للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِدَارِنَا وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ (نُزِعَتْ مِنْهُ) فَلَا يَمْلِكُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِعْلَاءِ وَلِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ السَّابِقِ (وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ مِلْكَ أَحَدٍ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي دَارِنَا بِالْأُجْرَةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ نَزَعَهَا مِنْهُ مُسْلِمٌ وَأَحْيَاهَا) وَلَوْ (بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ مَلَكَهَا) إذْ لَا أَثَرَ لِفِعْلِ الذِّمِّيِّ فَإِنْ بَقِيَ لَهُ فِيهَا عَيْنٌ نَقَلَهَا وَلَا يَضُرُّ بَعْدَ نَقْلِهَا بَقَاءُ أَثَرِ عِمَارَةٍ (فَلَوْ زَرَعَهَا الذِّمِّيُّ وَزَهِدَ فِيهَا) أَيْ تَرَكَهَا تَبَرُّعًا (صَرَفَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ فِي الْمَصَالِحِ) أَيْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ تَمَلُّكُهَا) أَيْ الْغَلَّةِ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ.

(فَرْعٌ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ) الشَّامِلِ لِلْمُعَاهَدِ (الِاصْطِيَادُ وَالِاحْتِشَاشُ) وَالِاحْتِطَابُ بِدَارِنَا (وَنَقْلُ تُرَابٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ) عَلَيْنَا (مِنْ مَوَاتٍ) بِدَارِنَا لِأَنَّهَا تُخَلَّفُ وَلَا نَتَضَرَّرُ بِهَا وَلِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ الْمُسْلِمُ بِخِلَافِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْنَا وَلِأَنَّهُمَا بِالْإِحْيَاءِ يَصِيرَانِ مَالِكَيْنِ لِأَصْلِ دَارِنَا وَهُمَا لَيْسَا بِأَصْلِيَّيْنِ فِيهَا بِخِلَافِهِمَا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَهُ مَلَكَهُ (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَرْضُ الْمَوَاتُ (بِبَلَدِ الْكُفَّارِ فَلِلْكَافِرِ إحْيَاؤُهَا) لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ دَارِهِمْ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْنَا فِي إحْيَائِهَا فَمَلَكُوهَا بِهِ كَالِاصْطِيَادِ (وَكَذَا لِلْمُسْلِمِ) إحْيَاؤُهَا (إنْ لَمْ يَذِبُّوا) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا أَيْ يَدْفَعُونَا (عَنْهَا) كَمَوَاتِ دَارِنَا وَلَا يَمْلِكُهَا بِالِاسْتِيلَاءِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ حَتَّى تُمَلَّكَ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ ذَبُّوا) عَنْهَا لَمْ يَمْلِكْهَا بِالْإِحْيَاءِ كَالْمَعْمُورِ مِنْ بِلَادِهِمْ وَكَمَا لَا يَمْلِكُهَا بِالِاسْتِيلَاءِ لِمَا مَرَّ لَكِنَّهُ يَصِيرُ بِهِ أَحَقَّ كَالْمُتَحَجِّرِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) إذَا (اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا) وَهُمْ يَذِبُّونَ عَنْهَا (فَالْغَانِمُونَ أَحَقُّ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا) أَيْ بِإِحْيَائِهَا (وَأَهْلُ الْخُمُسِ بِالْخُمُسِ) أَيْ بِإِحْيَائِهِ (وَكَذَا بَعْضُ كُلٍّ) مِنْ الْغَانِمِينَ وَأَهْلِ الْخُمُسِ أَحَقُّ بِالْبَاقِي (إنْ أَعْرَضَ) عَنْهُ (بَعْضٌ) أَيْ الْبَعْضُ الْآخَرُونَ، كَرُّ حُكْمِ بَعْضِ أَهْلِ الْخُمُسِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ أَعْرَضَ كُلُّ الْغَانِمِينَ) عَنْ إحْيَاءِ مَا يَخُصُّهُمْ (فَأَهْلُ الْخُمُسِ أَحَقُّ) بِهِ لِأَنَّهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ اخْتِصَاصًا (كَالْمُتَحَجِّرِ) وَإِنْ تَرَكَ الْإِحْيَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَلَكَهُ مَنْ أَحْيَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي تَصَوُّرِ إعْرَاضِ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ أَشْكَالٌ فَيُتَصَوَّرُ فِي الْيَتَامَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُمْ لَمْ يَرَوْا لَهُمْ حَظًّا فِي الْإِحْيَاءِ، وَنَحْوُهُ فِي الْبَاقِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ مُرَادُهُ بِالْبَاقِينَ الْمَحْجُورِينَ مِنْهُمْ أَوْ أَنَّ الْإِمَامَ يَنُوبُ مَنَابَهُمْ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ فِي مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ أَوْ تُصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا كَانُوا مَحْصُورِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُرَ مُنَّهُمْ الْإِعْرَاضُ كَالْغَانِمِينَ انْتَهَى (فَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَنَا) وَهُمْ يَسْكُنُونَ بِجِزْيَةٍ (فَالْمُتَحَجِّرُ عَلَى الْمَوَاتِ أَهْلُ الْفَيْءِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَالْمَعْمُورُ مِنْهَا فَيْءٌ وَمَوَاتُهَا الَّذِي كَانُوا يَذِبُّونَ عَنْهُ مُتَحَجَّرٌ لِأَهْلِ الْفَيْءِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَيَحْبِسُهُ) أَيْ يَحْفَظُهُ (الْإِمَامُ لَهُمْ) فَلَا يَكُونُ فَيْئًا فِي الْحَالِ (أَوْ) صَالَحْنَاهُمْ (عَلَى أَنَّ الْبَلَدَ لَهُمْ فَالْمُتَحَجَّرُ فِي ذَلِكَ الْمَوَاتِ لَهُمْ) تَبَعًا لِلْمَعْمُورِ كَمَا أَنَّ تَحَجُّرَ مَوَاتِ دَارِنَا لَنَا تَبَعًا لِلْمَعْمُورِ (وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (فَنِيَ الذِّمِّيُّونَ فَكَنَائِسُهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَيْءٌ) كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي فَنُوا عَنْهَا وَلَا وَارِثَ لَهُمْ.

(فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُحْيِي وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ الْحَرِيمَ) أَيْ حَرِيمَ الْمَعْمُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إحْيَاءٌ تَبَعًا لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهِ كَمَا يَمْلِكُ عَرْصَةَ الدَّارِ بِبِنَاءِ الدَّارِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْعَرْصَةِ إحْيَاءٌ فَلَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُمَا بِالْإِحْيَاءِ (لَكِنْ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ) كَشِرْبِ الْأَرْضِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ بَيْعِ مَا يَنْقُصُ قِيمَةَ غَيْرِهِ (فَإِنْ حَفَرَا) أَيْ اثْنَانِ (بِئْرًا لِتَكُونَ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخِرِ الْحَرِيمُ) لَمْ يَجُزْ (فَالْحَرِيمُ) يَكُونُ (لِصَاحِبِ الْبِئْرِ وَلِلْآخَرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِمَا عَمِلَ.

[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْحَرِيمِ]

(فَرْعٌ) فِي بَيَانِ الْحَرِيمِ (الْحَرِيمُ مَا يَتِمُّ بِهِ الِانْتِفَاعُ) وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُ الِانْتِفَاعِ بِدُونِهِ (فَحَرِيمُ الْقَرْيَةِ مُرْتَكَضُ الْخَيْلِ) وَنَحْوِهَا (وَمَلْعَبُ الصِّبْيَانِ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالنَّادِي) وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْقَوْمِ لِلْحَدِيثِ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ مُجْتَمَعُ النَّادِي فَلَفْظُ النَّادِي يُطْلَقُ عَلَى الْمَجْلِسِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ فِيهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

حَالُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا إسْلَامِيَّةٌ أَوْ جَاهِلِيَّةٌ فَكَالْإِسْلَامِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ كُلُّ مَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً كَخَيْبَرِ وَسَوَادِ الْعِرَاقِ أَوْ صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ لَنَا وَهُمْ يَسْكُنُونَهَا بِجِزْيَةٍ وَإِنْ فُتِحَ عَلَى أَنْ تَكُونَ الرَّقَبَةُ لَهُمْ فَمَوَاتُهَا كَمَوَاتِ دَارِ الْحَرْبِ وَلَوْ غَلَبَ الْكُفَّارُ عَلَى بَلْدَةٍ يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ لَا تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِعْلَاءِ) وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَمَلُّكٍ يُنَافِيهِ كُفْرُ الْحَرْبِيِّ فَنَافَاهُ كُفْرُ الذِّمِّيِّ كَالْإِرْثِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَمِثْلُ الذِّمِّيِّ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ

[فَرْعٌ لِلذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ الِاصْطِيَادُ وَالِاحْتِشَاشُ وَالِاحْتِطَابُ بِدَارِنَا وَنَقْلُ تُرَابٍ مِنْ مَوَات]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَبُّوا عَنْهَا إلَخْ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ فِي أَرْضٍ صُولِحُوا عَلَيْهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَهُمْ أَوْ فِي أَرْضِ الْهُدْنَةِ أَمَّا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَعُمْرَانُهَا يُمْلَكُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَمَوَاتُهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ يَصِيرُ كَالْمُتَحَجَّرِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ كَمَا قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْجُرْجَانِيُّ لَكِنْ فِي الْوَسِيطِ شَرَطَ فِيهِ الْقُدْرَةَ عَلَى الْإِقَامَةِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ التَّصْوِيرِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ لَا بُدَّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا إلَخْ) لَوْ اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهَا لِجَلَائِهِمْ كَانَ الْإِمَامُ أَحَقَّ بِإِحْيَائِهِمْ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ سَبَبُهُ يَضَعُهَا الْإِمَامُ فِيمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى النَّظَرِ لَهُمْ.

(فَرْعٌ) الْأَرَاضِي الْعَامِرَةُ إذَا لَبَسَهَا رَمْلٌ أَوْ غَرَّقَهَا مَاءٌ فَصَارَتْ بَحْرًا ثُمَّ زُلِّلَ الرَّمَلُ أَوْ الْبَحْرُ فَإِنْ عُرِفَ عَلَيْهَا مِلْكُ الْإِسْلَامِ فَهِيَ كَالْعَامِرَةِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ بَاطِنِهَا يَكُونُ لِلْمَالِكِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَبَسَهَا الْوَادِي بِتُرَابٍ آخَرَ فَهِيَ بِذَلِكَ التُّرَابِ لَهُ قَالَهُ فِي الْكَافِي

[فَصْلٌ يَمْلِكُ الْمُحْيِي وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ الْحَرِيمَ]

(قَوْلُهُ: مُرْتَكَضُ الْخَيْلِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا خَيَّالَةً وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا كَانُوا خَيَّالَةً وَهُوَ بِشَبَهِ تَخْصِيصِ اقْتِنَاءِ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ بِمَنْ حِرْفَتُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَفْظُ النَّادِي يُطْلَقُ عَلَى الْمَجْلِسِ إلَخْ) لَا يُسَمَّى الْمَجْلِسُ نَادِيًا إلَّا وَالْقَوْمُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهَا أَصْحَابَ إبِلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>