للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ.

وَمَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ وَقْفِ مَا لَمْ يَرَهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ وَقْفِ الْأَعْمَى وَمَسْأَلَةُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ مُدَّةً مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهَا الرَّافِعِيُّ وَخَرَجَ بِهَا وَقْفُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ إذْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُوصَى لَهُ.

(فَإِنْ قَلَعَ) الْبِنَاءَ أَوْ الْغِرَاسَ (بَقِيَ وَقْفًا) كَمَا كَانَ إنْ نَفَعَ (فَلَوْ لَمْ يَنْفَعْ فَهَلْ يَصِيرُ) مِلْكًا (لِلْوَاقِفِ أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ شِرَاءُ عَقَارٍ، أَوْ جُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ وَهُوَ قِيَاسُ النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ وَذَكَرَ الْأَذْرَعِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ يَقْرُبُ أَنْ يُقَالَ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِنْ جِنْسِهِ مَا يُوقَفُ مَكَانَهُ (وَأَرْشُ) النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِقَلْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ (الْمَوْقُوفِ كَالْوَقْفِ) أَيْ يُسْلَكُ لَهُ مَسْلَكُهُ فَيُشْتَرَى بِهِ شَيْءٌ وَيُوقَفُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ.

(الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ قِسْمَانِ: مُعَيَّنٌ، وَغَيْرُهُ، فَالْأَوَّلُ الْمُعَيَّنُ) مِنْ شَخْصٍ أَوْ جَمَاعَةٍ (وَيُشْتَرَطُ صِحَّةُ تَمَلُّكِهِ) بِأَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ الْوَقْفِ أَهْلًا لِتَمَلُّكِ الْمَوْقُوفِ مِنْ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ - إنْ قُلْنَا بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ -، وَتَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ إنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ، وَاعْتَبَرُوا إمْكَانَ تَمْلِيكِ الْمَوْقُوفِ لَا مَنْفَعَتِهِ لِيَدْخُلَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ وَقْفُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ، وَالْمُصْحَفِ عَلَى الْكَافِرِ (فَيَصِحُّ) الْوَقْفُ (عَلَى ذِمِّيٍّ) كَالْوَصِيَّةِ لَهُ وَالتَّصَدُّقُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ كَالذِّمِّيِّ إنْ حَلَّ بِدَارِنَا مَا دَامَ فِيهَا فَإِذَا رَجَعَ صُرِفَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ (لَا) عَلَى (مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ) لِأَنَّهُمَا لَا دَوَامَ لَهُمَا، وَالْوَقْفُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَكَمَا لَا يُوقَفُ مَا لَا دَوَامَ لَهُ لَا يُوقَفُ عَلَى مَنْ لَا دَوَامَ لَهُ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَيَانِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ وَفِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ وَقْفَ مَا لَا دَوَامَ لَهُ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ بَعْدَ فَوَاتِهِ، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوَّلًا انْتَقَلَ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فَمَقْصُودُ الْوَقْفِ مِنْ الدَّوَامِ حَاصِلٌ وَلَمَّا كَانَ الِاعْتِرَاضَانِ قَوِيَّيْنِ عَلَّلَ السُّبْكِيُّ بِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْقُرْبَةِ فِيمَنْ هُوَ مَقْتُولٌ لِكُفْرِهِ (وَ) لَا عَلَى (جَنِينٍ) لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَلُّكِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِقْبَالِ، وَالْوَقْفُ تَسْلِيطٌ فِي الْحَالِ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي (وَ) لَا عَلَى (عَبْدِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَأَمَّا صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الْأَرِقَّاءِ الْمَوْقُوفِينَ عَلَى خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ وَنَحْوِهَا كَمَا سَيَأْتِي فَلِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الْجِهَةُ فَهُوَ كَالْوَقْفِ عَلَى عَلْفِ الدَّوَابِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْوَقْفِ عَلَى مُعَيَّنٍ (وَلَا) عَلَى (عَبْدِ غَيْرِهِ إنْ قَصَدَهُ) لِمَا مَرَّ (وَإِنْ أَطْلَقَ صَحَّ) الْوَقْفُ (وَوَقَعَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ اسْتَقَلَّ) هُوَ (بِالْقَبُولِ) عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ كَمَا فِي الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ الْآتِيَ فِي الْبَهِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَهُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلٍ، أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً وَصَدَرَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَكَالْحُرِّ، أَوْ يَوْمَ نَوْبَةِ سَيِّدِهِ فَكَالْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُهَايَأَةً وُزِّعَ عَلَى الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ ابْنِ خَيْرَانَ صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَوْ أَرَادَ مَالِكُ الْبَعْضِ أَنْ يَقِفَ نِصْفَهُ الرَّقِيقَ عَلَى نِصْفِهِ الْحُرِّ فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِنِصْفِهِ الْحُرِّ.

(فَرْعٌ لَوْ وَقَفَ عَلَى مُكَاتَبِ غَيْرِهِ صَحَّ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ (فَإِنْ عَجَزَ بَانَ) الْوَقْفُ (مُنْقَطِعَ الِابْتِدَاءِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ (وَإِنْ عَتَقَ) الْمُكَاتَبُ (وَقَدْ قَيَّدَهُ) أَيْ الْوَقْفَ عَلَيْهِ (بِمُدَّةِ الْكِتَابَةِ بَانَ مُنْقَطِعَ الِانْتِهَاءِ) فَيَبْطُلُ اسْتِحْقَاقُهُ وَيَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى مَنْ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ بَلْ أَطْلَقَهُ دَامَ اسْتِحْقَاقُهُ وَفِي مَعْنَى التَّقْيِيدِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِمُكَاتَبِ فُلَانٍ وَمَا ذَكَرَ مِنْ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ) وَالْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ كَالصَّحِيحَةِ وَإِجَارَةُ الْمَقْطَعِ كَغَيْرِهِ، وَذِكْرُ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِثَالٌ فَإِنَّ الْمُسْتَعَارَةَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهَا كَذَلِكَ وَتَصْوِيرُ الْمُصَنِّفِ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُسْتَأْجَرَةِ يُفْهِمُ تَصْوِيرَهَا فِي الْمَوْضُوعَةِ بِحَقٍّ أَمَّا لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ، ثُمَّ وَقَفَهُ لَمْ يَصِحَّ فَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ صَرْفَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: تَكَلَّمَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي عَصْرِنَا فِيهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ، وَوَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ أُجْرَةِ الْقَرَارِ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فَإِذَا شَرَطَ صَرْفَ الْأُجْرَةِ مِنْ رِيعِهِ فَقَدْ شَرَطَ مَا يُوَافِقُ مُقْتَضَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ الَّتِي قَالَهَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ غَيْرُ الصُّورَةِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ بَلْ تِلْكَ فِي إجَارَةٍ اسْتَأْجَرَهَا الْوَاقِفُ قَبْلَ الْوَقْفِ فَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ ذِمَّتَهُ، وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْأُسْتَاذِ وَبَحْثُ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا بَقِيَ الْمُوقَفُ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، فش وَقَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالصَّحِيحُ غَيْرُهُمَا إلَخْ) كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الشِّرَاءُ الْمَذْكُورُ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْغَزِّيِّ: إنَّهُ الْأَقْوَى وَجَزَمَ الدَّمِيرِيِّ بِأَنَّهُمَا كَالْحَرْبِيِّ وَلَوْ لَحِقَ الذِّمِّيُّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مَاذَا يُفْعَلُ بِغَلَّةِ الْمَوْقُوفِ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ مُنْقَطِعِ الْآخِرِ، وَالْوَسَطِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَيَانِ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ) مِثْلُهُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ الَّذِي تَحَتَّمَ قَتْلُهُ وَمَنْ اُسْتُحِقَّ قَتْلُهُ بِتَرْكِهِ لِلصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْتُولٌ) وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا مُسْلِمٌ يُتَقَرَّبُ بِإِطْعَامِهِ إلَى أَنْ يَقْتُلَ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَحَاصِلُهُ اعْتِبَارُ وَصْفِ كَوْنِهِ بِحَيْثُ يُتَقَرَّبُ بِالْوَقْفِ عَلَيْهِ أث (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى جَنِينٍ) وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِغَيْرِهِ كَمَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَهُ وَلَدٌ مُجْتَنٌّ نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ دَخَلَ مَعَهُمْ قَطْعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ قَدْ سَمَّى الْمَوْجُودِينَ أَوْ ذَكَرَ عَدَدَهُمْ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَقَلَّ هُوَ بِالْقَبُولِ) شَمِلَ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ مُهَايَأَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى مُكَاتَبِ غَيْرِهِ]

(قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>