للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ لَا فِي عَوْدِ الْمِلْكِ الْقَدِيمِ -

(وَصَحَّ) أَيْ الرُّجُوعُ (فِي الْمَشَاعِ) الْمُقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ (كَنِصْفِ دَارٍ وُهِبَتْ) وَلَوْ كَانَ هِبَةً لَمَا صَحَّ فِيهِ (تَلِفَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَاسْتُحِقَّ فَضَمِنَ لَمْ يَرْجِعْ) عَلَى وَاهِبِهِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ السَّلَامَةَ -

(قُضِيَ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ لِمَانِعٍ ثُمَّ زَالَ) أَيْ الْمَانِعُ (عَادَ الرُّجُوعُ) بَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا بَنَى فِي الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ وَأَبْطَلَ الْقَاضِي رُجُوعَ الْوَاهِبِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ فَهَدَمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبِنَاءَ وَعَادَتْ الدَّارُ كَمَا كَانَتْ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَحُمَّ الْعَبْدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَخَاصَمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الرَّدِّ وَأَبْطَلَ الْقَاضِي حَقَّهُ فِي الرَّدِّ بِسَبَبِ الْحُمَّى فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ (وَهِيَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةٌ ابْتِدَاءً) هَذَا إذَا ذَكَرَهُ بِكَلِمَةِ عَلَى بِأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُ هَذَا الْعَبْدَ لَكَ عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي هَذَا الثَّوْبَ، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَهُ بِحَرْفِ الْبَاءِ بِأَنْ يَقُولَ وَهَبْتُ لَكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَبْدِكَ هَذَا أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبِلَهُ الْآخَرُ يَكُونُ بَيْعًا ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (فَشَرَطَ قَبْضَهُمَا) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ (لِلْعِوَضَيْنِ) لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا هِبَةً (وَبَطَلَتْ بِالشُّيُوعِ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْهِبَةِ -

(وَلَمْ تَجُزْ هِبَةُ الْأَبِ مَالَ طِفْلِهِ بِشَرْطِهِ) كَمَا لَمْ تَجُزْ هِبَتُهُ بِهِ (وَبَيْعٌ انْتِهَاءً فَتُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَتَسْتَعْقِبُ الشُّفْعَةَ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْبَيْعِ هَذَا عِنْدَنَا.

وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ بَيْعٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي وَلَنَا أَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى جِهَتَيْنِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا مَا أَمْكَنَ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، فَإِنْ قُلْت: الْهِبَةُ تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلَا عِوَضٍ وَالْبَيْعُ تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِعِوَضٍ فَكَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَأَيْضًا التَّمْلِيكُ لَا يَجْرِي فِيهِ الشَّرْطُ وَكَلِمَةُ عَلَى تُفِيدُ الشَّرْطِيَّةَ قُلْت قَدْ عَرَفْت أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا تَمْلِيكًا بِلَا عِوَضٍ كَوْنُهَا تَمْلِيكًا بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ لَا بِشَرْطِ عَدَمِ الْعِوَضِ فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ بَيْعًا وَعَرَفْت أَيْضًا أَنَّ شَرْطَ الْمَنَافِعِ لِلتَّمْلِيكِ شَرْطٌ فِيهِ مَعْنَى الرِّبَا أَوْ الْقِمَارِ لَا مُطْلَقِ الشَّرْطِ حَتَّى لَوْ قَالَ بِعْتُ هَذَا مِنْكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَكَ صَحَّ الْبَيْعُ فَيَكُونُ مَا نَحْنُ فِيهِ شَرْطًا ابْتِدَاءً نَظَرًا إلَى الْعِبَارَةِ حَتَّى لَا يَصِيرَ كَالْبَيْعِ لَازِمًا قَبْلَ الْقَبْضِ وَشَرْطًا بِمَعْنَى الْعِوَضِ نَظَرًا إلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ حَتَّى تُوَفَّرَ أَحْكَامُ الْبَيْعِ حَالَةَ الْبَقَاءِ -

(وَهَبَ كِرْبَاسًا فَقَصَرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَرْجِعُ) فُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْغَسْلِ بِأَنَّ فِي الْقِصَارَةَ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً دُونَ الْغَسْلِ (كَذَا عَبْدٌ كَافِرٌ أَسْلَمَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَجَارِيَةٌ عَلَّمَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقُرْآنَ أَوْ الْكِتَابَةَ أَوْ نَحْوَهُمَا) حَيْثُ لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّ بِالْإِسْلَامِ وَتَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِمَا ازْدَادَ الْمَوْهُوبُ فَبَطَلَ الرُّجُوعُ -

(وَكَذَا تَمْرٌ وُهِبَ بِبَغْدَادَ فَحَمَلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَى بَلْخِي) حَيْثُ بَطَلَ حَقُّ الرُّجُوعِ لِزِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ فِي قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ (تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ) أَيْ قَالَ لِغَنِيٍّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ قُضِيَ بِبُطْلَانِ الرُّجُوعِ لِمَانِعٍ ثُمَّ زَالَ عَادَ الرُّجُوعُ) اسْتَشْكَلَ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَبَانَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ مَعَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَانِعِ هُنَا الطَّارِئُ بَعْدَ الْهِبَةِ فَبِزَوَالِهِ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِخِلَافِ الْمَانِعِ الْمُقَارِنِ كَالْهِبَةِ لِلزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِالْخِيَارِ. . . إلَخْ) فَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الْحُمَّى أَمْرٌ مُبْطَنٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَى حَقِيقَةِ زَوَالِهِ فَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا بِخِلَافِ زَوَالِ الْبِنَاءِ وَأَشْبَاهِهِ إذْ لَا تَوَهُّمَ لِبَقَائِهِ بَعْدَ زَوَالِهِ (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ بِالشُّيُوعِ كَمَا هُوَ حُكْمُ الْهِبَةِ) يَعْنِي فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَمْ تَجُزْ هِبَتُهُ بِهِ) أَقُولُ الضَّمِيرُ فِي هِبَتِهِ رَاجِعٌ لِلطِّفْلِ لَا لِلْأَبِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَبِيعَ انْتِهَاءً. . . إلَخْ) .

أَقُولُ وَيَصِحُّ وَلَوْ كَانَ الْعِوَضُ أَقَلَّ مِنْهَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِهَا وَلَا رِبًا فِيهِ ذَكَرَهُ الْبُرْجَنْدِيُّ

(قَوْلُهُ: وَهَبَ كِرْبَاسًا فَقَصَرَهُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي قَاضِي خَانْ إلَّا أَنَّهُ قَالَ وَهَبَ ثَوْبًا فَقَصَرَهُ. . . إلَخْ ثُمَّ قَالَ.

وَفِي الْإِمْلَاءِ إذَا غَسَلَهُ أَوْ قَصَرَهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَجَارِيَةٌ عَلَّمَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقُرْآنَ. . . إلَخْ) مِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مَعَ ذِكْرِ خِلَافٍ حَيْثُ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ إذَا عَلَّمَ الْمَوْهُوبَ الْقُرْآنَ أَوْ الْكِتَابَةَ أَوْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً فَعَلَّمَهَا الْكَلَامَ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْحِرَفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُمْنَعُ الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ لِحُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي الْعَيْنِ وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ تَعْلِيمُ الْحَرْفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا تَمْرٌ وُهِبَ بِبَغْدَادَ. . . إلَخْ) حَكَاهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْمُنْتَقَى عِنْدَهُمَا.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَنْقَطِعُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الْعَيْنِ فَصَارَ كَزِيَادَةِ السِّعْرِ وَلَهُمَا أَنَّ الرُّجُوعَ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْكِرَاءِ وَمُؤْنَةِ النَّقْلِ فَبَطَلَ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهَا بِبَدَلٍ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَالْمُؤْنَةُ بِلَا بَدَلٍ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ

[فَصْلٌ وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ يَعْتِقَهَا أَوْ يَسْتَوْلِدَهَا]

فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَلَى صِيغَةِ التَّمْرِيضِ حَيْثُ قَالَ وَهَبَ شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ بِبَغْدَادَ فَحَمَلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَا يَكُونُ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْهِبَةِ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ قِيمَةُ الْهِبَةِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ أَكْثَرَ، وَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهَا فِي الْمَكَانَيْنِ كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ لَا يَرْجِعُ) أَقُولُ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ مَا قِيَاسُهُ الرُّجُوعُ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْغَنِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>