للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاسْتِيفَاءُ الْأَوَّلُ فَانْتَقَضَ الِاسْتِيفَاءُ الثَّانِي، (وَرَدَّ مَا قَبَضَ إلَى مَنْ أَدَّى) فِي صُورَةِ إيفَاءِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُتَطَوِّعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الصُّلْحِ (وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ) وَهَلَكَ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ إذْ بِالْحَوَالَةِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ، وَلَكِنَّ ذِمَّةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ تَقُومُ مَقَامَ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَلِهَذَا يَعُودُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا، (كَذَا) أَيْ كَمَا يَهْلِكُ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ يَهْلِكُ بِهِ أَيْضًا (إذَا هَلَكَ بَعْدَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنْ لَا دَيْنَ) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ أَوْ بِجِهَتِهِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْوُجُودِ كَمَا فِي الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ، وَقَدْ بَقِيَتْ الْجِهَةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ بَعْدَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِهِ.

كِتَابُ الْغَصْبِ أَوْرَدَهُ عَقِيبَ كِتَابِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ حَبْسًا شَرْعِيًّا وَفِي الثَّانِي حَبْسًا غَيْرَ شَرْعِيٍّ (هُوَ) لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ الْغَيْرِ بِالتَّغَلُّبِ مُتَقَوِّمًا أَوْ لَا يُقَالُ غَصَبَ زَوْجَةَ فُلَانٍ وَخَمْرَ فُلَانٍ، وَشَرْعًا (أَخْذُ مَالٍ) هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ (مُتَقَوِّمٍ) احْتِرَازٌ عَنْ الْخَمْرِ (مُحْتَرَمٍ) احْتِرَازٌ عَنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ (مِنْ يَدِ مَالِكِهِ بِلَا إذْنِهِ) احْتِرَازٌ مِنْ أَخْذِهِ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ بِإِذْنِهِ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ إزَالَةَ يَدِ الْمَالِكِ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْغَصْبِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ إثْبَاتُ يَدِ الْعُدْوَانِ عَلَيْهِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ كَوَلَدِ الْمَغْصُوبَةِ وَثَمَرَةُ الْبُسْتَانِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَضْمُونَةٍ عِنْدَنَا لِعَدَمِ إزَالَةِ الْيَدِ، وَعِنْدَهُ مَضْمُونَةٌ لِإِثْبَاتِ الْيَدِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْغَصْبِ عِنْدَنَا إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ، وَإِثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الثَّانِي فَقَطْ (لَا خُفْيَةً) احْتِرَازٌ عَنْ السَّرِقَةِ (فَاسْتِخْدَامُ الْعَبْدِ وَتَحْمِيلُ الدَّابَّةِ) أَيْ وَضْعُ الْحِمْلِ عَلَيْهَا (غَصْبٌ) لِوُجُودِ إزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِثْبَاتِ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ فِيهِمَا (لَا جُلُوسَهُ عَلَى الْبِسَاطِ) لِعَدَمِ إزَالَةِ الْيَدِ بِالِاسْتِيلَاءِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ النَّقْلُ وَالتَّحْوِيلُ وَالْبَسْطُ فِعْلُ الْمَالِكِ، وَقَدْ بَقِيَ أَثَرُ فِعْلِهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَلَمْ يَكُنْ آخِذًا عَنْ يَدِهِ.

(وَحُكْمُهُ الْإِثْمُ لِمَنْ عَلِمَ) أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ، (وَرَدُّ الْعَيْنِ قَائِمَةً وَالْغُرْمُ هَالِكَةً وَلِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ عَلِمَ (الْأَخِيرَانِ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ وَلَا إثْمَ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِالْحَدِيثِ، (وَيَجِبُ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ) كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] الْآيَةَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِيِّ مَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَ أَجْزَائِهِ يَعْتَدُّ بِهِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَهُوَ قِيَمِيٌّ، ثُمَّ الْمِثْلِيُّ قَدْ يَكُونُ مَصْنُوعًا بِحَيْثُ تُخْرِجُهُ الصَّنْعَةُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ بِجَعْلِهِ نَادِرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِهِ كَالْقَمْقَمَةِ وَالْقِدْرِ وَالْإِبْرِيقِ فَيَكُونُ قِيَمِيًّا، وَقَدْ يَكُونُ مَصْنُوعًا بِحَيْثُ لَا تُخْرِجُهُ الصَّنْعَةُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ لِبَقَاءِ كَثْرَتِهِ وَعَدَمِ تَفَاوُتِهِ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ وَالدَّنَانِيرِ (فَإِنْ انْقَطَعَ) أَيْ الْمِثْلِيُّ (فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَوْمَ الْغَصْبِ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمَّا انْقَطَعَ الْتَحَقَ بِمَا لَا مِثْلَ لَهُ فَيَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ انْعِقَادِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُوجِبُ وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمِثْلُ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ إلَى الْقِيمَةِ بِالِانْقِطَاعِ فَيَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِانْقِطَاعِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّقْلَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الِانْقِطَاعِ، وَلِهَذَا لَوْ صَبَرَ إلَى أَنْ يُوجَدَ مِثْلُهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي يَنْتَقِلُ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ وَالْقَضَاءِ، (وَ) تَجِبُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[كِتَابُ الْغَصْبِ]

(كِتَابُ الْغَصْبِ) (قَوْلُهُ يُقَالُ غَصَبَ زَوْجَةَ فُلَانٍ وَخَمْرَ فُلَانٍ) إنَّمَا ذَكَرَ الْمِثَالَيْنِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ مَالًا وَلَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ كَالْخَمْرِ، أَوْ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا كَالزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ احْتِرَازٌ عَنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالتَّبْيِينِ لَكِنْ مَعَ زِيَادَةِ كَوْنِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي وَالذَّخِيرَةِ أَنَّ مَشَايِخَنَا اسْتَثْنَوْا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ النَّاطِفَ الْمُبَزَّرَ بِتَقْدِيمِ الزَّايِ وَالدُّهْنَ الْمُرَبَّى فَقَالُوا بِضَمَانِ الْقِيمَةِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النَّاطِفَ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الْبِزْرِ، وَكَذَلِكَ الدُّهْنُ الْمُرَبَّى اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْقَطَعَ) أَيْ الْمِثْلِيُّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ حَدُّ الِانْقِطَاعِ مَا ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>