للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَارِثِ وَكَذَا لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ ثُمَّ غَابَ يُقْضَى بِهَا عَلَى الْوَارِثِ الْآخَرِ وَكَذَا لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى نَائِبِ الصَّغِيرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ يُقْضَى بِهَا عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ بِإِعَادَةِ الْبَيِّنَةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ

(بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى خَصْمٍ حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ لِوُجُودِ الْحُجَّةِ وَكَتَبَ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْمَدْعُوُّ سِجِلًّا، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُرَادُ بِالْخَصْمِ هُوَ الْوَكِيلُ عَنْ الْغَائِبِ أَوْ الْمُسَخَّرُ الَّذِي جَعَلَهُ وَكِيلًا لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْخَصْمِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَا اُحْتِيجَ إلَى كِتَابِ قَاضٍ آخَرَ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي قَدْ تَمَّ عَلَى الْأَوَّلِ أَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ: فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى خَصْمٍ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالذَّاتِ فِي هَذَا الْبَابِ بَلْ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ شَهِدُوا بِغَيْرِ خَصْمٍ لَمْ يُحْكَمْ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَتَرَكَ هَاهُنَا قَوْلَهُ: إلَى الْقَاضِي لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِ بَلْ بَيَّنَ فِيهِ السِّجِلَّ، وَالْمَحْضَرَ، وَالصَّكَّ، وَالْوَثِيقَةَ.

(شَهِدَا عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ حَكَمَ) أَيْ الْقَاضِي (بِهَا) أَيْ بِشَهَادَتِهِمَا (وَكَتَبَ بِهِ) أَيْ بِحُكْمِهِ (وَهُوَ السِّجِلُّ) فِي الْمُغْرِبِ السِّجِلُّ كِتَابُ الْحُكْمِ وَقَدْ سَجَّلَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِهِ فَالسِّجِلُّ كِتَابُ قَاضٍ ذَكَرَ فِيهِ حُكْمَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ أَوْ لَا الثَّانِي ظَاهِرٌ، وَالْأَوَّلُ يَكُونُ فِي صُورَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَحْكُومًا عَلَيْهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ وَهُوَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ حُكْمَهُ إلَى قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِيُحَصِّلَ حَقَّهُ يَكْتُبُهُ الْقَاضِي وَقَدْ يَكُونُ أَيْضًا سِجِلًّا لِتَضَمُّنِهِ الْحُكْمَ.

(أَوْ) شَهِدَا (عَلَى) خَصْمٍ (غَائِبٍ لَمْ يَحْكُمْ) بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَصِحُّ (وَكَتَبَ بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ (إلَى قَاضٍ) يَكُونُ الْخَصْمُ فِي وِلَايَتِهِ (لِيَحْكُمَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَهُوَ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ) سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ حُكْمُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ.

(وَكِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي نَقْلُ الشَّهَادَةِ حَقِيقَةً) لِأَنَّ مَضْمُونَهُ ذَلِكَ (وَيُقْبَلُ فِيمَا لَا يَسْقُطُ بِشُبْهَةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ الْحَدِّ، وَالْقَوَدِ لِمَا سَيَأْتِي (كَالدَّيْنِ) فَإِنَّهُ يُعْرَفُ بِالْقَدْرِ، وَالْوَصْفِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ الْإِشَارَةَ (وَالْعَقَارِ) فَإِنَّهُ يُعْرَفُ بِالتَّحْدِيدِ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْإِشَارَةِ (وَالنِّكَاحِ) بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحًا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ وَأَرَادَ كِتَابَ الْقَاضِي بِذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرَ (وَالطَّلَاقِ) بِأَنْ ادَّعَتْ طَلَاقًا عَلَى زَوْجِهَا (وَالْعَتَاقِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالنَّسَبِ) مِنْ الْحَيِّ، وَالْمَيِّتِ (وَالْمَغْصُوبِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ الْمَجْحُودَتَيْنِ، وَالشُّفْعَةِ، وَالْوَكَالَةِ، وَالْوَفَاةِ، وَالْقَتْلِ إذَا كَانَ مُوجِبُهُ الْمَالَ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْقَوَدِ (وَالْوِرَاثَةِ) فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ (وَكَالْمَنْقُولِ فِي الْمُخْتَارِ) إنَّمَا قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: لِمَا قِيلَ إنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَعْيَانِ الْمَنْقُولَةِ كَالثِّيَابِ، وَالْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ وَنَحْوِهَا لِلْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ فِيمَا يُنْقَلُ عِنْدَ الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةِ.

وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَقَالَ إنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْعَبْدِ لَا الْأَمَةِ لِأَنَّ الْإِبَاقَ يَغْلِبُ فِي الْعَبِيدِ دُونَ الْإِمَاءِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِمَا بِشَرَائِطِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي جَمِيعِ مَا يُنْقَلُ وَعَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، قَالَ الْقَاضِي الْإِسْبِيجَابِيُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْكَافِي (لَا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) أَيْ لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّ مَبْنَاهُمَا عَلَى الْإِسْقَاطِ وَفِي قَبُولِهِ سَعْيٌ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي] [بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِجَانِبِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ]

بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي

(قَوْلُهُ لَمَّا مَرَّ أَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَصِحُّ) يَعْنِي لَا يَحِلُّ أَوْ لَا يَنْفُذُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي النَّفَاذِ (قَوْلُهُ لِيَحْكُمَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ) يَعْنِي إنْ وَافَقَ مَذْهَبَهُ لِمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ يَعْنِي عَلَى الْغَائِبِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ ثُمَّ نُقِلَ إلَيْهِ نَفَّذَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ حَيْثُ لَا يُنَفِّذُ خِلَافَ مَذْهَبِهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَحْكُومٌ بِهِ فَلَزِمَهُ، وَالثَّانِي ابْتِدَاءُ حُكْمٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اهـ.

وَهَذَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ذَهَابُ الشَّاهِدِ وَإِيَابُهُ فِي يَوْمِهِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ نَقْلُ شَهَادَةٍ حَقِيقَةً) يُشِيرُ إلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يُحْكَمُ بِرَأْيِهِ وَإِنْ خَالَفَ رَأْيُهُ رَأْيَ الْكَاتِبِ بِخِلَافِ السِّجِلِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ وَيَنْقُضَ حُكْمَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلِ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا فِي الْحَادِثَةِ وَفِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْدِيلِهِمْ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِمَا بِشَرَائِطِهِ) هِيَ كَأَنْ يُكَلِّفَ الْمُدَّعِيَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ وَهُوَ الْيَوْمَ فِي يَدِ فُلَانٍ وَيُعَرِّفَ الْعَبْدَ غَايَةَ التَّعْرِيفِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>