للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَوْلِهِ يَعْمَلُ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَيَعْمَلُ بِالْأَجْرِ فَرَأْسُ مَالِهِ إبْرَةٌ وَمِقْرَاضٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْعُذْرُ فِي حَقِّهِ (وَبِدَاءِ مُكْتَرِي الدَّابَّةِ مِنْ سَفَرِهِ) ، فَإِنَّهُ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَضَى عَلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ لَزِمَهُ ضَرَرٌ زَائِدٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ قَصْدِهِ سَفَرَ الْحَجِّ فَذَهَبَ وَقْتُهُ أَوْ طَلَبَ غَرِيمٍ لَهُ فَحَضَرَ أَوْ التِّجَارَةَ فَافْتَقَرَ (بِخِلَافِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَخَيَّاطٍ يَعْمَلُ بِمَالِهِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا (تَرْكِ مُسْتَأْجِرِهِ) أَيْ مُسْتَأْجِرِ عَبْدٍ (لَهُ) أَيْ لِيَخِيطَ (لِيَعْمَلَ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّرْكِ (فِي الصَّرْفِ) ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عُذْرًا إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُقْعِدَ الْغُلَامَ لِلْخِيَاطَةِ فِي نَاحِيَةٍ وَيَعْمَلُ لِلصَّرْفِ فِي نَاحِيَةٍ (وَبِدَاءِ الْمُكَارِي) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَبِدَاءِ الْمُكْتَرِي، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ أَيْضًا إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْعُدَ وَيَبْعَثَ دَوَابَّهُ عَلَى يَدِ تِلْمِيذِهِ أَوْ أَجِيرِهِ (وَبَيْعِ مَا أَجَّرَهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلُزُومِ دَيْنٍ، فَإِنَّهُ أَيْضًا لَيْسَ بِعُذْرٍ بِدُونِ لُحُوقِ دَيْنٍ كَمَا مَرَّ -

(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْفَسْخِ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (لَوْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ بَقِيَتْ تَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ الْمَمْلُوكَةُ أَوْ الْأُجْرَةُ الْمَمْلُوكَةُ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ مُسْتَحَقَّةً بِالْعَقْدِ لِانْتِقَالِهَا إلَى الْوَارِثِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ (وَلَوْ) عَقَدَهَا (لِغَيْرِهِ لَا) أَيْ لَا تَنْفَسِخُ (كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي) لِبَقَاءِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحِقِّ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمَعْقُودُ لَهُ بَطَلَتْ لِمَا ذَكَرْنَا.

(وَ) تَنْفَسِخُ (بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُسْتَأْجِرِينَ أَوْ الْمُؤَجِّرَيْنِ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ) وَبَقِيَتْ فِي حِصَّةِ الْحَيِّ وَقَالَ زُفَرُ تَبْطُلُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ مَانِعٌ قُلْنَا الشُّرُوطُ يُرَاعَى وُجُودُهَا فِي الِابْتِدَاءِ لَا الْبَقَاءِ كَالشَّهَادَةِ فِي النِّكَاحِ

[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْإِجَارَة]

(مَسَائِلُ شَتَّى) - (أَحْرَقَ حَصَائِدَ أَرْضٍ) وَهِيَ جَمْعُ حَصِيدٍ وَحَصِيدَةٍ وَهُمَا الزَّرْعُ الْمَحْصُودُ وَالْمُرَادُ بِهَا هَاهُنَا مَا يَبْقَى مِنْ أُصُولِ الْقَصَبِ الْمَحْصُودِ فِي الْأَرْضِ (اسْتَأْجَرَهَا أَوْ اسْتَعَارَهَا فَاحْتَرَقَ مَا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا تَسَبُّبٌ وَلَيْسَ بِمُبَاشَرَةٍ فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا كَحَافِرِ الْبِئْرِ فِي مِلْكِهِ (إنْ لَمْ تَضْطَرِبْ الرِّيَاحُ) قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ سَاكِنَةً ثُمَّ تَغَيَّرَتْ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُضْطَرِبَةً فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مُوقِدَ النَّارِ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ فَيَكُونُ مُبَاشِرًا -

(وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْوَضْعِ وَلَوْ رَفَعَهَا الرِّيحُ إلَى شَيْءٍ فَأَحْرَقَتْهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرِّيحَ نَسَخَتْ فِعْلَهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ -

(سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا لَا تَتَحَمَّلُهُ) أَيْ لَا تَتَحَمَّلُ تِلْكَ الْأَرْضَ ذَلِكَ السَّقْيَ (فَتَعَدَّى) أَيْ الْمَاءُ (إلَى جَارِهِ ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لَا مُتَسَبِّبٌ -

(أَقْعَدَ خَيَّاطًا وَنَحْوَهُ فِي دُكَّانِهِ مَنْ يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ جَازَ) ، فَإِنَّ صَاحِبَ الدُّكَّانِ قَدْ يَكُونُ ذَا جَاهٍ وَحُرْمَةٍ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ حَاذِقًا فِي الْعَمَلِ فَيَقْعُدُ حَاذِقًا يُطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ لَكِنَّهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ هَذَا بِوَجَاهَتِهِ يُقْبِلُ وَذَاكَ بِحَذَاقَتِهِ يَعْمَلُ فَتَنْتَظِمُ الْمَصْلَحَةُ وَلَا يَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ فِيمَا يَحْصُلُ -

(كَاسْتِئْجَارِ جَمَلٍ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

مَسَائِلُ شَتَّى) (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا مَا يَبْقَى مِنْ أُصُولِ الْقَصَبِ الْمَحْصُودِ فِي الْأَرْضِ) أَقُولُ وَكَذَا لَوْ أَحْرَقَ الشَّوْكَ فِيهَا لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: اسْتَأْجَرَهَا أَوْ اسْتَعَارَهَا. . . إلَخْ) .

أَقُولُ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَمْلُوكَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضْمَنْ فِيمَا ذَكَرَ فَالْمَمْلُوكَةُ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ سَاكِنَةً ثُمَّ تَغَيَّرَتْ أَمَّا إذَا كَانَتْ مُضْطَرِبَةً فَيَضْمَنُ) أَقُولُ نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الرِّيَاحُ مُضْطَرِبَةً يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ. اهـ. .

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَجُلٌ أَحْرَقَ شَوْكًا أَوْ شَيْئًا فِي أَرْضِهِ فَذَهَبَتْ الرِّيحُ بِالشَّرَارَاتِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ وَأَحْرَقَتْ زَرْعَهُ إنْ كَانَ يَبْعُدُ مِنْ أَرْضِ الْجَارِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ شَرَرُ النَّارِ فِي الْعَادَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِ النَّارِ وَأَنَّهُ جَارٌ وَلَوْ كَانَ بِقُرْبٍ مِنْ أَرْضِهِ عَلَى وَجْهٍ يَصِلُ شَرَرُ النَّارِ غَالِبًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِيقَادَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا لَا تَحْتَمِلُهُ. . . إلَخْ) أَقُولُ يَعْنِي لَا تَحْتَمِلُ بَقَاءَهُ بِأَنْ كَانَتْ صُعُودًا وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ سَقَى أَرْضَهُ نَفَذَ إلَى جَارِهِ ضَمِنَ وَلَوْ كَانَ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسُّكْرِ وَالْإِحْكَامِ وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ وَيَكُونُ هَذَا كَإِشْهَادٍ عَلَى حَائِطٍ وَلَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ فِي الْحَقِيقَةِ) أَقُولُ لَاحَ لِي أَنَّ فِيهِ نَظَرًا ثُمَّ رَأَيْت الزَّيْلَعِيَّ قَالَ: إنَّ هَذِهِ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ هَذِهِ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ فِي الْحَقِيقَةِ فَهَذَا بِوَجَاهَتِهِ يُقْبِلُ وَهَذَا بِحَذَاقَتِهِ يَعْمَلُ فِيهِ نَوْعُ أَشْكَالٍ، فَإِنَّ تَفْسِيرَ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَلَيْسَ فِي هَذِهِ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ، وَإِنَّمَا هِيَ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>