للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ الْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا دَلِيلُ اخْتِيَارِ الْمِلْكِ وَاسْتِبْقَائِهِ (لَا اللُّبْسُ وَالرُّكُوبُ مَرَّةً) وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ لِلِامْتِحَانِ وَالتَّجْرِبَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِبْقَاءِ (اشْتَرَى بِالْخِيَارِ إلَى الْغَدِ دَخَلَ) أَيْ الْغَدُ فَيَكُونُ مُخَيَّرًا فِي الْغَدِ أَيْضًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَى الظُّهْرِ أَوْ اللَّيْلِ دَخَلَ الظُّهْرُ وَاللَّيْلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَعِنْدَهُمَا لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْغَدَ وَنَحْوَهُ جُعِلَ غَايَةً وَالْغَايَةُ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا كَاللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ، وَلَهُ أَنَّ الْغَايَةَ إذَا كَانَتْ لِمَدِّ الْحُكْمِ إلَيْهَا لَا تَدْخُلُ كَاللَّيْلِ فِي الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ صَوْمَ سَاعَةٍ، فَإِذَا قِيلَ إلَى اللَّيْلِ مَدَّ الْحُكْمَ إلَى مَوْضِعِ الْغَايَةِ وَإِذَا كَانَتْ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاءَهَا يَبْقَى مَوْضِعُ الْغَايَةِ دَاخِلًا كَمَا فِي الْمَرَافِقِ فَإِنَّ مُطْلَقَ الْأَيْدِي يَنْتَظِمُ الْآبَاطُ، وَكَانَ ذِكْرُ الْغَايَةِ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاءَهَا فَبَقِيَ مَوْضِعُ الْغَايَةِ دَاخِلًا، وَهُنَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَبَتَ الْخِيَارُ مُؤَبَّدًا فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فَأَسْقَطَتْ الْغَايَةُ مَا وَرَاءَهَا، بِخِلَافِ التَّأْجِيلِ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ مُؤَجَّلًا إلَى رَمَضَانَ لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ، فَإِنْ أَطْلَقَ التَّأْجِيلَ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك مُؤَجَّلًا وَلَمْ يُؤَقِّتْهُ لَا يَتَأَبَّدْ بَلْ يُصْرَفُ إلَى نِصْفِ يَوْمٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ وَبِالشَّهْرِ يُفْتَى فَكَانَتْ الْغَايَةُ لِمَدِّ الْحُكْمِ إلَيْهَا فَلَمْ تَدْخُلْ (وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ فِي الْخِيَارِ) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَ الْعَاقِدَانِ فِي اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُهُ مَعَ الْيَمِينِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ فَكَانَ مِنْ الْعَوَارِضِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِمَنْ يَنْفِيهِ كَمَا فِي دَعْوَى الْأَجَلِ (وَالْمُضِيِّ) أَيْ إذَا اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكَرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ، ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا السُّقُوطَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُنْكَرِ (وَالزِّيَادَةِ) يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي أَخْصَرَ الْوَقْتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ يَدَّعِي زِيَادَةَ شَرْطٍ عَلَيْهِ وَهُوَ يُنْكِرُ.

(اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ خَبْزِهِ أَوْ كَتْبِهِ وَوَجَدَهُ بِخِلَافِهِ أَخَذَهُ بِثَمَنِهِ أَوْ تَرَكَهُ) لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ فَيُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ، ثُمَّ فَوَاتُهُ يُوجِبُ التَّخَيُّرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ دُونَهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الْخَبْزِ وَالْكِتَابَةِ قَدْرَ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْخَبَّازِ وَالْكَاتِبِ فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقَبُولِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ الرَّدِّ إذَا لَمْ يُمْنَعْ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ (كَشِرَاءِ شَاةٍ عَلَى أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ) وَلَمْ تُوجَدْ كَذَلِكَ (فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ) لِمَا ذَكَرَ (بِخِلَافِ شِرَائِهَا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ تَحْلُبُ كَذَا رَطْلًا) حَيْثُ يَفْسُدُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ بَلْ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ حَقِيقَةً.

(اشْتَرَى جَارِيَةً بِالْخِيَارِ فَرَدَّ غَيْرَهَا) بَدَلَهَا قَائِلًا (بِأَنَّهَا الْمُشْتَرَاةُ) فَتَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ غُيِّرَتْ وَالْمَبِيعَةُ لَيْسَتْ هَذِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي التَّغْيِيرَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ (فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي مَعَ الْيَمِينِ.

(وَ) جَازَ (لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا رَدَّهَا رَضِيَ بِتَمْلِيكِهَا مِنْ الْبَائِعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ.

(بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ) (جَازَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِمَا لَمْ يَرَيَاهُ) أَيْ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِي يَعْنِي يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ شَيْئًا مَلَكَهُ وَلَمْ يَرَهُ كَمَا إذَا وَرِثَهُ، وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ رَجُلٌ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَاعَ أَرْضًا لَهُ بِالْبَصْرَةِ مِنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقِيلَ لِطَلْحَةَ إنَّكَ قَدْ غُبِنْت فَقَالَ لِي الْخِيَارُ لِأَنِّي اشْتَرَيْتُ مَا لَمْ أَرَهُ وَقِيلَ لِعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ خَبْزِهِ أَوْ كَتْبِهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ الْعَبْدَ يَكْتُبُ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّهُ يَفْسُدُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُمْنَعْ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ) أَقُولُ وَإِذَا مُنِعَ يُقَوَّمُ كَاتِبًا وَغَيْرَ كَاتِبٍ وَيُنْظَرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَالصَّحِيحُ مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ كَشِرَاءِ شَاةٍ عَلَى أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ عَدَمُ الْفَسَادِ عَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ وَيَفْسُدُ عَلَى رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ

[بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

ثَبَتَ حُكْمًا لَا بِالشَّرْطِ وَهُوَ مَانِعٌ تَمَامَ الْحُكْمِ وَهُوَ لُزُومُ الْمِلْكِ وَلَا يَتَوَقَّتُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ جَازَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِمَا لَمْ يَرَيَاهُ) يَعْنِي إنْ أُشِيرَ إلَى الْمَبِيعِ مَسْتُورًا أَوْ مَكَانِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ اهـ.

وَفِي التَّبْيِينِ مَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ تَسْمِيَةِ الْمَبِيعِ لِتَنْتَفِيَ الْجَهَالَةُ وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>