للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَنَبَتَ فِي مَكَانِهَا أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ فَسَادِ الْمَنْبَتِ حَيْثُ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى فَلَمْ تَفُتْ الْمَنْفَعَةُ وَلَا الزِّينَةُ (أَوْ الْتَحَمَ شَجَّةٌ) يَعْنِي شَجَّ رَجُلًا فَالْتَحَمَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ وَنَبَتَ الشَّعْرُ سَقَطَ الْأَرْشُ لِزَوَالِ الشَّيْنِ الْمُوجِبِ لَهُ (أَوْ جَرَحَ بِضَرْبٍ) يَعْنِي إنْ ضَرَبَ رَجُلًا مِائَةَ سَوْطٍ مَثَلًا فَجَرَحَهُ وَبَرِئَ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرٌ سَقَطَ الْأَرْشُ لِزَوَالِ الشَّيْنِ (وَلَمْ يَبْقَ أَثَرٌ) قَيْدٌ لِلصُّورَتَيْنِ.

(صَبِيٌّ ضَرَبَ سِنَّ صَبِيٍّ فَانْتَزَعَهَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الْمَضْرُوبِ إنْ بَلَغَ وَلَمْ تَنْبُتْ تَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ وَلَوْ مِنْ الْعَجَمِ فَفِي مَالِهِ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمَعَاقِلِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ

(لَطَمَ) رَجُلٌ (رَجُلًا فَكَسَرَ بَعْضَ أَسْنَانِهِ يَسْتَحِقُّ) الْمَضْرُوبُ (مِنْ الضَّارِبِ ذَلِكَ الْقَدْرَ) كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَبْرُدَ بِالْمِبْرَدِ حَتَّى يَكُونَ سِنُّهُ مِثْلَ سِنِّ الْمَضْرُوبِ فَإِنْ قُلْت هَذَا لَيْسَ بِعَمْدٍ بَلْ شِبْهُهُ وَقَدْ مَرَّ أَنْ لَا قَوَدَ فِيمَا دُونَ الْعَمْدِ قُلْت قَدْ مَرَّ أَيْضًا أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدٌ فَلَا تَغْفُلْ.

(لَا يُقَادُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْءٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَسْتَأْنِي فِي الْجِرَاحَاتِ سَنَةً» أَيْ يَنْتَظِرُ وَلِأَنَّ الْجِرَاحَاتِ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَآلُهَا لَا حَالُهَا لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ قَتْلٌ وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ بِالْبُرْءِ، عَمْدُ الْمَجْنُونَةِ وَالصَّبِيِّ خَطَأٌ (وَعَلَى عَاقِلَتِهِمَا الدِّيَةُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ جَعَلَ عَقْلَ الْمَجْنُونِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَالَ عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ وَلِأَنَّ الصَّبِيَّ مَظِنَّةُ الْعُذْرِ وَالْعَاقِلُ الْخَاطِئُ لَمَّا اسْتَحَقَّ التَّخْفِيفَ حَتَّى وَجَبَ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَالصَّبِيُّ وَهُوَ أَعْذَرُ أَوْلَى بِهَذَا التَّخْفِيفِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَجَمِ) وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَفِي مَالِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ (بِلَا كَفَّارَةٍ) لِأَنَّهَا كَاسْمِهَا سِتَارَةٌ وَلَا ذَنْبَ لَهُمَا تَسْتُرُهُ لِأَنَّهُمَا مَرْفُوعَا الْقَلَمِ (وَلَا حِرْمَانِ إرْثٍ) لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا

(فَصْلٌ)

(ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ الْأَمَةِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا (فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَجَبَتْ غُرَّةٌ هِيَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُلِ) وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ (لَوْ) كَانَ الْجَنِينُ (ذَكَرًا وَعُشْرُ دِيَةِ الْمَرْأَةِ لَوْ) كَانَ الْجَنِينُ (أُنْثَى) وَهِيَ أَيْضًا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «فِي الْجَنِينِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ» وَرُوِيَ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ فَيَكُونُ الْغُرَّةُ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ إنَّمَا سُمِّيَ الرَّقِيقُ غُرَّةً لِأَنَّهُ غُرَّةُ مَا يَمْلِكُ أَيْ خَيْرُهُ وَأَفْضَلُهُ وَأَطْلَقَ الْغُرَّةَ وَهِيَ الْوَجْهُ عَلَى الْجُمْلَةِ كَمَا قِيلَ رَقَبَةُ كَذَا فِي الْفَائِقِ (فِي سَنَةٍ) لِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ» (وَتُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ سِوَى ضَارِبِهِ) إنْ كَانَ وَارِثًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) أَيْ الضَّارِبُ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهَا فِي النُّفُوسِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا تَتَعَدَّاهَا (وَدِيَةٌ) عُطِفَ عَلَى غُرَّةٍ أَيْ وَفِيهِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ (إنْ كَانَ حَيًّا فَمَاتَ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَ حَيًّا بِالضَّرْبِ السَّابِقِ (وَدِيَتَانِ إنْ كَانَ) الْمَضْرُوبُ (جَنِينَيْنِ فَمَاتَا) لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ (وَغُرَّةٌ وَدِيَةٌ إنْ) كَانَ الْجَنِينُ (مَيِّتًا فَمَاتَتْ الْأُمُّ) الْغُرَّةُ لِلْجَنِينِ وَالدِّيَةُ لِلْأُمِّ (وَدِيَةُ الْأُمِّ فَقَطْ إنْ مَاتَتْ) الْأُمُّ (فَأَلْقَتْ) جَنِينًا (مَيِّتًا) لِأَنَّ مَوْتَ الْأُمِّ سَبَبٌ لِمَوْتِهِ ظَاهِرًا لِأَنَّ حَيَاتَهُ بِحَيَاتِهَا وَتَنَفُّسَهُ بِتَنَفُّسِهَا (وَدِيَتَانِ إنْ أَلْقَتْ حَيًّا فَمَاتَ) دِيَةٌ لِلْأُمِّ وَدِيَةٌ لِلْجَنِينِ لِأَنَّهُ قَتَلَهُمَا فَصَارَ كَمَا إذَا أَلْقَتْهُ حَيًّا وَمَاتَا

(وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ فِي الذَّكَرِ وَعُشْرُ قِيمَتِهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَبَرِيءَ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُ سُقُوطِ الْأَرْشِ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ وَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ.

وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَسَّرَ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْأَلَمِ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْمُدَاوَاةِ فَعَلَى هَذَا لَا خِلَافَ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ كَذَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ ضَرَبَ سِنَّ صَبِيٍّ فَانْتَزَعَهَا يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الْمَضْرُوبِ) قَيَّدَ بِالصَّبِيِّ لِمَا فِي النِّهَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسْتَأْنَى فِي سِنِّ الْبَالِغِ حَتَّى يَبْرَأَ لِأَنَّ نَبَاتَهُ نَادِرٌ وَلَا يُفِيدُ تَأْجِيلُهُ إلَى سَنَةٍ فَيُؤَخَّرُ إلَى الْبُرْءِ لِيَعْلَمَ عَاقِبَتَهُ وَعَزَاهُ إلَى التَّتِمَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ لَطَمَ رَجُلًا فَكَسَرَ بَعْضَ أَسْنَانِهِ) قَدَّمَ فِي بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مَا يُغْنِي عَنْهُ وَقَدَّمْنَا تَقْيِيدَ الْقِصَاصِ فِي كَسْرِ بَعْضِ السِّنِّ بِمَا إذَا كَانَ عُرْضًا وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا أَنَّهُ إنْ كَانَ كَسْرًا مُسْتَوِيًا يُسْتَطَاعُ فِي مِثْلِهِ الْقِصَاصُ اقْتَصَّ مِنْهُ بِمِبْرَدٍ وَإِنْ كَانَ كَسْرًا مُنْثَلِمًا لَيْسَ بِمُسْتَوٍ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِثْلُهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ) الضَّمِيرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ.

[فَصْلٌ ضَرْب بَطْنِ امْرَأَةٍ حُرَّة فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ جُعِلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ) أَيْ قُضِيَ بِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَنَا مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ بَلَغْنَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي سَنَةٍ»

(قَوْلُهُ وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَمَا يَجِبُ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ مِنْ مَالِ الضَّارِبِ حَالًّا وَقِيلَ يُوجِبُ أَبُو يُوسُفَ نَقْصَ قِيمَةِ الْأُمِّ إنْ تَمَكَّنَ فِيهَا نَقَصَ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَالْبَهِيمَةِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>