للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَا بِطَرِيقِ الشِّرْكِ وَلَا بِغَيْرِهِ) لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ

(الْحَائِطُ لِمَنْ جُذُوعُهُ عَلَيْهِ أَوْ مُتَّصِلٌ بِهِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ) الِاتِّصَالُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا اتِّصَالُ مُلَازَقَةٍ وَهُوَ أَنْ يُلَازِقَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ بِالْآخَرِ وَالثَّانِي اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَبِنَاتُ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ مُتَدَاخِلَةً فِي اتِّصَالِ لَبِنَاتِ الْحَائِطِ الَّذِي لَا نِزَاعَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ مِنْ خَشَبٍ فَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَكُونَ أَطْرَافُ خَشَبَاتِ أَحَدِهِمَا مُرَكَّبَةً فِي الْأُخْرَى وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هَاهُنَا لِأَنَّهُ شَاهِدٌ ظَاهِرٌ لِصَاحِبِهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَنَاهُ مَعَ حَائِطِهِ إذْ مُدَاخَلَةُ اتِّصَالِ اللَّبِنَاتِ وَأَطْرَافِ الْخَشَبَاتِ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا عِنْدَ بِنَاءِ الْحَائِطَيْنِ مَعًا فَكَانَ أَوْلَى وَكَذَا إذَا كَانَ لِأَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ جُذُوعٌ عَلَى الْحَائِطِ كَانَ لَهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجُذُوعِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ بِمَا وُضِعَ لَهُ الْحَائِطُ وَهُوَ وَضْعُ الْجُذُوع عَلَيْهِ (لَا لِمَنْ عَلَيْهِ هَرَادِيُّ) وَهِيَ خَشَبَاتٌ تُوضَعُ عَلَى الْجُذُوعِ وَيُلْقَى عَلَيْهَا التُّرَابُ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَكَذَا الْبَوَارِي لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ اسْتِعْمَالًا لَهُ وَضْعًا إذْ الْحَائِطُ لَا يُبْنَى لَهُمَا بَلْ لِلتَّسْقِيفِ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ عَلَى الْهَرَادِيِّ وَالْبَوَارِي (بَلْ بَيْنَ الْجَارَيْنِ لَوْ تَنَازَعَا) يَعْنِي إذَا تَنَازَعَا فِي حَائِطٍ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ هَرَادِيُّ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا إذْ لَا يَخْتَصُّ بِهِ صَاحِبُ الْهَرَادِيِّ (وَذُو بَيْتٍ مِنْ دَارٍ كَذِي بُيُوتٍ مِنْهَا فِي حَقِّ سَاحَتِهَا) يَعْنِي إذَا كَانَ بَيْتٌ مِنْ دَارٍ فِيهَا بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ فِي يَدِ زَيْدٍ وَالْبُيُوتُ الْبَاقِيَةُ فِي يَدِ بَكْرٍ (فَهِيَ) أَيْ السَّاحَةُ (تَكُونُ بَيْنَهُمَا) حَالَ كَوْنِهَا (نِصْفَيْنِ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي اسْتِعْمَالِهَا وَهُوَ الْمُرُورُ فِيهَا وَالتَّوَضُّؤُ وَكَسْرُ الْحَطَبِ وَوَضْعُ الْأَمْتِعَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَصَارَتْ نَظِيرَ الطَّرِيقِ (بِخِلَافِ الشِّرْبِ) إذَا تَنَازَعَا فِيهِ (فَإِنَّهُ بِقَدْرِ الْأَرْضِ) أَيْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ أَرْضَيْهِمَا لِأَنَّ الشِّرْبَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَجْلِ سَقْيِ الْأَرْضِ فَعِنْدَ كَثْرَةِ الْأَرَاضِي تَكْثُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ.

(بَرْهَنَا) أَيْ خَارِجَانِ عَلَى يَدٍ (فِي أَرْضٍ) أَيْ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَدًا فِيهَا (قُضِيَ بِيَدِهِمَا) لِأَنَّ الْيَدَ فِيهَا غَيْرُ مُشَاهَدٍ لِتَعَذُّرِ إحْضَارِهَا وَالْبَيِّنَةُ تُثْبِتُ مَا غَابَ عَنْ عِلْمِ الْقَاضِي (وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ تَصَرَّفَ فِيهَا) بِأَنْ لَبَّنَ فِيهَا أَوْ بَنَى أَوْ حَفَرَ (قُضِيَ بِيَدِهِ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِقِيَامِ الْحُجَّةِ فَإِنَّ الْيَدَ حَقٌّ مَقْصُودٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِوُجُودِ التَّصَرُّفِ وَالِاسْتِعْمَالِ فِيهَا

(صَبِيٌّ يُعَبِّرُ) أَيْ يَتَكَلَّمُ وَيَعْلَمُ مَا يَقُولُ (قَالَ أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ لَهُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى أَحَدٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ عِنْدَ إنْكَارِهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَالْبَالِغِ فَإِنْ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ) وَهُوَ غَيْرُ ذِي الْيَدِ (قُضِيَ لِمَنْ مَعَهُ) يَعْنِي ذَا الْيَدِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ حَيْثُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ فَكَانَ مِلْكًا لِمَنْ فِي يَدِهِ كَالْقُمَاشِ فَإِنْ قِيلَ الْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ ضَارٌّ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ قُلْنَا الرِّقُّ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِهِ بَلْ بِدَعْوَى ذِي الْيَدِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ لِدَعْوَى الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بَقِيَ كَالْقُمَاشِ فِي يَدِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ (فَلَوْ كَبِرَ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ يُسْمَعُ) أَيْ ادِّعَاؤُهُ (بِالْبَيِّنَةِ) لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَى نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَالثَّانِي دَعْوَةُ التَّحْرِيرِ وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَالْأَوَّلُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

دَاخِلٌ فِيهَا وَالْآخَرُ خَارِجٌ مِنْهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَا جَمِيعًا فِيهَا لِأَنَّ الْيَدَ عَلَى الْعَقَارِ لَا تَثْبُتُ بِالْكَوْنِ فِيهَا وَإِنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّصَرُّفِ. اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْبَدَائِعِ كُلُّ مَوْضِعٍ قَضَى بِالْمِلْكِ لِأَحَدِهِمَا لِكَوْنِ الْمُدَّعَى فِي يَدِهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِصَاحِبِهِ إذَا طَلَبَ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ. اهـ.

(قَوْلُهُ الْحَائِطُ لِمَنْ جُذُوعُهُ عَلَيْهِ) مَبْسُوطَةٌ فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ بَرْهَنَا عَلَى يَدٍ فِي أَرْضٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْيَدَ لَا تَثْبُتُ فِي الْعَقَارِ بِالتَّصَادُقِ وَكَذَا بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ وَلَوْ نَكَلَا جَعَلَ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهَا الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا لَمْ يَقْضِ بِالْيَدِ لَهُمَا فِيهَا وَبَرِئَ كُلٌّ عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>