للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَرْشُ اسْمٌ لِلْوَاجِبِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ (الدِّيَةُ أَلْفُ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ وَعَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَمِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَطْ) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَا مِنْهَا وَمِنْ الْبَقَرِ مِائَتَا بَقَرَةٍ وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفَا شَاةٍ وَمِنْ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ (وَهَذِهِ) أَيْ الْإِبِلُ (فِي شِبْهِ الْعَمْدِ أَرْبَاعٌ) بَيَّنَ الْأَرْبَاعَ بِقَوْلِهِ (مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ) خَمْسٌ وَعِشْرُونَ (وَمِنْ بِنْتِ لَبُونٍ) خَمْسٌ وَعِشْرُونَ (وَمِنْ حِقَّةٍ) خَمْسٌ وَعِشْرُونَ (وَمِنْ جَذَعَةٍ) خَمْسٌ وَعِشْرُونَ (وَهِيَ) الدِّيَةُ (الْمُغَلَّظَةُ) نَقَلَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ أَنَّ تَغْلِيظَ الدِّيَةِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّغْلِيظِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ ثَنِيَّةً كُلُّهَا خَلِفَاتٌ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا

(وَفِي الْخَطَأِ) عُطِفَ عَلَى فِي شِبْهِ الْعَمْدِ أَيْ الْإِبِلُ فِي الْخَطَأِ (أَخْمَاسٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ الْأَرْبَعِ (وَمِنْ ابْنِ مَخَاضٍ) عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَخَذْنَا بِذَلِكَ

[كَفَّارَة الْقَتْل]

(وَكَفَّارَتُهَا مَا ذُكِرَ فِي النَّصِّ) وَهُوَ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ صَامَ شَهْرَيْنِ وَلَاءً (وَلَا يَصِحُّ الْإِطْعَامُ) إذْ لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ وَالْمَقَادِيرُ تُعْرَفُ بِالتَّوْقِيفِ

(وَالْجَنِينُ) إذْ لَمْ تُعْرَفْ حَيَاتُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ (وَيَصِحُّ رَضِيعٌ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ) لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا وَالظَّاهِرُ سَلَامَةُ أَطْرَافِهِ

«وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا» ) وَقَدْ وَرَدَ هَذَا اللَّفْظُ مَوْقُوفًا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ الدِّيَةُ أَلْفُ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ وَعَشْرَةُ آلَافٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَمِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَلَامُهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ الْخِيَارُ لِلْقَاتِلِ فِي دَفْعِ أَيُّهَا شَاءَ وَلَوْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَصَرِيحُ الْمُحِيطِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا مِقْدَارُهَا فَالدِّيَةُ نَوْعَانِ مُخَفَّفَةٌ وَمُغَلَّظَةٌ فَالْمُخَفَّفَةُ دِيَةُ الْخَطَأِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ مِنْ الْإِبِلِ وَالْعَيْنِ وَالْوَرِقِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ الْإِبِلِ مِائَةٌ وَمِنْ الْعَيْنِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ عَشْرَةُ آلَافٍ وَلِلْقَاتِلِ الْخِيَارُ يُؤَدِّي أَيَّ نَوْعٍ شَاءَ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ أَسْنَانِ الْإِبِلِ فَفِي دِيَةِ الْخَطَأِ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَأَمَّا الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ فَهِيَ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَكَذَلِكَ مِنْ الْجَذَعَاتِ وَالْحِقَاقِ انْتَهَى فَهَذَا نَصٌّ عَلَى مُوجِبِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَعَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَا يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ الْوَرِقِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ الْإِبِلِ بَلْ اللَّازِمُ عَلَيْهِ الْإِبِلُ وَكَلَامُ الْهِدَايَةِ يُشِيرُ إلَى هَذَا وَهُوَ صَرِيحُ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ حُكْمَ شِبْهِ الْعَمْدِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ انْتَهَى فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّغْلِيظِ فَائِدَةٌ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَخَفَّ فَتَفُوتُ حِكْمَةُ التَّغْلِيظِ نَصًّا فَلْيَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك لَتُحَرِّرَهُ (قَوْلُهُ وَقَالَا مِنْهَا وَمِنْ الْبَقَرِ. . . إلَخْ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُؤْخَذُ الْبَقَرُ مِنْ أَهْلِ الْبَقَرِ وَالْحُلَلُ مِنْ أَهْلِهَا قِيمَةُ كُلِّ بَقَرَةٍ خَمْسُونَ دِرْهَمًا وَقِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ كَذَلِكَ وَهُوَ ثَوْبَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَالشَّاءُ مِنْ أَهْلِ الشَّاءِ قِيمَةُ كُلِّ شَاةٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَتَفْسِيرُ الْحُلَّةِ بِالْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ هُوَ الْمُخْتَارُ.

وَفِي النِّهَايَةِ قِيلَ فِي زَمَانِنَا قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ إنَّ تَغْلِيظَ الدِّيَةِ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ) كَذَا عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ ثَنِيَّةً كُلُّهَا خَلِفَاتٌ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) الضَّمِيرُ فِي كُلِّهَا لِلثَّنِيَّاتِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إلَّا أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ شِبْهُ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَضَى فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامِهِ كُلُّهَا خَلِفَاتٌ وَرَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ أَثْلَاثًا ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ ثَنِيَّةً إلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَاتٌ كَذَا فِي الْبُرْهَانِ

[الدِّيَة فِي الْقَتْل الْخَطَأ]

(قَوْلُهُ وَكَفَّارَتُهَا) إفْرَادُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ النَّفْسِ الْمَقْتُولَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُثَنَّى لِيَظْهَرَ كَوْنُهُ لِلْقَتْلِ خَطَأً وَشِبْهَ عَمْدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ شِبْهُ الْعَمْدِ خَطَأً بِالنَّظَرِ إلَى الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا بِالنَّظَرِ إلَى الضَّرْبِ أُفْرِدَ الضَّمِيرُ لِاتِّحَادِ حُكْمِ الْكَفَّارَةِ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ انْتَهَى عَلَى أَنَّ هَذَا أَيْ ذِكْرُ الْكَفَّارَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ فَلَا احْتِيَاجَ إلَى إعَادَتِهِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>