للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي السِّجِلَّاتِ: إذَا كَتَبَ وَقَضَيْت لِمُحَمَّدٍ هَذَا الْمُدَّعِي عَلَى أَحْمَدَ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ قَالُوا إذَا كَتَبَ فِي الْمَحْضَرِ عِنْدَ ذِكْرِ شَهَادَةِ الْمَشْهُودِ وَأَشَارُوا إلَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا يُفْتَى بِصِحَّتِهِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ الْمُعْتَبَرَةَ هِيَ الْإِشَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي مَوْضِعِهَا وَلَعَلَّهُمْ أَشَارُوا إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعِي وَأَشَارُوا إلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِشَارَةِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إشَارَةً إلَى الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَلَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ بِأَبْلَغِ الْوُجُوهِ قَطْعًا لِلْوَهْمِ (وَالصَّكُّ مَا كُتِبَ فِيهِ الْبَيْعُ، وَالرَّهْنُ، وَالْإِقْرَارُ وَنَحْوُهَا) فِي الْمُغْرِبِ: الصَّكُّ كِتَابُ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ مُعَرَّبٌ، وَالْحُجَّةُ، وَالْوَثِيقَةُ تَتَنَاوَلَانِ الثَّلَاثَةَ يَعْنِي السِّجِلَّ، وَالْمَحْضَرَ، وَالصَّكَّ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْنَى الْحُجِّيَّةِ، وَالْوَثَاقَةِ.

[مَسَائِلُ شَتَّى فِي الْقَضَاء]

(مَسَائِلُ شَتَّى) جَمْعُ شَتِيتٍ بِمَعْنَى مُتَفَرِّقٍ (لَا يَتِدُ ذُو سُفْلٍ فِيهِ) أَيْ فِي السُّفْلِ (وَلَا يَنْقُبُ كُوَّةً بِلَا رِضَا ذِي الْعُلْوِ) يَعْنِي إذَا كَانَ عُلْوٌ لِرَجُلٍ وَسُفْلٌ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يَتِدَ فِيهِ وَتِدًا وَلَا أَنْ يَنْقُبَ كُوَّةً بِلَا رِضَا ذِي الْعُلْوِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَوَاءٌ كَانَ مُضِرًّا لِذِي الْعُلْوِ أَوْ لَا، وَقَالَا يَصْنَعُ فِيهِ مَا لَا يَضُرُّ بِالْعُلْوِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ إذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْعُلْوِ بَيْتًا أَوْ يَصْنَعَ جُذُوعًا أَوْ يُحْدِثَ كَنِيفًا.

(زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةً تَنْشَعِبُ عَنْهَا زَائِغَةً غَيْرَ نَافِذَةٍ لَا يَفْتَحُ أَهْلُ الْأُولَى) مِنْ حَائِطِ دَارِهِمْ (بَابًا فِي الثَّانِيَةِ) لِأَنَّ فَتْحَهُ لِلْمُرُورِ وَلَيْسَ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الزَّائِغَةِ السُّفْلَى بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِهَا لِأَنَّهَا بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا حَتَّى لَوْ بِيعَ فِيهَا دَارٌ لَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْأُولَى حَقُّ الشُّفْعَةِ فَإِذَا أَرَادَ وَاحِدٌ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ طَرِيقًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَيُحْدِثَ لِنَفْسِهِ حَقَّ الشُّفْعَةِ فِيهَا فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ النَّافِذَةِ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ فِيهَا لِلْعَامَّةِ.

(بِخِلَافِ زَائِغَةٍ مُسْتَدِيرَةً لَزِقَ طَرَفَاهَا) حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْتَحَ بَابًا فِي حَائِطِهِ فِي أَيِّ جَانِبٍ شَاءَ لِأَنَّ هَذِهِ سِكَّةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّكَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي دَارٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ فِي كُلِّهَا وَلِهَذَا لَوْ بِيعَتْ فِيهَا دَارٌ كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْكُلِّ عَلَى السَّوَاءِ فَيُفْتَحُ الْبَابُ لَا يُحْدِثُ لِنَفْسِهِ حَقًّا فَلَا يُمْنَعُ.

(ادَّعَى هِبَةً فِي وَقْتٍ فَسُئِلَ بَيِّنَةً فَبَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ بَعْدَ وَقْتِ الْهِبَةِ قُبِلَ وَقَبْلَهُ لَا) يَعْنِي ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فِي وَقْتِ كَذَا فَسَأَلَهُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ فَقَالَ: إنَّهُ جَحَدَنِي الْهِبَةَ فَاشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَادَّعَى وَقْتًا بَعْدَ وَقْتِ الْهِبَةِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ يُقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَى وَقْتًا قَبْلَ وَقْتِ الْهِبَةِ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْفِيقَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مُمْكِنٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ: وَهَبَ لِي مُنْذُ شَهْرٍ ثُمَّ جَحَدَنِي الْهِبَةَ فَاشْتَرَيْتهَا مِنْهُ مُنْذُ أُسْبُوعٍ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ فَيَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ.

(قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: اشْتَرَيْت مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ فَأَنْكَرَ) أَيْ الْآخَرُ الشِّرَاءَ (لِلْقَائِلِ) أَيْ جَازَ لِمَنْ قَالَ اشْتَرَيْت (وَطْؤُهَا) وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِإِقْرَارِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ (إنْ تَرَكَ) أَيْ الْبَائِعُ (الْخُصُومَةَ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا جَحَدَ كَانَ فَسْخًا مِنْ جِهَتِهِ إذْ الْفَسْخُ يَثْبُتُ بِهِ فَإِذَا تَرَكَ الْبَائِعُ الْخُصُومَةَ تَمَّ الْفَسْخُ بِاقْتِرَانِ الْعَمَلِ بِهِ وَهُوَ إمْسَاكُ الْجَارِيَةِ وَنَقْلُهَا.

(أَقَرَّ بِقَبْضِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي السَّتُّوقَةِ لَا) أَيْ لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ يَقَعُ عَلَى الْجِيَادِ، وَالزُّيُوفِ، وَالنَّبَهْرَجَةِ دُونَ السَّتُّوقَةِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[بَيَانِ الْمَحْضَرِ وَمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ]

مَسَائِلُ شَتَّى (قَوْلُهُ: وَقَالَا يَصْنَعُ فِيهِ مَا لَا يَضُرُّ بِالْعُلْوِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قِيلَ مَا حُكِيَ عَنْهُمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إلَّا مَا فِيهِ ضَرَرٌ مِثْلُ مَا قَالَا وَقِيلَ فِيهِ خِلَافٌ حَقِيقَةً وَلَوْ تَصَرَّفَ صَاحِبُ السُّفْلِ فِي سَاحَةِ السُّفْلِ بِأَنْ حَفَرَ بِئْرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَعِنْدَهُمَا الْحُكْمُ مَعْلُولٌ بِعِلَّةِ الضَّرَرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ لَا يَفْتَحُ أَهْلُ الْأُولَى بَابًا فِي الثَّانِيَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا يَمْنَعُونَ لِأَنَّهُ رَفْعُ جِدَارِهِمْ وَلَهُمْ نَقْضُ كُلِّهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ بِيعَ فِيهَا دَارٌ لَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْأُولَى حَقُّ الشُّفْعَةِ فِيهَا) أَيْ بِحَقِّ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ إذْ لَوْ كَانَ جَارًا مُلَاصِقًا كَانَ لَهُ بِهِ الشُّفْعَةُ

(قَوْلُهُ فَقَالَ أَنَّهُ جَحَدَنِي الْهِبَةَ) ذِكْرُ الْجُحُودِ لَيْسَ شَرْطًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَهُ أَوْ لَا فَكَانَ يَنْبَغِي حَذْفُهُ كَمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَادَّعَى وَقْتًا بَعْدَ وَقْتِ الْهِبَةِ. . . إلَخْ)

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُمَا تَارِيخًا أَوْ ذَكَرَ لِأَحَدِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُجْعَلَ الشِّرَاءُ مُتَأَخِّرًا.

(قَوْلُهُ قَالَ اشْتَرَيْت مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ. . . إلَخْ) وَلِلْقَائِلِ رَدُّهَا عَلَى بَائِعِهَا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَمَامِ الْفَسْخِ بِالتَّرَاضِي وَفِي النِّهَايَة إذَا عَزَمَ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ قَبْلَ تَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّفْصِيلُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ صُدِّقَ) عَبَّرَ بِثُمَّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَهُ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ قَبَضْت دَرَاهِمَ جِيَادًا لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الزُّيُوفَ مُطْلَقًا مَفْصُولًا أَوْ مَوْصُولًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَمَنْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجِيَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>