للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلٍ لِرَجُلٍ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَيْهِ (فَغَابَ الْأَصِيلُ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا رُدَّ) أَيْ لَمْ يُقْبَلْ بُرْهَانُهُ عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ فَيَقْضِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ الْقَضَاءُ بِالْمَالِ عَلَى الْأَصِيلِ وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ لِكَوْنِهِ غَائِبًا (بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ) الْغَائِبِ (كَذَا وَهَذَا كَفِيلُهُ قُضِيَ عَلَى الْوَكِيلِ) لِأَنَّ الْمُدَّعَى هَاهُنَا مَالٌ مُطْلَقٌ فَأَمْكَنَ إثْبَاتُهُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْمَالِ مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ (وَلَوْ زَادَ بِأَمْرِهِ قُضِيَ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِأَمْرِهِ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَمُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَالْقَضَاءُ بِأَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ قَضَاءً بِالْآخَرِ فَإِذَا قَضَى بِهَا الْآمِرُ ثَبَتَ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْمَالِ فَيَصِيرُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَالْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَمَسُّ جَانِبَهُ لِأَنَّ صِحَّتَهَا تَعْتَمِدُ قِيَامَ الدَّيْنِ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ فَلَا يَتَعَدَّى عَنْهُ وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْأَمْرِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ

(كَفَالَتُهُ بِالدَّرَكِ تَسْلِيمٌ) لِلْمَبِيعِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ حَتَّى لَا تَجُوزُ لَهُ بَعْدَهَا دَعْوَى مَلَكِيَّتِهِ (كَكَتْبِ شَهَادَتِهِ فِي صَكٍّ كَتَبَ فِيهِ بَاعَ مِلْكَهُ أَوْ) بَاعَ (بَيْعًا نَافِذًا بَاتًّا) فَإِنَّهُ أَيْضًا تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ (لَا كَتْبِ شَهَادَتِهِ فِي صَكِّ بَيْعٍ مُطْلَقٍ) عَنْ قَيْدِ الْمِلْكِيَّةِ وَكَوْنِهِ نَافِذًا بَاتًّا (فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا) بَلْ يُسْمَعُ بَعْدَهُ دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ إذْ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ يَصْدُرُ عَنْ غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَعَلَّهُ كَتَبَ الشَّهَادَةَ لِيَحْفَظَ الْوَاقِعَةَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا ذُكِرَ (كَكَتْبِ شَهَادَتِهِ عَلَى إقْرَارِ الْعَاقِدَيْنِ) فَإِنَّهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ إخْبَارٍ وَلَوْ أَخْبَرَ بِأَنَّ فُلَانًا بَاعَ شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ

(قَالَ ضَمِنْته لَك إلَى شَهْرٍ وَقَالَ الطَّالِبُ حَالًّا فَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ) يَعْنِي إذَا قَالَ الْكَفِيلُ لِلطَّالِبِ ضَمِنْت لَك عَنْ فُلَانٍ أَلْفًا إلَى شَهْرٍ فَلَا تُطَالِبْنِي الْآنَ وَقَالَ الطَّالِبُ هُوَ حَالٌّ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ (وَعُكِسَ فِي لَك عَلَيَّ مِائَةٌ إلَى شَهْرٍ إذَا قَالَ الْآخَرُ حَالَّةٌ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْكَفِيلَ لَمْ يُقِرَّ بِالدَّيْنِ إذْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا بَلْ أَقَرَّ بِمُجَرَّدِ الْمُطَالَبَةِ بَعْدَ الشَّهْرِ وَالطَّالِبُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةَ فِي الْحَالِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ لَهُ وَالْمُقِرُّ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ ادَّعَى حَقًّا لِنَفْسِهِ وَهُوَ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ إلَى شَهْرٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ (لَا يُؤَاخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُنْقَضُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ يُقْضَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ

(قَالَ لِآخَرَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَ وَأَخَذُوا مَالَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَا إنْ كَانَ مَخُوفًا وَأُخِذَ مَالُك فَأَنَا ضَامِنٌ) وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا (ضَمِنَ) وَصَارَ غَارًّا الْأَصْلُ أَنَّ الْمَغْرُورَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ إذَا حَصَلَ الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةِ أَوْ ضَمِنَ الْغَارُ صِفَةَ السَّلَامَةِ لِلْمَغْرُورِ نَصًّا حَتَّى لَوْ قَالَ الطَّحَّانُ لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ اجْعَلْ الْحِنْطَةَ فِي الدَّلْوِ فَجَعَلَهَا فِي الدَّلْوِ فَذَهَبَ مِنْ ثُقْبَةِ مَا كَانَ فِيهِ إلَى الْمَاءِ وَالطَّحَّانُ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ صَارَ غَارًّا فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ ثَمَّةَ مَا ضَمِنَ السَّلَامَةَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَهَاهُنَا الْعَقْدُ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ

فَصْلٌ (لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ لَمْ يَجُزْ) يَعْنِي إذَا كَفَلَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

هَذَا الْبَيْعُ فِي قَلْبِي كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ اخْتَرَعَهُ أَكْلَةُ الرِّبَا وَقَدْ ذَمَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ «إذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ذَلَلْتُمْ فَظَهَرَ عَلَيْكُمْ عَدُوُّكُمْ» أَيْ اشْتَغَلْتُمْ بِالْحَرْثِ عَنْ الْجِهَادِ وَفِي رِوَايَةٍ سُلِّطَ عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ وَقِيلَ إيَّاكَ وَالْعِينَةُ فَإِنَّهَا لَعِينَةٌ وَأَشَدُّ مِنْ بَيْعِ الْعِينَةِ الْبِيَاعَاتُ الْكَائِنَةُ الْآنَ كَمَبِيعِ الْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَالشَّيْرَجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اسْتَقَرَّ الْحَالُ عَلَى وَزْنِهَا مَظْرُوفَةً ثُمَّ إسْقَاطُ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الظَّرْفِ وَبِهِ يَصِيرُ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بِحُكْمِ الْغَصْبِ الْمُحَرَّمِ فَأَيْنَ هُوَ مِنْ بَيْعِ الْعِينَةِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَلَفِ فِي كَرَاهَتِهِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي فِي قَلْبِي أَنَّهُ إذَا أَخَذَ ثَوْبًا بِثَمَنٍ مِنْ غَيْرِ اقْتِرَاضٍ وَرَدَّ بَعْضًا مِنْ الثَّمَنِ وَيَبِيعُهَا لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ بِأَمْرِهِ قَضَى عَلَيْهِمَا) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَشَارِحُ الْمَجْمَعِ وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا قَضَى بِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَوْ كَانَ أَنْكَرَهُ خِلَافًا لِزُفَرَ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَخُوفًا. . . إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ

[فَصْلٌ لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِنَصِيبِهِ]

فَصْلٌ (قَوْلُهُ لَهُمَا دَيْنٌ عَلَى آخَرَ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ) مُسْتَدْرَكٌ بِمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلِلشَّرِيكِ إذَا بِيعَ عَبْدٌ صَفْقَةً مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى هَذَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْهِدَايَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فَلَوْ قَضَى بِحُكْمِ الضَّمَانِ. . . إلَخْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>