للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْقِيقُ التَّمْلِيكِ فِي حَقِّهِمْ، وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُحْصُوا (فَلِفُقَرَائِهِمْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةُ وَهِيَ سَدُّ الْخَلَّةِ وَرَدُّ الْجَوْعَةِ وَهَذِهِ الْأَسَامِي تُشْعِرُ بِتَحْقِيقِ الْحَاجَةِ فَجَازَ حَمْلُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ أَوْ لِأَيَامَى بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ حَيْثُ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْحَاجَةِ وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ تَمْلِيكًا فِي حَقِّ الْكُلِّ لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ الْمَانِعَةِ عَنْ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ اعْتِبَارًا لِمَعْنَى الْجَمْعِ وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فِي الْوَصَايَا كَمَا مَرَّ.

(وَبَنُو فُلَانٍ يَخْتَصُّ بِذُكُورِهِمْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ يَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلَ قَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ جَمْعَ الذُّكُورِ يَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ يَتَنَاوَلُ الذُّكُورَ خَاصَّةً لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْمِ لِلذُّكُورِ وَانْتِظَامُهُ الْإِنَاثَ تَجَوُّزٌ، وَالْكَلَامُ بِحَقِيقَتِهِ.

وَقَالَ فِي الْكَافِي وَلَوْ أَوْصَى لِبَنِي فُلَانٍ فَهُوَ عَلَى الذُّكُورِ لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ آخِرًا اعْتِبَارًا لِلْحَقِيقَةِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا.

وَقَالَ فِي الْوِقَايَةِ: وَفِي بَنِي فُلَانٍ الْأُنْثَى مِنْهُمْ أَقُولُ لَمْ يَظْهَرْ لِي سِرُّ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْوِقَايَةِ الْقَوْلَ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ الْإِمَامُ وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ (إلَّا إذَا كَانَ اسْمَ قَبِيلَةٍ أَوْ فَخْذٍ) الْفَخْذُ فِي الْعَشَائِرِ أَقَلُّ مِنْ الْبَطْنِ أَوَّلُهَا الشِّعْبُ ثُمَّ الْقَبِيلَةُ ثُمَّ الْفَصِيلَةُ ثُمَّ الْعِمَارَةُ ثُمَّ الْبَطْنُ ثُمَّ الْفَخْذُ كَذَا فِي الصِّحَاحِ (فَيَتَنَاوَلُ الْإِنَاثَ وَمَوَالِيَ الْعَتَاقَةِ، وَالْمُوَالَاةَ وَحُلَفَاءَهُمْ) إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا أَعْيَانَهُمْ بَلْ مُجَرَّدُ الِانْتِسَابِ كَبَنِي آدَمَ وَلِهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ، وَالْمُوَالَاةِ وَحُلَفَاؤُهُمْ.

(أَوْصَى لِمَوَالِيهِ مَنْ لَهُ مُعْتَقُونَ وَمُعْتَقٌ مُعْتَقُونَ بَطَلَتْ) لِأَنَّ الْمَوْلَى لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا مَوْلَى النِّعْمَةِ، وَالْآخَرُ مُنْعَمٌ عَلَيْهِ فَلَا يَنْتَظِمُهُمَا لَفْظٌ وَاحِدٌ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَوَالِيَ فُلَانٍ حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الْأَعْلَى، وَالْأَسْفَلَ لِأَنَّهُ مَقَامُ النَّفْيِ وَلَا تَنَافِي فِيهِ (إلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ فِي حَيَاتِهِ) قَالَ فِي الْكَافِي: فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ حَتَّى يَقُومَ الْبَيَانُ وَلَمْ يُوجَدْ فَبَطَلَ ضَرُورَةً (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَوَالِي (مَنْ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ) لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ إيَّاهُمْ (لَا مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ) لِأَنَّ عِتْقَهُمْ يَحْصُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْوَصِيَّةُ تُضَافُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الِاسْمِ قَبْلَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقُ لَازِمٌ فِي حَقِّهِمْ فَيُطْلَقُ اسْمُ الْمَوْلَى عَلَيْهِمْ

(بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ، وَالسُّكْنَى، وَالثَّمَرَةِ) (صَحَّ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَسُكْنَى دَارِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَأَبَدًا) لِأَنَّ الْمَنَافِعَ يَصِحُّ تَمْلِيكُهَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ بِبَدَلٍ وَبِدُونِهِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَمَاتِ لِحَاجَتِهِ كَمَا فِي الْأَعْيَانِ وَيَكُونُ مَحْبُوسًا فِي مِلْكِهِ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ حَتَّى يَتَمَلَّكَهَا الْمُوصَى لَهُ عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي كَمَا يَسْتَوْفِي الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَنَافِعَ الْوَقْفِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَيَجُوزُ مُؤَقَّتًا وَمُؤَبَّدًا كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ عَلَى أَصْلِنَا بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُ خِلَافُهُ فِيمَا يَتَمَلَّكُهُ الْمُوَرَّثُ وَهُوَ فِي عَيْنٍ تَبْقَى، وَالْمَنْفَعَةُ عَرَضٌ لَا يَبْقَى حَتَّى إنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ إذَا مَاتَ لَا تُورَثُ عَنْهُ (وَبِغَلَّتِهِمَا) أَيْ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ عَبْدٍ وَغَلَّةِ دَارٍ لِأَنَّهَا بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا (فَإِنْ خَرَجَتْ رَقَبَتُهُمَا) أَيْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ، وَالدَّارُ (سُلِكَتْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُوصَى لَهُ (لَهَا)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَكَانَ مَا بَقِيَ لِوَلَدِ وَلَدِهِ مَنْ بَعُدَ مِنْهُمْ وَمَنْ قَرُبَ بِالسَّوِيَّةِ الذَّكَرُ فِيهِ، وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ. .

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ) قَالَ فِي الْإِيضَاحِ الشَّابُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّمَطُ، وَالْكَهْلُ مِنْ ثَلَاثِينَ إلَى خَمْسِينَ سَنَةً إلَى آخِرِ عُمْرِهِ، وَالشَّيْخُ مَا زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَجَعَلَ أَبُو يُوسُفَ الشَّيْخَ، وَالْكَهْلَ سَوَاءً فِيمَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِينَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ الْغُلَامُ مَا كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَالْفَتَى مَنْ بَلَغَ خَمْسَةَ عَشَرَةَ وَفَوْقَ ذَلِكَ، وَالْكَهْلُ إذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَزَادَ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ خَمْسِينَ إلَى سِتِّينَ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّيْبُ حَتَّى يَكُونَ شَيْخًا وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْكَهْلُ ابْنُ ثَلَاثِينَ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسِينَ فَإِذَا جَاوَزَ خَمْسِينَ يَكُونُ شَيْخًا إلَى أَنْ يَمُوتَ كَذَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْعَيْنِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

(قَوْلُهُ: أَوْصَى لِمَوَالِيهِ) قَالَ فِي الْكَافِي: وَيَدْخُلُ فِيهِ مَنْ يُعْتَقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاةِ الْمُوصِي كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَاتَ قَبْلَ ضَرْبِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُوصِي مِنْ الْعَرَبِ فَأَوْصَى لِمَوَالِيهِ بِثُلُثِ مَالِهِ صَحَّتْ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تُسْتَرَقُّ وَلَا تُسْبَى فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا الْمَوْلَى الْأَسْفَلُ فَبَطَلَ الِاشْتِرَاكُ فَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَةِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>