للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ بِلَا إذْنِهِ) يَعْنِي يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَالِ مِنْ شَرِيكِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ (إلَّا فِي صُورَةِ الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ خَلْطَ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ بِصِفَةِ التَّعَدِّي سَبَبٌ لِزَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ الْمَخْلُوطِ إلَى الْخَالِطِ وَإِذَا حَصَلَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ حَصَلَ سَبَبُ الزَّوَالِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَاعْتُبِرَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمْ زَائِلًا عَنْ الشَّرِيكِ فِي حَقِّ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الشَّرِيكِ غَيْرَ زَائِلٍ فِي حَقِّ الْبَيْعِ مِنْ الشَّرِيكِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَعَ الشَّرِيكِ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَمْلِيكِ مُعْتَقِ الْبَعْضِ لِلشَّرِيكِ لَا الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا إجَارَةُ الْمُشَاعِ مِنْ الشَّرِيكِ جَائِزَةٌ (وَإِمَّا شَرِكَةُ عَقْدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِمَّا شَرِكَةُ مِلْكٍ

(وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ) بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُك فِي كَذَا أَوْ فِي عَامَّةِ التِّجَارَاتِ (وَالْقَبُولُ) بِأَنْ يَقُولَ لِآخَرَ قَبِلْت فَإِنَّهَا عَقْدٌ مِنْ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ رُكْنٍ كَسَائِرِهَا (وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) أَيْ التَّصَرُّفُ الَّذِي عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَيْهِ (قَابِلًا لِلْوَكَالَةِ) لِيَقَعَ مَا يُحَصِّلُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيُحَصِّلُ لِنَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ وَلِشَرِيكِهِ بِالْوَكَالَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَا يَصِحُّ فِيهِ بَلْ مَا يَكْتَسِبُهُ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً (وَعَدَمُ مَا يَقْطَعُهَا) أَيْ الشَّرِكَةَ (كَشَرْطِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ مِنْ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا) فَإِنَّهُ يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَبْقَى بَعْدَ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْمُسَمَّاةِ رِبْحٌ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ

(وَهِيَ) أَيْ شَرِكَةُ الْعَقْدِ (ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ (شَرِكَةٌ بِالْأَمْوَالِ وَ) الثَّانِي (شَرِكَةٌ بِالْأَعْمَالِ وَتُسَمَّى) هَذِهِ الشَّرِكَةُ اصْطِلَاحًا (شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ، وَ) شَرِكَةُ (التَّقَبُّلِ، وَ) شَرِكَةُ (الْأَبْدَانِ) وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ ظَاهِرٌ.

(وَ) الثَّالِثُ (شَرِكَةُ الْوُجُوهِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ هِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَيْ شَرِكَةُ الْعُقُودِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مُفَاوَضَةٍ وَعِنَانٍ وَشَرِكَةِ الصَّنَائِعِ وَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَقَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ هَذَا التَّقْسِيمُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ شَرِكَةَ الصَّنَائِعِ وَشَرِكَةَ الْوُجُوهِ مُغَايِرَتَانِ لِلْمُفَاوَضَةِ وَالْأَوْلَى فِي التَّقْسِيمِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرَيْهِمَا بِقَوْلِهِمَا الشَّرِكَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ شَرِكَةٌ بِالْأَمْوَالِ وَشَرِكَةٌ بِالْأَعْمَالِ وَشَرِكَةٌ بِالْوُجُوهِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى وَجْهَيْنِ مُفَاوَضَةٍ وَعِنَانٍ.

وَفِي الْهِدَايَةِ إشَارَةٌ إلَى هَذَا حَيْثُ قَالَ فِي بَيَانِ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ وَأَنَّهَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةً لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَحْقِيقُ الْكَفَالَةِ وَالْوَكَالَةِ فِي الْأَبْدَانِ وَإِذَا أُطْلِقَتْ تَكُونُ عِنَانًا فَلَمَّا عَثَرْت عَلَى هَذَا اخْتَرْته وَبَيَّنْته عَلَى طِبْقِ غَايَةِ الْبَيَانِ وَقُلْت (وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا مُفَاوَضَةٌ) هِيَ بِمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ سُمِّيَ هَذَا الْعَقْدُ بِهَا لِاشْتِرَاطِ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ عِنَانٌ) مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَنَّ أَيْ عَرَضَ سُمِّيَ هَذَا الْعَقْدُ بِهِ لِمَا قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ كَأَنَّهُ عَنَّ لَهُمَا شَيْءٌ فَاشْتَرَكَا فِيهِ أَوْ مِنْ عِنَانِ الْفَرَسِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْكِسَائِيُّ وَالْأَصْمَعِيُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَعَلَ عِنَانَ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْمَالِ إلَى صَاحِبِهِ.

(أَمَّا الْمُفَاوَضَةُ فِي الشَّرِكَةِ بِالْأَمْوَالِ فَبِأَنْ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً) أَيْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا لِلْآخَرِ لِيَتَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الشَّرِكَةُ فِي الْمُشْتَرَى لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي مِلْكِ صَاحِبِهِ إلَّا بِالْوَكَالَةِ مِنْهُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْمَجْهُولِ لَا تَجُوزُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[أَرْكَان الشَّرِكَة وَشُرُوطهَا]

قَوْلُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا) الْمِيمُ الثَّانِيَةُ زَائِدَةٌ مِنْ النَّاسِخِ

(قَوْلُهُ أَوْ عِنَانٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>