للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّسَاءُ عِنْدَنَا بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ النَّسَاءَ فِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ لَيْسَ بِحَرَامٍ كَذَا فِي الْكَافِي أَقُولُ يَرِدُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ النَّسَاءَ فِي الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ لَيْسَ بِحَرَامٍ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَ فِي بَابِ الرِّبَا إنْ وُجِدَ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ حَرُمَ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ، وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَعُدِمَ الْآخَرُ حَلَّ الْفَضْلُ وَحَرُمَ النَّسَاءُ مِثْلُ أَنْ يُسَلِّمَ هَرَوِيًّا فِي هَرَوِيٍّ أَوْ بُرًّا فِي شَعِيرٍ، وَإِنْ عُدِمَا حَلَّ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ، فَإِنَّ الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ وَقَدْ حَرُمَ النَّسَاءُ فِيهِ وَدَفْعُهُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْجِنْسِ الْمُخْتَلِفِ مَا لَا يَكُونُ فِيهِ قَدْرٌ كَبَيْعِ حَفْنَةِ بُرٍّ بِحَفْنَتَيْ شَعِيرٍ حَيْثُ جَازَ فِيهِ النَّسِيئَةُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَانْتِفَاءِ الْقَدْرِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَهَاهُنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ جِنْسَ النَّفْعِ إذَا اخْتَلَفَ وَلَيْسَ النَّفْعُ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لَمْ يُحَرِّمْ النَّسَاءَ لِانْتِفَاءِ جُزْأَيْ الْعِلَّةِ فَيَكُونُ هَذَا دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ عُدِمَا حَلَّ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ هَذَا وَقَدْ عَلَّلَ فِي الْمُحِيطِ عَدَمَ الْجَوَازِ إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ بِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ فِي الطَّرَفَيْنِ فَكَانَتْ نَسَاءً لَا عَيْنًا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» إلَّا أَنَّهُ خُصَّ مِنْهُ خِلَافُ الْجِنْسِ بِالْإِجْمَاعِ

(بَابٌ مِنْ الْإِجَارَةِ) الْأَجِيرُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا (الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ) وَثَانِيهِمَا الْأَجِيرُ الْخَاصُّ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ الْأَوَّلُ (مَنْ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدِ) كَالْخَيَّاطِ وَنَحْوِهِ (أَوْ يَعْمَلُ لَهُ) أَيْ لِوَاحِدٍ عَمَلًا (غَيْرَ مُؤَقَّتٍ) ، فَإِنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا وَحْدَهُ لِلْخِيَاطَةِ أَوْ الْخَبْزِ فِي بَيْتِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لِغَيْرِهِ (أَوْ مُؤَقَّتًا بِلَا تَخْصِيصٍ) يَعْنِي إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِرَعْيِ غَنَمِهِ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَلَا تَرْعَ غَنَمَ غَيْرِي فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ أَجِيرَ وَاحِدٍ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ (وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ) أَيْ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ (الْأَجْرَ) إلَّا (بِعَمَلِهِ كَالصَّبَّاغِ وَنَحْوِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَتَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ الْعِوَضَيْنِ فَمَا لَمْ يُسَلِّمْ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ الْعَمَلُ لَا يُسَلِّمُ لِلْأَجِيرِ الْعِوَضَ وَهُوَ الْأَجْرُ -

(وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِي يَدِهِ) سَوَاءً هَلَكَ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالسَّرِقَةِ أَوْ بِمَا لَا يُمْكِنُ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ وَالْغَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ لِمَنْفَعَتِهِ وَهِيَ إقَامَةُ الْعَمَلِ فِيهِ لَهُ فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَالْمُودَعِ وَأَجِيرِ الْوَاحِدِ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَمَّا فِيمَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَبِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا فِيمَا يُمْكِنُ فَعَلَى الْخِلَافِ فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَفْسُدُ لِمَا ذَكَرَ (وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ) لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ -

(بَلْ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِعَمَلِهِ كَالْخَرْقِ) أَيْ خَرْقِ الثَّوْبِ الْحَاصِلِ (مِنْ الدَّقِّ) أَيْ دَقِّ الْقَصَّارِ (وَزَلْقِ الْحَمَّالِ) ، فَإِنَّ التَّلَفَ الْحَاصِلَ مِنْ زَلْقِهِ حَصَلَ مِنْ تَرْكِهِ التَّثَبُّتَ فِي الْمَشْيِ وَانْقِطَاعِ حَبْلٍ يَشُدُّ بِهِ الْحِمْلَ، فَإِنَّ التَّلَفَ الْحَاصِلَ بِهِ حَصَلَ مِنْ تَرْكِهِ التَّوْثِيقَ فِي شَدِّ الْحِمْلِ -

(وَغَرَقِ السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهِ إلَّا آدَمِيًّا غَرِقَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ آدَمِيًّا غَرِقَ مِنْ مَدِّهِ السَّفِينَةَ (أَوْ سَقَطَ مِنْ دَابَّةٍ) ، وَإِنْ كَانَ بِسَوْقِهِ أَوْ قَوَدِهِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْآدَمِيِّ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْجِنَايَةِ وَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْعَاقِلَةُ لَا تَتَحَمَّلُ ضَمَانَ الْعُقُودِ وَهَذَا لَيْسَ بِجِنَايَةٍ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا فِيهِ (أَوْ هَلَكَ مِنْ حِجَامَةٍ أَوْ فَصْدٍ) لَمْ يَجُزْ الْمُعْتَادَ كَذَا دَابَّةٌ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[بَابٌ فِي الْأَجِير] [أَنْوَاع الْأَجِير]

بَابٌ مِنْ الْإِجَارَةِ) (قَوْلُهُ: يَعْنِي اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَرْعَى غَنَمَهُ شَهْرًا بِدِرْهَمٍ فَهُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ) أَقُولُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ كَانَ فَاسِدًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخَبَّازِ الْمُتَقَدِّمَةِ

(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ) أَقُولُ قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ.

وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ كَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ سَأَلْتُ عَنْهُ هَلْ يُجْبَرُ الْخَصْمُ عَلَى الصُّلْحِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ أَجَابَ بِأَنِّي كُنْت أُفْتِي بِالصُّلْحِ فِي الِابْتِدَاءِ فَرَجَعْتُ لِهَذَا وَعَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَجِيرُ مُصْلِحًا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَجِبُ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا، وَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ اهـ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى الْيَوْمَ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَبِهِ يَحْصُلُ صِيَانَةُ أَمْوَالِهِمْ اهـ.

وَقَالَ الْعَيْنِيُّ وَبِهِ يَعْنِي بِمَا قَالَا أَفْتَى بَعْضُهُمْ وَبِقَوْلِ الْإِمَامِ آخَرُونَ وَأَفْتَى بِالصُّلْحِ جَمَاعَةٌ مِنَّا اهـ.

وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمُخْتَارُ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِعَمَلِهِ كَالْخَرْقِ) أَقُولُ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَمْ يُعْطِهِ الْأَجْرَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ مَعْمُولًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ: أَوْ غَرَقِ السَّفِينَةِ مِنْ مُدَّةٍ) أَقُولُ أَوْ مُعَالَجَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جِنَايَةِ يَدِهِ فَيَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ أَوْ وَكِيلُهُ فِي السَّفِينَةِ لَا يُضَمِّنُ الْمَلَّاحَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ كَانَ الطَّعَامُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَلَا يُضَمِّنُ الْمَلَّاحَ إلَّا أَنْ يَضَعَ فِيهَا شَيْئًا أَوْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَتَعَمَّدُ الْفَسَادَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَقَطَ مِنْ دَابَّةٍ) أَقُولُ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ كَبِيرًا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ وَيَرْكَبُ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَتَاعِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>