للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ مَحْمَلًا وَرَاكِبَيْنِ وَحَمَلَ مَحْمَلًا مُعْتَادًا) ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَحْمَلَ مُتَفَاوِتٌ مَجْهُولٌ فَيُفْضِي إلَى النِّزَاعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْجَهَالَةَ تَزُولُ بِالصَّرْفِ إلَى الْمُعْتَادِ (وَإِرَاءَتُهُ أَجْوَدُ) أَيْ إرَاءَةُ الْمَحْمَلَ الْجَمَّالَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ نَفْيٌ لِلْجَهَالَةِ -

(اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ جَمَلًا (لِحَمْلِ قَدْرِ زَادٍ فَأَكَلَ مِنْهُ رَدَّ عِوَضَهُ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حِمْلًا مُقَدَّرًا فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ (قَالَ لِغَاصِبِ دَارِهِ فَرِّغْهَا وَإِلَّا فَأُجْرَتُهَا كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا فَلَمْ يُفَرِّغْ وَجَبَ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْأُجْرَةَ وَالْغَاصِبُ رَضِيَ بِهَا ظَاهِرًا انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ إجَارَةٍ (إلَّا إذَا أَنْكَرَ الْغَاصِبُ مِلْكَهُ) ، فَإِنَّهُ إذَا أَنْكَرَهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا بِالْإِجَارَةِ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَثْبَتَهُ) أَيْ أَثْبَتَ صَاحِبُ الدَّارِ كَوْنَهَا مِلْكًا لَهُ (أَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْغَاصِبُ (بِهِ) أَيْ بِمِلْكِهِ (وَلَمْ يَرْضَ بِالْأَجْرِ) أَيْ صَرَّحَ بِعَدَمِ رِضَاهُ بِهِ فَحِينَئِذٍ لَا يُفِيدُ رِضَاهُ ظَاهِرًا (لِلْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ جَازَ لَهُ (أَنْ يُؤَخِّرَ الْأَجِيرَ مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُؤَجِّرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ (وَيُعِيرُ وَيُودِعُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ مَنَافِعَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهَا لَكِنْ لَا فِيمَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا وَإِلَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا -

(فَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ لَا يُؤَجِّرُ غَيْرَهُ وَلَا يُعِيرُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ (وَكَّلَهُ لِاسْتِئْجَارِ دَارٍ فَفَعَلَ وَقَبَضَ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ كَذَا إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْآمِرُ، وَإِنْ طَلَبَ وَأَبَى لِيُعَجِّلَ) أَيْ الْأَجْرَ (لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ يَعْنِي لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيَسْتَأْجِرَ لَهُ دَارًا مُعَيَّنَةً فَاسْتَأْجَرَ فَقَبَضَهَا وَمَنَعَهَا مِنْ الْآمِرِ أَوَّلًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَالْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَرَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَبْضِ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ فِي حَقِّ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَصَارَ قَابِضًا لَهُ حُكْمًا، فَإِنْ شَرَطَ الْوَكِيلُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ الدَّارَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْهَا الْآمِرُ مِنْهُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ صَارَ قَابِضًا بِقَبْضِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَنْعُ وَلَوْ طَلَبَهَا فَأَبَى حَتَّى يُعَجِّلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَبَسَ الدَّارَ مِنْ الْآمِرِ وَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ خَرَجَتْ يَدُ الْوَكِيلِ مِنْ أَنْ تَكُونَ يَدَ نِيَابَةٍ فَلَمْ يَصِرْ الْمُوَكِّلُ قَابِضًا حُكْمًا وَلَمْ تَصِرْ الْمَنَافِعُ حَادِثَةً فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ حُكْمًا فَلَمْ يَجِبْ الْأَجْرُ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَذَا فِي الْكَافِي -

(لِلْقَاضِي الْأُجْرَةُ عَلَى كَتْبِ الْمَكَاتِيبِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ لِغَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ كَتْبَهَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الْقَضَاءِ لِيَحْرُمَ (الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالشِّرَاءِ) ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ (بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْعَيْنِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ -

[كِتَابُ الْعَارِيَّةِ]

(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ كِتَابِ تَمْلِيكِ النَّفْعِ بِعِوَضٍ شَرَعَ فِي كِتَابِ تَمْلِيكِ النَّفْعِ بِلَا عِوَضٍ فِي الصِّحَاحِ هِيَ بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ وَفِي الْهِدَايَةِ هِيَ مِنْ الْعَرِيَّةِ وَهِيَ الْعَطِيَّةُ.

وَفِي الْكَافِي هِيَ مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ فَكَأَنَّهُ يَجْعَلُ لِلْغَيْرِ نَوْبَةً فِي الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ (هِيَ) لُغَةً تَمْلِيكُ مَا ذَكَرَ وَشَرْعًا (تَمْلِيكُ نَفْعٍ بِلَا عِوَضٍ) وَبِهَذَا تَخْرُجُ الْإِجَارَةُ (وَتَصِحُّ بِأَعَرْتُكَ) ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَحَمَلَ مَحْمَلًا مُعْتَادًا) أَقُولُ لَيْسَ هُوَ مِنْ شَرْطِ الْجَوَازِ بَلْ هُوَ تَصْرِيحٌ بِمَا يَجُوزُ لَهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ إذَا حَمَلَ غَيْرَ مُعْتَادٍ لَا يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ بِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فَزَادَ عَلَيْهِ إنْ طَاقَتْ الْكُلَّ ثُمَّ هَلَكَتْ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ لَمْ تُطِقْ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا

(قَوْلُهُ: وَيُعِيرُ وَيُودِعُ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ) أَقُولُ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ وَفِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِهِ أَيْ بِالْمُسْتَعْمَلِ بَطَلَ التَّقْيِيدُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَيَّدٍ ثُمَّ قَوْلُهُ وَيُودِعُ لَمْ يَظْهَرْ لِي سِرُّ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ إذْ الْإِيدَاعُ لَيْسَ إلَّا الِاسْتِحْفَاظَ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ وَيُؤَجِّرُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ، فَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَ لَا يُؤَجِّرُ غَيْرَهُ وَلَا يُعِيرُهُ وَأَقُولُ هُوَ أَيْضًا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ، وَإِنْ خَصَّصَ بِرَاكِبٍ أَوْ لَابِسٍ فَخَالَفَ ضَمِنَ كَذَا كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِالْمُسْتَعْمَلِ

(كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ؛ لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ إنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارَةِ اسْمٌ مِنْ الْعَارِ وَأَخْذُهَا مِنْ الْعَارِ عَيْبٌ وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ مَا فِي الْمُغْرِبِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاشَرَ الِاسْتِعَارَةَ فَلَوْ كَانَ الْعَارُ فِي طَلَبِهَا لَمَا بَاشَرَهَا. اهـ. كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: هِيَ تَمْلِيكُ نَفْعٍ) أَقُولُ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَالشَّافِعِيُّ إبَاحَتُهُ وَتَوْجِيهُ كُلٍّ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>