للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مَيِّتٌ وَالْمَيِّتُ لَا يَمْلِكُ مَالًا (فَيُرَدُّ مَا وُقِفَ لَهُ إلَى مَنْ يَرِثُ مُوَرِّثَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ) لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِهَذَا الْمَالِ الْمَوْقُوفِ إلَى الْآنَ، وَذَلِكَ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الِاسْتِصْحَابَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَالِ حُجَّةٌ دَافِعَةٌ لَا مُثْبِتَةٌ فَالْمَفْقُودُ قَبْلَ الْمُدَّةِ حَيٌّ فَلَا يَرِثُهُ الْوَارِثُ الَّذِي كَانَ حَيًّا وَقْتَ فَقْدِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا فَيَصْلُحُ حُجَّةً لِدَفْعِ أَنْ يَرِثَهُ الْغَيْرُ وَفِي مَالِ غَيْرِهِ مَيِّتٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ لِلْحُجِّيَّةِ لِإِيجَابِ إرْثِهِ مِنْ الْغَيْرِ فَيُرَدُّ مَا وُقِفَ لِلْمَفْقُودِ إلَى مَنْ يَرِثُ مُوَرِّثَهُ يَوْمَ مَوْتِهِ (لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ أَمَةِ الْغَائِبِ وَالْمَجْنُونِ وَعَبْدِهِمَا وَلَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُمَا وَيَبِيعَهُمَا) كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.

(كِتَابُ اللَّقِيطِ) وَهُوَ لُغَةً مَا يُلْقَطُ أَيْ يُرْفَعُ مِنْ الْأَرْضِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَنْبُوذِ بِاعْتِبَارِ مَآلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُلْقَطُ، وَشَرْعًا مَوْلُودٌ طَرَحَهُ أَهْلُهُ خَوْفًا مِنْ الْعَيْلَةِ أَوْ فِرَارًا مِنْ التُّهْمَةِ

(نُدِبَ رَفْعُهُ) إنْ لَمْ يُخَفْ هَلَاكُهُ بِأَنْ وُجِدَ فِي الْأَمْصَارِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ الشَّفَقَةِ عَلَى الْأَطْفَالِ وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ (وَوَجَبَ إنْ خِيفَ هَلَاكُهُ) بِأَنْ وُجِدَ فِي مَفَازَةٍ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَهَالِكِ كَمَنْ رَأَى أَعْمَى يَقَعُ فِي الْبِئْرِ وَنَحْوِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ عَنْ الْوُقُوعِ، وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَعْضِ (وَهُوَ حُرٌّ إلَّا بِحُجَّةِ رِقِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي بَنِي آدَمَ الْحُرِّيَّةُ لِكَوْنِهِمْ أَوْلَادَ آدَمَ وَحَوَّاءَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا الْحُرِّيَّةُ ثُمَّ إنَّهُ حُرٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ حَتَّى إنَّ قَاذِفَهُ يُحَدُّ لَا قَاذِفَ أُمِّهِ لِوُجُودِ وَلَدٍ مِنْهَا لَا يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ (وَنَفَقَتُهُ وَجِنَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِرْثُهُ لَهُ) لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ (إنْفَاقُ الْمُلْتَقِطِ عَلَيْهِ تَبَرُّعٌ لَا يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ) أَيْ اللَّقِيطِ (وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطَ (الْقَاضِي بِهِ) أَيْ بِالْإِنْفَاقِ (فِي الْأَصَحِّ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ) فَحِينَئِذٍ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى اللَّقِيطِ يَرْجِعُ بِهِ الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ أَمْرِ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ يَكْفِي فِي الرُّجُوعِ عَلَى اللَّقِيطِ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ كَمَا إذَا قَضَى دَيْنًا عَلَى شَخْصٍ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَفِي الْأَصَحِّ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ قَدْ يَكُونُ لِلْحَثِّ وَالتَّرْغِيبِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ (فَإِنْ ادَّعَى الْمُلْتَقِطُ الْإِنْفَاقَ كَمَا ذَكَرَ) أَيْ بِقَوْلِ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ (فَكَذَّبَهُ) أَيْ اللَّقِيطُ الْمُلْتَقِطَ (لَا يَرْجِعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ حَيْثُ يُصَدَّقُ فِي الْإِنْفَاقِ الْمُتَعَارَفِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ (أَبَى الْمُلْتَقِطُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ) أَيْ الْقَاضِي (لَا يَقْبَلُهُ) أَيْ اللَّقِيطَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى كَوْنِهِ لَقِيطًا) لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ أَوْ بَعْضَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَاحْتَالَ بِهَذِهِ الْحِيلَةِ لِيَدْفَعَ النَّفَقَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِذَا أَقَامَهَا قَبِلَهَا الْقَاضِي بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ (وَبَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ (الْأَوْلَى قَبُولُهُ إنْ عَلِمَ عَجْزَهُ) أَيْ عَجْزَ الْمُلْتَقِطِ (فَإِنْ) أَيْ بَعْدَمَا قَبِلَهُ إنْ (وَضَعَهُ) أَيْ الْقَاضِي (عِنْدَ آخَرَ فَطَلَبَهُ الْأَوَّلُ) (فَهُوَ) أَيْ الْقَاضِي (مُخَيَّرٌ) بَيْنَ الدَّفْعِ وَعَدَمِهِ (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِذِهِ) لِسَبْقِهِ فِي الْأَخْذِ (وَإِنْ دَفَعَهُ) أَيْ آخِذُهُ (إلَى آخَرَ لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ) لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ.

(وَنَسَبُهُ) يَثْبُتُ (مِمَّنْ ادَّعَاهُ وَلَوْ) كَانَ الْمُدَّعِي (رَجُلَيْنِ) فَيَكُونُ وَلَدًا لَهُمَا كَمَا فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (أَوْ) يَثْبُتُ (مِمَّنْ يَصِفُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[كِتَابُ اللَّقِيطِ]

ِ) (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوجَدَ فِي الْأَمْصَارِ) الْمُرَادُ وُجْدَانُهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ سَوَاءٌ كَانَ مِصْرًا أَوْ قَرْيَةً (قَوْلُهُ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَعْضِ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَنَسَبُهُ يَثْبُتُ مِمَّنْ ادَّعَاهُ) يَعْنِي إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُلْتَقِطُ اسْتِحْسَانًا وَيَكُونُ أَحَقَّ بِحِفْظِهِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ يَصِحُّ فِي حَقِّ النَّسَبِ دُونَ إبْطَالِ الْيَدِ لِلْمُلْتَقِطِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ فَدَعْوَةُ الْمُلْتَقِطِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُسْلِمُ أَحَقُّ مِنْ الذِّمِّيِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ إذَا كَانَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَالذِّمِّيُّ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْإِسْلَامِ يَكُونُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ وَلَا اسْتِوَاءَ، وَكَذَا الْعَبْدُ لَا يَتَرَجَّحُ بِالسَّيِّدِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعِي رَجُلَيْنِ) أَقُولُ بِأَنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْمُرَجِّحِ لِأَحَدِهِمَا مِنْ يَدٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ ذِكْرِ عَلَامَةٍ. اهـ.

أَقُولُ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ وَلَوْ سَبَقَتْ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ ابْنُهُ لِعَدَمِ النِّزَاعِ وَلَوْ ادَّعَى الْآخَرُ بَعْدَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>