للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- زعمه أن مراعي ديار بني سعد كانت خصبة ممتدة (١) :

إن هذا القول من بودلي ليس صحيحاً على إطلاقه، وذلك بدليل أن السنة التي قدمت فيها المرضعات البدويات إلى مكة وأخذت فيها حليمة السعدية محمداً صلى الله عليه وسلم لترضعه، كانت سنة شهباء، كما قالت حليمة السعدية (٢) أي سنة جدب وقحط، لأن الأرض تكون فيها بيضاء. وقالت كذلك: "ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد، وما أعلم أرضاً من أرض الله أجدب منها". وكان من بركات الرسول صلى الله عليه وسلم عليها ـ كما روت ـ أن أغنامها تجد ما تأكله من العشب فتشبع وتحلب كثيرا بينما أغنام الآخرين لا تجد ما تأكله، فترجع جوعى، وليس في ضرعها قطرة لبن لإنسان.

ففي هذا الخبر دليل على أن مراعي بني سعد لم تكن خصبة ممتدة كل عام كما يزعم بودلي، وبخاصة العام الذي قدم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم مسترضعاً.

ولأن بودلي وغيره من المستشرقين لا يؤمنون بالمعجزات والكرامات والبركات والخوارق (٣) ، فنراهم لا يأبهون لها ولو ثبتت بنص قرآني.


(١) الرسول، ص ٢٩.
(٢) انظر روايتها عند ابن هشام في السيرة (١/٢١٤ ـ ٢١٦) ، من حديث ابن إسحاق بإسنادٍ ضَعَّفه كثير من العلماء، ولكن له شواهد تقويه كما ذكرنا في كتابنا: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، الطبعة الأولى، ص ١١٢ ـ ١١٥.
(٣) انظر موقفه التشكيكي في المعجزات، ص ١٣ وص ١٦، من كتابه: الرسول، فهو يشكك في الإسراء والمعراج الثابت في القرآن الكريم وصحيح السنة المشرفة.

<<  <   >  >>