للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوْعَانِ خُبْثٌ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ظَاهِرًا وَخُبْثٌ لِفَسَادٍ فِي الْمِلْكِ وَالْمَالُ أَيْضًا نَوْعَانِ مَا يَتَعَيَّنُ كَالْعُرُوضِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنُّقُودِ فَالْخُبْثُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ يَعْمَلُ فِي النَّوْعَيْنِ كَالْمُودِعِ وَالْغَاصِبِ إذَا تَصَرَّفَ فِي الْعَرْضِ أَوْ النَّقْدِ وَرِبْحٍ يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِمَا لِغَيْرِهِ ظَاهِرًا فِيمَا يَتَعَيَّنُ فَيَتَمَكَّنُ حَقِيقَةُ الْخُبْثِ وَفِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ يَتَمَكَّنُ شُبْهَةُ الْخُبْثِ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِهِ مِنْ حَيْثُ تَكُونُ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ بِهِ أَوْ تَقْدِيرُ الثَّمَنِ فَصَارَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَسِيلَةً إلَى الرِّبْحِ مِنْ وَجْهٍ فَيَتَمَكَّنُ فِيهِ شُبْهَةُ الْخُبْثِ، وَأَمَّا الْخُبْثُ لِفَسَادِ الْمِلْكِ فَيَعْمَلُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ لَا فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْمِلْكِ دُونَ عَدَمِ الْمِلْكِ فَيَنْقَلِبُ حَقِيقَةُ الْخُبْثِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّةَ شُبْهَةً هَاهُنَا فَتُعْتَبَرُ وَشُبْهَتُهُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّةَ تَنْقَلِبُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ هُنَا فَلَا تُعْتَبَرُ.

(كَمَا طَابَ رِبْحُ مَالٍ ادَّعَاهُ فَقَضَى ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُهُ بِالتَّصَادُقِ) صُورَتُهُ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا فَقَضَاهُ فَرَبِحَ فِيهِ الْمُدَّعِي ثُمَّ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالرِّبْحُ طَيِّبٌ؛ لِأَنَّ الْخُبْثَ هُنَا لِفَسَادِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَجَبَ بِالْإِقْرَارِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِالتَّصَادُقِ وَبَدَلُ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ فَلَا يَعْمَلُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ.

(بَنَى فِي دَارٍ شَرَاهَا فَاسِدًا أَوْ غَرَسَ) فِي أَرْضٍ شَرَاهَا فَاسِدًا (لَزِمَهُ قِيمَتُهُمَا) أَيْ قِيمَةُ الدَّارِ وَالْأَرْضِ وَقَالَا لَا يُنْقَضُ الْبِنَاءُ وَتُرَدُّ الدَّارُ وَكَذَا الْغَرْسُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ أَضْعَفُ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ إذْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا يُورَثُ بِخِلَافِ حَقِّ الْبَائِعِ وَالْأَضْعَفُ إذَا لَمْ يَبْطُلْ بِشَيْءٍ فَالْأَقْوَى أَوْلَى أَنْ لَا يَبْطُلُ بِهِ وَحَقُّ الشَّفِيعِ لَا يَبْطُلُ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَحَقُّ الْبَائِع كَذَلِكَ وَلَهُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ حَصَلَا لِلْمُشْتَرِي بِتَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ كَالْبَيْعِ الْحَاصِلِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الشَّفِيعِ إذْ التَّسْلِيطُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِالثَّمَنِ أَوْ بِالْأَوَّلِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْفَاسِدِ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ قَدْ انْقَطَعَ هَاهُنَا وَعَلَى هَذَا صَارَ حَقُّ الشَّفِيعِ لِعَدَمِ التَّسْلِيطِ مِنْهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ لِوُجُودِهِ مِنْهُ.

[الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ]

[بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ]

(الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ) ثُمَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَأَحْكَامِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ وَأَحْكَامِهِ فَقَالَ (وَوَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ) عَلَى إجَازَتِهِ.

(وَ) بَيْعُ (الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورَيْنِ) عَلَى إجَازَةِ مَوْلَاهُ وَعَلَى إجَازَةِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ.

. (وَ) بَيْعُ (مَالِهِ فَاسِدِ عَقْلٍ غَيْرِ رَشِيدٍ) عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي (وَبَيْعُ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَأَرْضٍ فِي مُزَارَعَةِ الْغَيْرِ) عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُزَارِعِ وَلَوْ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ لَزِمَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوْ قَضَى الرَّاهِنُ الْمَالَ أَوْ أَبْرَأَهُ الْمُرْتَهِنُ وَرَدَّ الرَّهْنَ عَلَيْهِ تَمَّ الْبَيْعُ (وَبَيْعُ شَيْءٍ بِرَقْمِهِ) وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ تَوَقَّفَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ نَفَذَ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ.

(وَبَيْعُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي بَاعَ شَيْئًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ بَكْرٍ لَا يَنْعَقِدُ الثَّانِي حَتَّى لَوْ تَفَاسَخَا الْأَوَّلَ لَا يَنْفُذُ الثَّانِي لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الْمَنْقُولِ؛ أَمَّا لَا فِي الْعَقَارِ فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ الَّذِي سَيَأْتِي.

(وَ) بَيْعُ (الْمُرْتَدِّ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ مَرَّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَوَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ عَلَى إجَازَتِهِ) فَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ الْبَيْعُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا يَتَعَيَّنُ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى بِعَرْضٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ثُمَّ أَجَازَ مَوْلَى الْعَبْدِ جَازَ بَيْعُهُ وَالْمُشْتَرَى بِالْعَبْدِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ، فَإِنَّ اشْتِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَا يَتَوَقَّفُ وَكَانَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ قَاضِيًا ثَمَنَهُ بِالْعَبْدِ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فَيَكُونُ الْمُشْتَرَى بِالْعَبْدِ لَهُ اهـ فَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْبَيْعِ عَلَى الْمَالِكِ فِيمَا إذَا بِيعَ بِمَا لَا يَتَعَيَّنُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ مَالِهِ. . . إلَخْ) هَذَا التَّرْكِيبُ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمَسْأَلَةُ مِنْ الْخَانِيَّةِ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ إذَا بَلَغَ سَفِيهًا يَتَوَقَّفُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى إجَازَةِ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا بَاعَ مَالَهُ وَهُوَ غَيْرُ رَشِيدٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ) هَذَا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ إلَّا أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَمْلِكُ نَقْضَ الْبَيْعِ وَيَمْلِكُ إجَازَتَهُ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْلِكُ الْإِجَازَةَ لَا الْفَسْخَ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّهْنِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ فَسَخَ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي الْأَصَحِّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَفَاسَخَا. . . إلَخْ) يُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ السَّابِقُ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ حَتَّى فُكَّ الرَّهْنُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ. اهـ.

وَاَلَّذِي فِي قَاضِي خَانْ نَفَذَ الْبَيْعُ وَلَا يَفْسُدُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَاضِي خَانْ.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الشَّيْءِ بِرَقْمِهِ) مِنْ قَبِيلِ الْفَاسِدِ لَا الْمَوْقُوفِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ نَفَذَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ النَّافِذَ لَازِمٌ وَهَذَا فِيهِ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ) غَيْرَ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا فَاسِدٌ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ.

[بَيْعُ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فِي الْمَنْقُولِ لَا فِي الْعَقَارِ) سَقَطَ مِنْهُ حَرْفُ الْوَاوِ فِي الْعَقَارِ فَاخْتَلَّ وَالْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا كَمَا ذَكَرَ هُنَا لَكِنْ قَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ مُتَّحِدًا سَاغَ هَذَا التَّعْبِيرُ وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَنْقُولِ لَا وَفِي الْعَقَارِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>