للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ وَلِأَنَّ اغْتِنَاءَهُمْ بِمَالِ أَبِيهِمْ إذَا مَنَعَ اسْتِحْقَاقَهُمْ فَاغْتِنَاؤُهُمْ بِمَالِهِمْ أَوْلَى بِمَنْعِهِمْ (وَيَعُمُّهُمْ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا لِلْآيَةِ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ كَمَا سَيَأْتِي السَّهْمُ (الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ لِلْمَسَاكِينِ) الشَّامِلِينَ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي (وَابْنِ السَّبِيلِ) لِلْآيَةِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمْ وَيُشْتَرَطُ فِي ابْنِ السَّبِيلِ الْفَقْرُ صَرَّحَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ لِلْمَسَاكِينِ بَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَسَهْمِهِمْ مِنْ الْخُمُسِ وَحَقِّهِمْ مِنْ الْكَفَّارَاتِ فَيَصِيرُ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ قَالَ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ يُتْمٌ وَمَسْكَنَةٌ أُعْطَى بِالْيُتْمِ دُونَ الْمَسْكَنَةِ؛ لِأَنَّ الْيُتْمَ وَصْفٌ لَازِمٌ وَالْمَسْكَنَةَ زَائِلَةٌ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَازِي مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى لَا يَأْخُذُ بِالْغَزْوِ بَلْ بِالْقَرَابَةِ فَقَطْ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِمَا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَزْوِ وَالْمَسْكَنَةِ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْغَزْوِ لِحَاجَتِنَا وَبِالْمَسْكَنَةِ لِحَاجَةِ صَاحِبِهَا (وَيُعَمَّمُونَ) بِالْعَطَاءِ وُجُوبًا (كَمَا فِي) ذَوِي (الْقُرْبَى) وَلِلْآيَةِ (لَكِنْ يُفَاضَلُ بَيْنَ أَفْرَادِهِمْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَالْيَتَامَى) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ بِالْحَاجَةِ وَهِيَ تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ ذَوِي الْقُرْبَى فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ بِالْقَرَابَةِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُعْطَى كَافِرٌ) كَمَا فِي الزَّكَاةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إلَّا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ

(فَرْعٌ يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ هُنَا فِي اسْمِ الْمَسَاكِينِ) كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

(فَرْعٌ مَنْ فُقِدَ مِنْ الْأَصْنَافِ أُعْطِيَ الْبَاقُونَ نَصِيبَهُ) كَمَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا سَهْمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ لِلْمَصَالِحِ كَمَا مَرَّ (وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْمَسْكَنَةِ وَالسَّفَرِ) بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ (لَا) مُدَّعِي (الْيُتْمِ وَ) لَا مُدَّعِي (الْقَرَابَةِ) فَلَا يُصَدَّقَانِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ

(فَصْلٌ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ فَهِيَ لِلْمُرْتَزِقَةِ) لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ بِهِ وَلِأَنَّهَا كَانَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَيَأْتِي لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِ وَالْمُقَاتِلُونَ بَعْدَهُ هُمْ الْمُرْصَدُونَ لَهَا كَمَا قَالَ (وَهُمْ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ وَكَانَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ مَضْمُومَةً إلَى خُمُسِ الْخُمُسِ فَجُمْلَةُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْفَيْءِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا سَهْمٌ مِنْهَا لِلْمَصَالِحِ كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ وَإِنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ خُمُسَ الْخُمُسِ كَمَا مَرَّ وَكَمَا سَيَأْتِي فِي الْخَصَائِصِ، وَخَرَجَ بِالْمُرْتَزِقَةِ الْمُتَطَوِّعَةُ الَّذِينَ يَغْزُونَ إذَا نَشِطُوا فَإِنَّمَا يُعْطُونَ مِنْ الزَّكَاةِ لَا مِنْ الْفَيْءِ عَكْسَ الْمُرْتَزِقَةِ (فَيَضَعُ) الْإِمَامُ نَدْبًا (لِأَسْمَائِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ دِيوَانًا) بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ الدَّفْتَرِ وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(وَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ قَوْمٍ) مِنْ قَبِيلَةٍ أَوْ عَدَدٍ يَرَاهُ الْإِمَامُ (عَرِيفٌ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ نَصْبُهُ لِيَعْرِضَ عَلَيْهِ أَحْوَالَهُمْ وَيَجْمَعَهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ كُلُّ ذَلِكَ لِلتَّسْهِيلِ، وَزَادَ الْإِمَامُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ وَيَنْصِبُ الْإِمَامُ صَاحِبَ جَيْشٍ وَهُوَ يَنْصِبُ النُّقَبَاءَ وَكُلُّ نَقِيبٍ يَنْصِبُ الْعُرَفَاءَ وَكُلُّ عَرِيفٍ يُحِيطُ بِأَسْمَاءِ الْمَخْصُوصِينَ بِهِ فَيَدْعُو الْإِمَامُ صَاحِبَ الْجَيْشِ وَهُوَ يَدْعُو النُّقَبَاءَ وَكُلُّ نَقِيبٍ يَدْعُو الْعُرَفَاءَ الَّذِينَ تَحْت رَايَتِهِ وَكُلُّ عَرِيفٍ يَدْعُو مَنْ تَحْتَ رَايَتِهِ.

(وَيُعْطِي كُلًّا) مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا (قَدْرَ حَاجَتِهِ وَحَاجَةَ مَنْ يُمَوِّنُهُ) وُجُوبًا (مِنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَكِبَارٍ وَزَوْجَاتٍ وَعَبِيدِ خِدْمَةٍ لِمُعْتَادٍ) بِهَا (إنْ لَمْ يَكْتَفِ بِوَاحِدٍ أَوْ عَبِيدٍ لِحَاجَةِ الْغَزْوِ أَوْ الْجِهَادِ لَا غَيْرِهِمَا) أَوْ لَا عَبِيدَ زِينَةٍ وَتِجَارَةٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ جَدِيدَةً زِيدَ فِي الْعَطَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ أَمَّا إذَا اكْتَفَى بِعَبْدٍ وَاحِدٍ لِلْخِدْمَةِ فَلَا يُعْطَى لِأَكْثَرَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْأَوْلَادِ يُعْطَى لِحَاجَتِهِمْ وَإِنْ كَثُرُوا إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي لُزُومِ نَفَقَتِهِمْ وَبِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ لِانْحِصَارِهِنَّ فِي أَرْبَعٍ بِخِلَافِ الْعَبِيدِ وَقَوْلُهُ (مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ) أَيْ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ مُتَعَلِّقٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (وَيُرَاعِي فِي مُرُوءَتِهِ) وَضِدِّهَا وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (وَعَادَةِ الْبَلَدِ فِي الْمَطْعُومِ وَمَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَلِأَنَّ اغْتِنَاءَهُمْ بِمَالِ أَبِيهِمْ إلَخْ) فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمَكْفِيَّ مِنْهُمْ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ لَا يُعْطَى (قَوْلُهُ أُعْطَى بِالْيُتْمِ دُونَ الْمَسْكَنَةِ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى لَا مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إلَّا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ) وَاضْطَرَبَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِيهِ فَقَالَا هُنَا لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ لِلْكَافِرِ وَفِي اللَّقِيطِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي الْأَصَحِّ وَفِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الذِّمِّيُّ بِمَالِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُسْلِمِينَ وَلَا نَظَرَ لِإِنْفَاقِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ عِنْدِ الْحَاجَة؛ لِأَنَّهُ لِلضَّرُورَةِ وَبِشَرْطِ الضَّمَانِ وَلَا لِارْتِفَاقِهِ بِالْقَنَاطِرِ وَالرُّبُطِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ (قَوْلُهُ لَا مُدَّعِي الْيُتْمَ) إذْ يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ يُتْمِهِ وَهُوَ كَالْمُتَعَذِّرِ فِي اللَّقِيطِ فَإِنْ ثَبَتَ يُتْمُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ

[فَصْلٌ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةُ فِي الْفَيْء لِلْمُرْتَزِقَةِ]

(قَوْلُهُ فَيَضَعُ لِأَسْمَائِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ دِيوَانًا) وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ لِئَلَّا تُشْتَبَهَ الْأَحْوَالُ وَيَقَعُ الْخَبْطُ وَالْغَلَطُ قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَيَفْتَقِرُ الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَضَعَ دِيوَانًا غ وَهُوَ وَاجِبٌ كَمَا أَفْهَمَ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِئَلَّا يَقَعَ فِي الْغَلَطِ ع وَلَكِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ الْإِمَامُ دَفْتَرًا (قَوْلُهُ وَزَوْجَاتٌ وَلَوْ لِتَمَامِ أَرْبَعٍ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَالزَّوْجَاتِ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَمَّا أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ فَلَا تُعْطَى إلَّا وَاحِدَةً مِنْهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ غَيْرَ مَحْصُورَاتٍ بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ وَالْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ. اهـ.

وَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تَنْكِحَ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا تُعْطَى إلَى الْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ التَّزَوُّجِ مَعَ رَغْبَةِ الْأَكْفَاءِ فِيهَا أَنَّهَا تُعْطَى وَفِيهِ نَظَرٌ وَتُعْطَى الْأَوْلَادُ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا جَعْلُهُ الْغَايَةَ الِاسْتِقْلَالَ أَحْسَنُ مِنْ جَعْلِ الْمُحَرَّرِ الْبُلُوغَ فَقَدْ يَسْتَقِلُّونَ بِكَسْبٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ إلَّا أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُحَرَّرِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا اشْتِرَاطَ كَوْنِ نَفَقَتِهِمْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكِفَايَةِ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَعَبِيدِ خِدْمَةٍ إلَخْ) فِي الْحَاوِي يُعْطَى لِعَبِيدِهِ وَخَيْلِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قَدْرَ الْحَاجَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>