعْدَهُ) لَا يَعْتِقُ بِالْمَوْتِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمَوْلَى لِلْإِعْتَاقِ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ (بَلْ يَعْتِقُهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ أَوْ الْقَاضِي) لِانْتِقَالِ الْوِلَايَةِ بَعْدَهُ إلَيْهِمْ، كَذَا فِي التُّحْفَةِ (قِيمَةُ) الْمُدَبَّرِ (الْمُطْلَقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ) كَانَ (قِنًّا، وَالْمُقَيَّدُ يُقَوَّمُ قِنًّا) اخْتَلَفُوا فِي قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ قِيلَ قِيمَتُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا، وَقِيلَ ثُلُثَا قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَقِيلَ يُنْظَرُ بِكَمْ يُسْتَخْدَمُ مُدَّةَ عُمْرِهِ مِنْ حَيْثُ الْحَزْرُ وَالظَّنُّ فَيُجْعَلَ قِيمَتَهُ ذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ؛ لِأَنَّ لِلَّقِنِ مَنْفَعَتَيْنِ: مَنْفَعَةُ الْبَيْعِ وَمَا شَاكَلَهَا مِنْ التَّمْلِيكِ بِالدَّيْنِ وَالْأَمْهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ: مَنْفَعَةُ الْإِجَارَةِ وَالِاسْتِخْدَامِ، وَالتَّدْبِيرِ فَتَفُوتُ الْأُولَى وَتَبْقَى الثَّانِيَةُ فَتَكُونُ قِيمَتُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَلَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ مُقَيَّدًا يُقَوَّمُ قِنًّا، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

(بَابٌ الِاسْتِيلَادِ) هُوَ لُغَةً: طَلَبُ الْوَلَدِ، وَشَرْعًا: طَلَبُ الْمَوْلَى الْوَلَدَ مِنْ أَمَتِهِ بِالْوَطْءِ (أَمَةٌ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي لَمْ تُمْلَكْ (وَلَدَتْ مِنْ مَوْلَاهَا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ إقْرَارُهُ حَالَ كَوْنِهَا (حَامِلًا) بِأَنْ يَقُولَ: حَمْلُ هَذِهِ الْأَمَةِ مِنِّي (أَوْ) وَلَدَتْ (مِنْ زَوْجِهَا) بِأَنْ زَوَّجَهَا الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ (فَاشْتَرَاهَا) الزَّوْجُ (لَمْ تُمْلَكْ) أَيْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً مِلْكًا تَامًّا وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا الْمِلْكُ فِي الْجُمْلَةِ (وَحُكْمُهَا) أَيْ حُكْمُ الْمُسْتَوْلَدَةِ (كَالْمُدَبَّرَةِ) ، وَقَدْ مَرَّ (لَكِنَّهَا) أَيْ لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُسْتَوْلَدَةَ (تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ الْكُلِّ) ، وَالْمُدَبَّرَةَ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَمْ تَسْعَ لِدَيْنِهِ) ، وَالْمُدَبَّرَةُ تَسْعَى (فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ) إذْ بِدَعْوَةِ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِتْقَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَنِدُ إلَى أَوَّلِ شَهْرٍ قَبْلَ الْمَوْتِ. . . إلَخْ) كَذَا عَلَّلَهُ الْكَمَالُ وَيُوَضِّحُهُ مَا قَالَهُ أَيْ الْكَمَالُ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ: التَّدْبِيرُ سَبَبٌ لِلْعِتْقِ فِي الْحَالِ وَثُبُوتُ سَبَبِيَّتِهِ فِي الْحَالِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ لِضَرُورَةٍ هِيَ أَنَّ تَأْخِيرَهُ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ يُوجِبُ بُطْلَانَهُ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ زَمَانُ زَوَالِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ فَلَا يَتَأَخَّرُ سَبَبِيَّةُ كَلَامِهِ إلَيْهِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْهَا أَيْضًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ: ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ إذَا مَضَى شَهْرٌ قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْلَى لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَمْ يُذْكَرْ الْخِلَافُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَذَكَرَ وَجْهَهُ (قُلْت) وَيُقَيَّدُ صِحَّةُ بَيْعِهِ بِأَنْ يَعِيشَ الْمَوْلَى بَعْدَ الْبَيْعِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لِيَنْتَفِيَ الْمَحَلُّ لِلْعِتْقِ حَالَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَلِيهَا مَوْتُ الْمَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَمَاتَ بَعْدَهُ) لَفْظَةُ بَعْدَهُ زَائِدَةٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: بَلْ يُعْتِقُهُ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ أَوْ الْقَاضِي) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَيُعْتِقُهُ الْقَاضِي إذَا امْتَنَعَ الْوَارِثُ.

(قَوْلُهُ: قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا) هُوَ الْمُخْتَارُ، كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ ثُلُثَا قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا) هُوَ الْمُفْتَى بِهِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا.

[بَابٌ الِاسْتِيلَادِ]

سَبَبُهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ ثُبُوتُ نَسَبِ الْوَلَدِ شَرْعًا.

وَقَالَ زُفَرُ: ثُبُوتُ النَّسَبِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ ثَبَتَ شَرْعًا أَوْ حَقِيقَةً فَلَوْ مَلَكَ مَنْ أَقَرَّ بِأُمُومَةِ وَلَدِهَا مِنْ زِنًا بِهَا وَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدِهِ عِنْدَنَا وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ تَصِيرُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ الْوَلَدَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً طَلَبُ الْوَلَدِ) أَيْ مُطْلَقًا، وَأُمُّ الْوَلَدِ تَصْدُقُ لُغَةً عَلَى الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَغَيْرُ ثَابِتِ النَّسَبِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا طَلَبُ الْمَوْلَى الْوَلَدَ مِنْ أَمَتِهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الْعُمُومِ إلَى الْخُصُوصِ كَالتَّيَمُّمِ، وَالْحَجِّ وَإِنَّمَا قَالَ مِنْ أَمَتِهِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْمُشْتَرَكَةِ وَمَنْ وَلَدَتْ بِنِكَاحٍ فَمَلَكَهَا كَذَلِكَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ وَلِحَمْلِ الْحَالِ عَلَى الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ هِيَ الَّتِي ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا.

(قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ) شَامِلٌ لِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ لَكِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ وَلَا بِهَا حَمْلٌ مِنْهُ تَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ بِإِقْرَارِ الْمَرِيضِ، كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: لَمْ تُمْلَكْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: أَيْ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهَا وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَيْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً مِلْكًا تَامًّا وَإِنْ بَقِيَ فِيهَا الْمِلْكُ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُنَاقِضُهُ مَا قَدَّمَهُ فِي كِتَابِ الْإِعْتَاقِ أَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا كَامِلٌ وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ لَفْظَ الْمَمْلُوكِ يَتَنَاوَلُ أُمَّ الْوَلَدِ فَتَعْتِقُ بِقَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ اهـ.

أَيْ الْمِلْكِ الْكَامِلِ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ: إنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَمِلْكُهُ كَامِلٌ لِلْمُدَبَّرِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ نَاقِصٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا كَالْمُدَبَّرَةِ) مِنْهُ أَنَّهَا تَعْتِقُ بِبَيْعِهِ خِدْمَتَهَا مِنْهَا كَبَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ، كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ الْكُلِّ) يَعْنِي إلَّا إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ وَلَا بِهَا حَمْلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ إذْ بِدَعْوَةِ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>