للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعُ بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ (عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ بَائِعِ الْوَلَدِ بِبَيْعِ أُمِّهِ لِأَنَّهُ ضَمِنَ سَلَامَتَهُ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْمَبِيعِ وَالْبَائِعُ يَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ لِأَنَّ الْغُرُورَ يَشْمَلُهَا (لَا بِالْعُقْرِ) أَيْ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ ضَامِنًا لِسَلَامَتِهِ.

(فَصْلٌ)

(الِاسْتِشْرَاءُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالِاسْتِئْجَارُ) أَيْ طَلَبُ شِرَاءِ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِهِ وَطَلَبُ هِبَتِهِ مِنْهُ وَطَلَبُ إيدَاعَهُ عِنْدَهُ وَطَلَبُ إجَارَتَهُ لَهُ (يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ) لِلطَّالِبِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا إقْرَارٌ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِلْكٌ لِذِي الْيَدِ فَيَكُونُ الطَّلَبُ بَعْدَهُ تَنَاقُضًا (وَالِاسْتِنْكَاحُ فِي الْأَمَةِ يَمْنَعُهَا) أَيْ دَعْوَى الْمِلْكَ (وَفِي الْحُرَّةِ) يَمْنَعُ (دَعْوَى النِّكَاحِ) كَذَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى (ادَّعَى) عَلَى آخَرَ (مَالًا فَقَالَ الْخَصْمُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الدَّفْعِ (أَبْرَأَنِي عَنْ دَعْوَاهُ وَبَرْهَنَ فَادَّعَى ثَانِيًا أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَقَرَّ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَلَوْ كَانَ قَالَ) أَيْ الْخَصْمُ (أَبْرَأَنِي وَقَبِلْتُهُ أَوْ قَالَ صَدَّقْتُهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ دَفْعُ الدَّفْعِ) يَعْنِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ قَبِلْتُ الْإِبْرَاءَ صَحَّ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ عَلَيْهِ لِرَدِّهِ الْإِبْرَاءَ لِأَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ قَبِلْتُ الْإِبْرَاءَ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقَبُولِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ

(ادَّعَى) رَجُلٌ (عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ) أَيْ الْآخَرُ (مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ) مَعْنَاهُ نَفْيُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ فِي الْمَاضِي عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ (فَبَرْهَنَ) أَيْ الْمُدَّعِي (عَلَى أَلْفٍ وَبَرْهَنَ الْمُنْكِرُ عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ قُبِلَ هَذَا) أَيْ صَارَ بُرْهَانُ الْمُنْكِرِ مَقْبُولًا وَقَالَ زُفَرُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَتْلُو الْوُجُوبَ وَقَدْ أَنْكَرَهُ فَكَانَ مُنَاقِضًا فِي دَعْوَاهُ وَلَنَا أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يُقْضَى وَيُبْرَأُ مِنْهُ دَفْعًا لِلْخُصُومَةِ (إلَّا أَنْ يَزِيدَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ (وَلَا أَعْرِفُك) وَمَا أَشْبَهَهُ كَقَوْلِهِ وَلَا رَأَيْتُك وَلَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَك مُخَالَطَةٌ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَلَا عَلَى الْإِبْرَاءِ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ إذْ لَا يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَقَضَاءٌ وَاقْتِضَاءٌ وَمُعَامَلَةٌ بِلَا اخْتِلَاطٍ وَمَعْرِفَةٍ (وَقِيلَ يُقْبَلُ بِهِ أَيْضًا) نَقَلَ الْقُدُورِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ أَيْضًا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْمُحْتَجِبَ أَوْ الْمُخَدَّرَةَ قَدْ يُؤْذَى بِالشَّغَبِ عَلَى بَابِهِ فَيَأْمُرُ بَعْضَ وُكَلَائِهِ بِإِرْضَائِهِ وَلَا يَعْرِفُهُ ثُمَّ يَعْرِفُهُ فَكَانَ التَّوْفِيقُ مُمْكِنًا قَالُوا وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَقِيلَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِبْرَاءِ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ بِلَا مَعْرِفَةٍ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ لِلْمُدَّعِي لَا أَعْرِفُك فَلَمَّا ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ ادَّعَى الْإِيصَالَ لَا تُسْمَعُ وَلَوْ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوُصُولِ أَوْ الْإِيصَالِ تُسْمَعُ

(قَالَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَا دَعْوَى لِي فِي التَّرِكَةِ لَا يَبْطُلُ دَعْوَاهُ) لِأَنَّ مَا ثَبَتَ شَرْعًا مِنْ حَقٍّ لَازِمٍ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ كَمَا لَوْ قَالَ لَسْتُ أَنَا ابْنًا لِأَبِي (قَالَ لَسْتُ أَنَا وَارِثَ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى إرْثَهُ وَبَيَّنَ الْجِهَةَ صَحَّ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ التَّنَاقُضَ فِي مَوْضِعِ الْخَفَاءِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى (قَالَ ذُو الْيَدِ لَيْسَ هَذَا لِي وَنَحْوُهُ) أَيْ لَيْسَ مِلْكِي أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَلَا مُنَازِعَ ثَمَّةَ ثُمَّ ادَّعَاهُ فَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ لِي صَحَّ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَمْ يُثْبِتْ حَقًّا لِأَحَدٍ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يُبْطِلُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

لِأَنَّهُ صَاحِبُ عِلَّةٍ فَيُضَافُ إلَيْهِ الْحُكْمُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ بِحُرِّيَّتِهَا أَوْ أَخْبَرَتْهُ هِيَ وَتَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْحُرِّيَّةِ حَيْثُ يَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ سَبَبٌ مَحْضٌ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَاسْتَوْلَدَهَا الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ وَلَدِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَيْضًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ سَلَامَتَهُ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْمَبِيعِ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا نَزَّلَ الْوَلَدَ مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ الْمَوْجُودِ حَالَةَ الْبَيْعِ لِيُضَمِّنَهُ بَائِعَهُ لِسَلَامَتِهِ بِطَرِيقِ اسْتِلْزَامِ سَلَامَةِ الْأُمِّ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْعَدِمٌ حَقِيقَةً وَقْتَ الْبَيْعِ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ لِحُدُوثِهِ وَالْبَائِعُ إنَّمَا يَضْمَنُ سَلَامَةَ الْمَوْجُودِ

[فَصْلٌ الِاسْتِشْرَاءُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالِاسْتِئْجَارُ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ وَالِاسْتِئْجَارُ) مَنَعَ الدَّعْوَى بِهِ إذَا لَمْ يَدَّعِ مِلْكِيَّتَهَا بِشِرَاءِ وَلِيِّهِ فِي صِغَرِهِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفِ آخِرَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ) أَيْ لِنَفْسِهِ كَوْنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إقْرَارًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ لِلْمُبَاشِرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا كَوْنُهَا إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِذِي الْيَدِ وَعَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الصُّغْرَى.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ صَحَّحَ رِوَايَةَ إفَادَةِ الْمِلْكِ فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لِلرِّوَايَتَيْنِ وَيُبْنَى عَلَى عَدَمِ إفَادَتِهِ مِلْكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَازُ دَعْوَى الْمُقِرِّ بِهَا لِغَيْرِهِ اهـ.

وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْحَاصِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُدَّعِي لَوْ صَدَرَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَبْطُلُ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ لِلتَّنَاقُضِ، وَلَوْ صَدَرَ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مِلْكِهِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مِلْكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَطَلَ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِعَدَمِ مِلْكِهِ لَا بِمِلْكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَوْ صَدَرَ عَنْهُ مَا يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَعَدَمَهُ فَالتَّرْجِيحُ بِالْقَرَائِنِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لِلشَّكِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا. . . إلَخْ) هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ إمْكَانَ التَّوْفِيقِ لَا مَنْ شَرَطَ التَّوْفِيقَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>