للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ قَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَوْ بِوَجْهِهِ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ يَحْتَاجُ إلَى دَفْعِ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا تَنْدَفِعُ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ مِلْكٍ وَخُصُومَةٍ وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ بِبَيِّنَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِهَذَا الْمُدَّعِي فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ مُودِعَهُ لَيْسَ هَذَا الْمُدَّعِي إذْ الشُّهُودُ يَعْرِفُونَ الْمُودِعَ بِوَجْهِهِ (وَإِنْ قَالُوا أَوْدَعَهُ مَنْ لَا نَعْرِفُهُ لَا) أَيْ لَا يَكُونُ دَفْعًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ هَذَا الْمُنَازِعَ (كَمَا لَوْ قَالَ) أَيْ ذُو الْيَدِ (شَرَيْتُهُ مِنْ الْغَائِبِ) حَيْثُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ أَنَّ يَدَهُ يَدُ مِلْكٍ صَارَ مُعْتَرِفًا بِكَوْنِهِ خَصْمًا (أَوْ قَالَ الْمُدَّعِي غَصَبْتَهُ أَوْ سَرَقْتَهُ أَوْ سُرِقَ مِنِّي) حَيْثُ لَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْخُصُومَةُ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى إيدَاعِ زَيْدٍ) أَمَّا الْأَوَّلَانِ فَلِأَنَّ الْمُدَّعِي إنَّمَا صَارَ خَصْمًا بِدَعْوَى الْفِعْلِ عَلَيْهِ لَا بِيَدِهِ فَلَا تَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ بِإِحَالَةِ الْمِلْكِ إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْمِلْكَ عَلَيْهِ بَلْ ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْغَصْبُ أَوْ السَّرِقَةُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالَ تَنْدَفِعُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ الْفِعْلَ عَلَيْهِ بَلْ ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَى مَجْهُولٍ وَهِيَ بَاطِلَةٌ فَالْتَحَقَتْ بِالْعَدَمِ فَبَقِيَ دَعْوَى الْمِلْكِ وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا كَتَعْيِينِ ذِي الْيَدِ لِلسَّرِقَةِ وَلَوْ عَيَّنَهُ لَمْ تَنْدَفِعْ كَذَا هُنَا لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ يَسْتَدْعِي فَاعِلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَإِنَّمَا أَبْهَمَهُ دَرْءًا لِلْحَدِّ فَنَزَلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ تَعْيِينِهِ (بِخِلَافِ غُصِبَ مِنِّي) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ حَيْثُ تَنْدَفِعُ بِهِ الْخُصُومَةُ إذْ لَا حَدَّ فِيهِ فَلَا يُحْتَرَزُ عَنْ كَشْفِهِ فَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قُضِيَ عَلَى ذِي الْيَدِ فَقَطْ (وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْ زَيْدٍ وَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ) أَيْ زَيْدٌ (أَوْدَعَنِي دُفِعَتْ) أَيْ الْخُصُومَةُ (بِلَا حُجَّةٍ) لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمِلْكِ فِيهِ لِزَيْدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ وُصُولَهُ إلَى يَدِ ذِي الْيَدِ مِنْ جِهَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ يَدُهُ يَدَ خُصُومَةٍ بَلْ يَدَ نِيَابَةٍ وَالدَّعْوَى إنَّمَا تَصِحُّ عَلَى مَنْ يَكُونُ لَهُ يَدُ مِلْكٍ (إلَّا إذَا بَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ) فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ بِحُجَّتِهِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِإِمْسَاكِهِ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْإِيدَاعِ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ أَقُولُ هَكَذَا وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْكَافِي وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقَعَ التَّوْكِيلُ مَوْقِعَ الْإِيدَاعِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى فَإِنْ طَلَبَ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ يَمِينَ مُدَّعِي التَّوْكِيلِ بِنَاءً عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الْإِيدَاعِ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ يَعْنِي عَلَى عَدَمِ تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ لَا عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِتَوْكِيلِهِ إيَّاهُ فَتَدَبَّرْ (وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ أَوْدَعَنِي وَكِيلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَثْبُتُ بِقَوْلِهِ

(بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ)

(حُجَّةُ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْلَى مِنْ حُجَّةِ ذِي الْيَدِ) لِأَنَّ الْخَارِجَ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِالْحَدِيثِ كَمَا مَرَّ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قُضِيَ بِالْمَالِ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي خِلَافًا لَهُ قَيَّدَ الْمِلْكَ بِالْمُطْلَقِ احْتِرَازًا عَنْ الْمُقَيَّدِ بِدَعْوَى النِّتَاجِ وَعَنْ الْمُقَيَّدِ بِمَا إذَا ادَّعَيَا تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ وَاحِدٍ وَأَحَدُهُمَا قَابِضٌ وَبِمَا إذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ اثْنَيْنِ وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَإِنَّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا سَيَأْتِي (إلَّا إذَا أَرَّخَا وَذُو الْيَدِ أَسْبَقُ) لِأَنَّ لِلتَّارِيخِ عِبْرَةً عِنْدَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الْمُدَّعِي غَصَبْتَهُ) يَعْنِي مِنْ زَيْدٍ (قَوْلُهُ أَمَّا الْأَوَّلَانِ) يَعْنِي غَصَبْتَهُ أَوْ سَرَقْتَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّالِثُ) يَعْنِي سُرِقَ مِنِّي (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ) أَيْ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ سُرِقَ مِنِّي يَسْتَدْعِي فَاعِلًا لَكِنَّ عِبَارَةَ الْكَافِي وَهَذَا لِأَنَّ ذِكْرَ الْفِعْلِ يَسْتَدْعِي فَاعِلًا (قَوْلُهُ هَكَذَا وَقَعَتْ الْعِبَارَةُ فِي الْكَافِي. . . إلَخْ) مَا ادَّعَاهُ مِنْ الظُّهُورِ فِيهِ تَأَمَّلْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى مُدَّعِي التَّوْكِيلِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِ الْكَافِي فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي أَيْ مُدَّعِي الشِّرَاءِ بِيَمِينِهِ أَيْ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِي دَفْعٌ يُمْهَلُ إلَى الْمَجْلِسِ الثَّانِي كَمَا فِي الصُّغْرَى

[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخَارِجَ هُوَ الْمُدَّعِي) يَعْنِي فَذُو الْيَدِ لَيْسَ بِمُدَّعٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مُدَّعِيًا مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْدِيدِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ اسْمٌ لِمَنْ يُخْبِرُ عَمَّا فِي يَدِ غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ وَالْمَوْصُوفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ هُوَ الْخَارِجُ لَا ذُو الْيَدِ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَمَّا فِي يَدِ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُدَّعِيًا فَالْتَحَقَتْ بَيِّنَتُهُ بِالْعَدَمِ فَبَقِيَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ بِلَا مُعَارِضٍ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ أَوْلَى عِنْدَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَى بِالْمَالِ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي خِلَافًا لَهُ) فِيهِ تَأَمُّلٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْخَارِجِ وَذِي الْيَدِ مُبَرْهِنٌ (قَوْلُهُ حُجَّةُ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَوْلَى مِنْ حُجَّةِ ذِي الْيَدِ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تَارِيخٌ أَوْ كَانَ وَاتَّحَدَ (قَوْلُهُ وَبِمَا إذَا ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ اثْنَيْنِ وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا الْأَسْبَقُ. . . إلَخْ) يُحِيلُ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمِلْكُ مُخْتَلِفًا حَيْثُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ سَبْقُ التَّارِيخِ اهـ. ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَرَّخَا وَذُو الْيَدِ أَسْبَقُ) أَيْ فَيُقَدِّمُ بَيِّنَةَ ذِي الْيَدِ وَإِنْ وَقَّتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لِلْخَارِجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَرَجَعَ أَبُو يُوسُفَ إلَى تَقْدِيمِ ذِي الْوَقْتِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ الْآتِيَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>