للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا لِأَنَّ الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ عَادَةً بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ

(وَمَا تَمَّ خَلْقُهُ كَالْكَبِيرِ) أَيْ إذَا وُجِدَ سِقْطٌ تَامُّ الْخَلْقِ بِهِ أَثَرٌ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ كَالْكَبِيرِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَامَّ الْخَلْقِ يَنْفَصِلُ حَيًّا

(رَجُلٌ يَسُوقُ دَابَّةً عَلَيْهَا قَتِيلٌ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ) أَيْ عَاقِلَةُ الرَّجُلِ (دِيَتَهُ) أَيْ دِيَةَ الْقَتِيلِ (لَا أَهْلُ الْمَحَلَّةِ) لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي دَارِهِ (كَذَا لَوْ قَادَهَا أَوْ رَكِبَهَا فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ وَالرَّاكِبُ (ضَمِنُوا) لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

(وَلَوْ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ قَبِيلَتَيْنِ فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا) «لِأَنَّ قَتِيلًا وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ بَيْنَهُمَا فَوُجِدَ إلَى إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ أَقْرَبَ فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ» وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُهُ (وَإِنْ اسْتَوَتَا) أَيْ الْقَرْيَتَانِ أَوْ الْقَبِيلَتَانِ (فَعَلَيْهِمَا إنْ كَانَ) أَيْ الْقَتِيلُ (فِي مَوْضِعٍ يُسْمَعُ مِنْهُ صَوْتٌ) لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَأَهْلُ الْقَرْيَتَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ الصَّوْتُ يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ فَيُمْكِنُهُمْ النُّصْرَةُ وَقَدْ قَصَّرُوا وَإِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ لَا يَلْزَمُهُمْ نُصْرَتُهُ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فَلَا يُجْعَلُونَ قَاتِلِينَ تَقْدِيرًا

(وُجِدَ) أَيْ الْقَتِيلُ (فِي دَارِ رَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ وَتَدِي عَاقِلَتُهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَهُ بِالْحُجَّةِ) لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي حِفْظِ الْمِلْكِ الْخَاصِّ إلَى الْمَالِكِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّ نُصْرَتَهُ وَقُوَّتَهُ بِهِمْ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا (إلَّا بِمُجَرَّدِ الْيَدِ) حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ لَا تَدِي عَاقِلَتُهُ وَلَا نَفْسُهُ

(وَلَوْ) وُجِدَ قَتِيلٌ (فِي دَارِ نَفْسِهِ تَدِي عَاقِلَتُهُ وَرَثَتَهُ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الدَّارَ حَالَ ظُهُورِ الْقَتِيلِ لِوَرَثَتِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ وَعِنْدَهُمَا وَعِنْدَ زُفَرَ لَا شَيْءَ فِيهِ وَبِهِ يُفْتَى لِمَا قَالُوا إنَّ الدَّارَ فِي يَدِهِ حَالَ ظُهُورِ الْقَتْلِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ فَكَانَ هَدَرًا وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لِلْوَرَثَةِ فَالْعَاقِلَةُ إنَّمَا يَتَحَمَّلُونَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ تَخْفِيفًا لَهُمْ وَلَا يُمْكِنُ الْإِيجَابُ عَلَى الْوَرَثَةِ لِلْوَرَثَةِ

[الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ]

(الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ) أَيْ أَصْحَابِ الْأَمْلَاكِ الْقَدِيمَةِ الَّذِينَ كَانُوا تَمَلَّكُوهَا حِينَ فَتَحَ الْإِمَامُ الْبَلْدَةَ وَقَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ بِخَطٍّ خَطَّهُ لِيَتَمَيَّزَ أَنْصِبَاؤُهُمْ (لَا مَعَ السُّكَّانِ) أَيْ لَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ يَعْنِي الْمُسْتَأْجِرِينَ وَالْمُسْتَعِرِينَ مَعَ الْمُلَّاكِ فِي الْقَسَامَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّدْبِيرِ تَكُونُ بِالسُّكْنَى كَمَا تَكُونُ بِالْمِلْكِ أَلَا يُرَى «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى الْيَهُودِ» وَإِنْ كَانُوا سُكَّانًا بِخَيْبَرَ وَلَهُمَا أَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِنُصْرَةِ الْبُقْعَةِ لَا السُّكَّانَ وَأَهْلُ خَيْبَرَ مُقَرُّونَ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ (وَلَا الْمُشْتَرِينَ) عِنْدَهُمَا أَيْضًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كُلُّهُمْ مُشْتَرِكُونَ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ بِتَرْكِ الْحِفْظِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ وَهِيَ بِالْمِلْكِ وَقَدْ اسْتَوَوْا فِيهِ وَلَهُمَا أَنَّ صَاحِبَ الْخُطَّةِ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِتَدْبِيرِ الْمَحَلَّةِ وَهِيَ تُنْسَبُ إلَيْهِ لَا الْمُشْتَرِينَ وَقَلَّمَا يُزَاحِمُهُ الْمُشْتَرِي فِي التَّدْبِيرِ وَالْقِيَامِ بِحِفْظِ الْمَحَلَّةِ فَكَانَ هُوَ الْمُخْتَصَّ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ لَا الْمُشْتَرِي وَقِيلَ إنَّمَا أَجَابَ أَبُو حَنِيفَةَ بِهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا شَاهَدَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي زَمَانِهِ أَنَّ أَصْحَابَ الْخُطَّةِ فِي كُلٍّ يَقُومُونَ بِتَدْبِيرِ الْمَحَلَّةِ وَلَا يُشَارِكُهُمْ الْمُشْتَرِكُونَ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ بَاعَ كُلُّهُمْ) يَعْنِي إنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْخُطَّةِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِينَ أَتْبَاعٌ لِأَهْلِ الْخُطَّةِ فَمَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْأَصْلِ يَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ دُونَ التَّبَعِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ بَلْ بَاعَ كُلُّهُمْ (فَعَلَى

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(قَوْلُهُ رَجُلٌ يَسُوقُ دَابَّةً. . . إلَخْ)

قَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ هَذَا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا سِرًّا مُتَحَشِّمًا أَمَّا إذَا سَاقَهَا نَهَارًا جِهَارًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَالَ فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى السَّائِقِ إلَّا إذَا كَانَ يَسُوقُهَا مُخْتَفِيًا اهـ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ اجْتَمَعُوا ضَمِنُوا) يَعْنِي سَوَاءٌ كَانُوا مَالِكِينَ لِلدَّابَّةِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّ لَهُمْ تَدْبِيرَ الدَّابَّةِ مُطْلَقًا وَتَدْبِيرَ الدَّارِ لِمَالِكِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنُهَا وَالدَّابَّةُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ) كَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ جَازَ مَا بِهِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَقِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ. . . إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَهْلُ قَرْيَتَيْنِ) لَعَلَّهُ قَبِيلَتَيْنِ ثُمَّ إنَّهُ يُشْتَرَطُ السَّمَاعُ فِيمَا إذَا اسْتَوَتَا لِيَجِبَ عَلَيْهِمَا

(قَوْلُهُ وُجِدَ فِي دَارِ رَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ وَتَدِي عَاقِلَتُهُ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَإِذَا كَانَتْ عَاقِلَتُهُ حَاضِرَةً فِي بَلَدِهِ تَدْخُلُ مَعَهُ فِي الْقَسَامَةِ كَالدِّيَةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لَهُ بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى وُجُوبِ الْقَسَامَةِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ كَانُوا غُيَّبًا وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا. اهـ.

(قَوْلُهُ الْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ) كَذَا الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا وَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَحَلَّةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ عَلَيْهِمْ وَفِي الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا سُكَّانًا بِخَيْبَرَ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَكَانُوا سُكَّانًا بِخَيْبَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>