للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى مَصَارِفِ الْوَقْفِ (إنْ بَنَاهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ أَوْ مَالِ نَفْسِهِ وَنَوَاهُ لِلْوَقْفِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَإِنْ بَنَى لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُتَوَلِّي نَفْسِهِ (وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا بَنَى وَلَمْ يَنْوِ) شَيْئًا (فَلَهُ ذَلِكَ) ، وَإِنْ نَوَى كَوْنَهُ لِلْوَقْفِ كَانَ وَقْفًا (كَذَا الْغَرْسُ) يَعْنِي أَنَّهُ كَالْبِنَاءِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا (وَالْغَرْسُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَسْجِدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ (بَاعَ دَارًا، ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي كُنْتُ وَقَفْتُهَا أَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَيَّ) (لَا يَصِحُّ) لِلتَّنَاقُضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ (وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ قُبِلَتْ) كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى عِتْقِ أَمَةٍ تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى (الْوِلَايَةُ) فِي أَمْرِ الْوَقْفِ (لِلْوَاقِفِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا) لِأَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ (وَيُعْزَلُ لَوْ خَانَ كَالْوَصِيِّ) رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ (وَإِنْ) (شَرَطَ) الْوَاقِفُ (أَنْ لَا يُعْزَلَ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الشَّرْعِ (وَلَّاهُ) أَيْ الْوَاقِفُ الْمُتَوَلِّيَ (وَأَخْرَجَهُ) (صَحَّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَرِيمَةٌ (وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَخْرُجَ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّوْكِيلِ وَلَا عِبْرَةَ بِالشَّرْطِ (طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى) كَمَا لَا يُوَلَّى طَالِبُ الْقَضَاءِ. (مَرِضَ الْمُتَوَلِّي) مَرَضَ الْمَوْتِ (وَفَوَّضَ التَّوْلِيَةَ إلَى غَيْرِهِ) (جَازَ) لِأَنَّ الْمُتَوَلِّي بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَلَوْ) (مَاتَ) أَيْ الْمُتَوَلِّي بِلَا تَفْوِيضِهَا إلَى غَيْرِهِ أَوْ بِهِ (فَالرَّأْيُ فِي نَصْبِ الْمُتَوَلِّي إلَى الْوَاقِفِ) لَا الْقَاضِي (ثُمَّ) إنْ مَاتَ الْوَاقِفُ فَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى (وَصِيِّهِ، ثُمَّ) إنْ مَاتَ وَصِيُّهُ فَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى (الْقَاضِي) وَيُجْعَلُ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَهْلِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ لَا الْأَجَانِبِ (الْبَانِي) لِلْمَسْجِدِ (أَوْلَى بِنَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ) (فِي الْمُخْتَارِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْقَوْمُ أَصْلَحَ مِمَّنْ عَيَّنَهُ) أَيْ الْبَانِي (اشْتَرَى الْمُتَوَلِّي بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لَهُ) أَيْ لِلْوَقْفِ (لَا يَكُونُ وَقْفًا فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ وَالشَّرَائِطِ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا الْوَقْفُ لَازِمًا كَلَامًا كَثِيرًا وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (جَازَ) (لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُ أَمَةِ الْوَقْفِ لَا عَبْدِهِ، وَلَوْ مِنْ أَمَتِهِ وَجِنَايَةُ عَبْدِهِ فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْوَقْفِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ (قَالَ أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي) (كَانَتْ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ صُلْبِهِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى) لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوِلَادَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا (إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِالذُّكُورِ) بِأَنْ يَقُولَ عَلَى الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِي فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ وَإِذَا جَازَ هَذَا الْوَقْفُ (فَمَا يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْ) الْوَلَدِ (الصُّلْبِيِّ كَانَتْ) أَيْ الْغَلَّةُ (لَهُ) لَا لِغَيْرِهِ (وَإِذَا انْتَفَى) أَيْ الصُّلْبِيُّ (صُرِفَتْ) أَيْ الْغَلَّةُ (إلَى الْفُقَرَاءِ لَا لِوَلَدِ الْوَلَدِ) لِانْقِطَاعِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، هَذَا إذَا كَانَ حِينَ الْوَقْفِ وَلَدٌ صُلْبِيٌّ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِينَ الْوَقْفِ صُلْبِيٌّ بَلْ وَلَدُ الِابْنِ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (كَانَتْ) الْغَلَّةُ (لَهُ خَاصَّةً) لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَيَكُونُ وَلَدُ الِابْنِ عِنْدَ عَدَمِ الصُّلْبِيِّ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْبِيِّ (وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي الصَّحِيحِ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ هِلَالٌ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ لَا إلَى آبَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ بِخِلَافِ وَلَدِ الِابْنِ (وَلَوْ) زَادَ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَ (قَالَ وَوَلَدُ وَلَدِي فَقَطْ) أَيْ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا (يَدْخُلُ فِيهِ الصُّلْبِيُّ وَأَوْلَادُ بَنِيهِ يَشْتَرِكُونَ فِي الْغَلَّةِ) وَلَا يُقَدَّمُ الصُّلْبِيُّ عَلَى وَلَدِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الذِّكْرِ، وَهَلْ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ؟ قَالَ هِلَالٌ يَدْخُلُ (وَلَوْ قَيَّدَ بِالذُّكُورِ) أَيْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ قَالَ هِلَالٌ (يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ) هَذَا عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ قُبِلَتْ) هَذَا عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَوْا اخْتَلَفُوا فِيهِ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى وَعَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الدَّعْوَى لَا تُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ وَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى كَالشَّهَادَةِ عَلَى الطَّلَاقِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ مَخْصُوصٌ وَلَمْ يَدَّعِ لَا يُعْطَى لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْءٌ وَيُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ لِلْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قُبِلَتْ لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِدُونِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ]

(فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ) (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ هِلَالٌ) أَقُولُ هَكَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ مَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَ بِالذُّكُورِ يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ) هَكَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ أَيْضًا وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا قَالَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ يَدْخُلُ فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَهُوَ لِمَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ ابْنِ الْوَاقِفِ دُونَ ابْنِ بِنْتِ الْوَاقِفِ، وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ كَانَ ذَلِكَ لِكُلِّهِمْ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الِابْنِ وَوَلَدُ الْبِنْتِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ هِلَالٌ. اهـ.

وَلِابْنِ كَمَالٍ بَاشَا فِي هَذَا رِسَالَةٌ مُفِيدَةٌ (الْبَنِينَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>