للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَنْعُ لِفَسَادِ ظَاهِرِ الْإِذْنِ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ كَمَا اخْتَارَهُ الْبَغَوِيّ وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَفْوِيضِ الْوَلِيِّ لِلْقَاضِي وَهُوَ غَيْرُ مَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ يُزَوِّجُهُ بِهَذَا الْإِذْنِ قُلْت بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ بِهَذَا الْإِذْنِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إذْنِهَا ثَانِيًا، وَقَوْلُهَا: زَوِّجْنِي مِنْ نَفْسِك لَمْ يُعْمَلْ بِظَاهِرِهِ حَتَّى يَكُونَ فَاسِدًا بَلْ بِمَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ فَوِّضْ إلَيَّ مَنْ يُزَوِّجُك إيَّايَ وَهَذَا لَيْسَ بِإِذْنٍ مِنْهَا ثَانِيًا حَتَّى يَكُونَ مُغَايِرًا لِقَوْلِهِ بِهَذَا الْإِذْنِ (لَا إنْ قَالَتْ) لَهُ (زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت) أَوْ زَوِّجْنِي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُهُ بِهَا بِهَذَا الْإِذْنِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ التَّزْوِيجُ بِأَجْنَبِيٍّ

(الطَّرَفُ الْخَامِسُ) فِي التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ (لِلْمُجْبِرِ) وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ فِي الْبِكْرِ (التَّوْكِيلُ) فِيهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ مُوَلِّيَتِهِ كَمَا يُزَوِّجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا (وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) الْمُجْبِرُ فِي تَوْكِيلِهِ (الزَّوْجَ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّعْيِينَ فِي التَّوْكِيلِ فَيَمْلِكُ الْإِطْلَاقَ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَشَفَقَتُهُ تَدْعُوهُ إلَى أَنْ لَا يُوَكِّلَ إلَّا مَنْ يَثِقُ بِحُسْنِ نَظَرِهِ وَاخْتِيَارِهِ (وَعَلَى الْوَكِيلِ) إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجَ (رِعَايَةُ النَّظَرِ) وَالِاحْتِيَاطُ (لَهَا فَلَوْ زَوَّجَ بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِأَدْنَى الْخَاطِبَيْنِ) الْكُفْأَيْنِ (شَرَفًا لَمْ يَصِحَّ) التَّزْوِيجُ لِمُخَالَفَتِهِ الِاحْتِيَاطَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ (وَلِغَيْرِ الْمُجْبِرِ) بِأَنْ كَانَ غَيْرَ أَبٍ وَجَدٍّ مُطْلَقًا أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الثَّيِّبِ (التَّوْكِيلُ) أَيْضًا لَكِنْ (بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ) مِنْهَا (فِي النِّكَاحِ وَالتَّوْكِيلِ أَوْ فِي التَّوْكِيلِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ النِّكَاحِ (وَكَذَا فِي النِّكَاحِ وَحْدَهُ) أَيْ دُونَ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بِالْوِلَايَةِ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ إذْنٍ كَالْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ هَذَا (إنْ لَمْ يَنْتَهِ) عَنْ التَّوْكِيلِ فَإِنْ نَهَتْهُ عَنْهُ لَمْ يُوَكِّلْ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُزَوَّجُ بِالْإِذْنِ وَلَمْ تَأْذَنْ فِي تَزْوِيجِ الْوَكِيلِ بَلْ نَهَتْ عَنْهُ أَمَّا تَوْكِيلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهَا لَهُ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّزْوِيجَ بِنَفْسِهِ.

(وَلَوْ أَذِنَتْ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فَزَوَّجَ) بِنَفْسِهِ (جَازَ) إذْ يَبْعُدُ مَنْعُهُ مِمَّا لَهُ التَّوْكِيلُ فِيهِ (وَتَعْيِينُ الزَّوْجِ فِي إذْنِهَا) لِلْوَلِيِّ فِي نِكَاحِهَا أَوْ فِي التَّوْكِيلِ بِهِ (لَا يُشْتَرَطُ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ فِي تَوْكِيلِ الْمُجْبِرِ (فَيُزَوِّجُهَا) الْوَلِيُّ أَوْ الْوَكِيلُ (بِكُفْءٍ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (فَلَوْ قَالَتْ) لِوَلِيِّهَا (زَوِّجْنِي مَنْ شِئْتَ فَزَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ جَازَ) كَمَا لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت كُفُؤًا أَوْ غَيْرَهُ (وَإِذَا أَذِنَتْ لَهُ) أَيْ لِوَلِيِّهَا (مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَوْجٍ (فَلَهُ التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا) كَذَلِكَ (فَإِنْ عَيَّنَتْهُ) فِي إذْنِهَا لَهُ (وَجَبَ تَعْيِينُهُ لِلْوَكِيلِ) فِي التَّوْكِيلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي التَّوْكِيلِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ (وَلَوْ زَوَّجَ) هَا (الْمُعَيَّنُ) ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُطْلَقَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ فَاسِدٌ وَهَذَا.

(كَمَا لَوْ قَالَ وَلِيُّ الطِّفْلِ) لِلْوَكِيلِ بِعْ (مَالَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَبَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ) لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ صِيغَةِ التَّفْوِيضِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تُفَرِّقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذْنٌ صَرِيحٌ فِي الْبَيْعِ الْمُمْتَنِعِ شَرْعًا، وَقَوْلَهُ وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا لَا تَصْرِيحَ فِيهِ بِالنِّكَاحِ الْمُمْتَنِعِ وَإِنَّمَا هُوَ لَفْظٌ مُطْلَقٌ، وَكَمَا يَتَقَيَّدُ بِالْكُفْءِ جَازَ أَنْ يَتَقَيَّدَ بِالْكُفْءِ الْمُعَيَّنِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْكُفْءِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ اطِّرَادِ الْعُرْفِ الْعَامِّ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْعُقُودِ بِخِلَافِ التَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَوْ تَقَيَّدَ بِهِ لَكَانَ يَقْرَبُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْعُرْفِ الْخَاصِّ وَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَبَيْعُ الْحِصْرِمِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِي بَلْدَةٍ عَادَتُهُمْ فِيهَا قَطْعُهُ حِصْرِمًا وَنَظَائِرُهُ

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَتْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك فَسَدَ الْإِذْنُ) لِأَنَّهَا مَنَعَتْ الْوَلِيَّ وَجَعَلَتْ التَّفْوِيضَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ الْإِذْنَ لِلْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءً

(فَرْعٌ لَوْ أَمَرَ الْحَاكِمُ قَبْلَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ) الْمَرْأَةُ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا غَيْرُهُ (رَجُلًا) بِتَزْوِيجِهَا (فَزَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا جَازَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِنَابَةَ الْحَاكِمِ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ شَهَادَةٍ تَجْرِي مَجْرَى الِاسْتِخْلَافِ

[فَصْلٌ بَيَانِ لَفْظِ الْوَكِيلِ وَلَفْظِ الْوَلِيِّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ]

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ لَفْظِ الْوَكِيلِ وَلَفْظِ الْوَلِيِّ مَعَ وَكِيلِ الزَّوْجِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ (وَلْيَقُلْ الْوَكِيلُ) أَيْ وَكِيلُ الْوَلِيِّ لِلزَّوْجِ (زَوَّجْتُك فُلَانَةَ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِنْتَ فُلَانٍ وَكُلٌّ صَحِيحٌ عِنْدَ تَمَيُّزِهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَ) لِيَقُلْ (الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ (زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا فَيَقُولُ) الْوَكِيلُ (قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ وَمَتَى تَرَكَ) لَفْظَةَ لَهُ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ كَمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا وَمَعَ ذَلِكَ فَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِمَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى إذَا عَلِمَ الشُّهُودُ وَالزَّوْجُ الْوَكَالَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ إذَا عَلِمَهَا الشُّهُودُ وَالْوَلِيُّ وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ الْوَكِيلُ إلَى التَّصْرِيحِ فِيهِمَا بِهَا (فَإِنْ قَالَ) الْوَلِيُّ (لِلْوَكِيلِ) أَيْ وَكِيلُ الزَّوْجِ (زَوَّجْتُك بِنْتِي فَقَالَ قَبِلْت نِكَاحَهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ لِلْمُجْبِرِ فِي الْبِكْرِ]

مَبْحَثٌ الطَّرَفُ الْخَامِسُ) (قَوْلُهُ لِلْمُجْبِرِ التَّوْكِيلُ بِلَا إذْنٍ) لَوْ وَكَّلَ الْمُجْبِرُ رَجُلًا ثُمَّ زَالَتْ الْبَكَارَةُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَوْ لَا وَلَكِنْ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِالْإِذْنِ فِيهِ نَظَرٌ ر لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي تَزْوِيجِهَا فَإِذَا مَضَتْ سَنَةٌ فَزَوَّجَهَا صَحَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجَ) يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ عَالِمًا بِمَوَاضِعِ الْمَصْلَحَةِ عَارِفًا بِالْكَفَاءَةِ فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ امْتَنَعَ قَطْعًا ر (قَوْلُهُ أَوْ بِأَدْنَى الْخَاطِبِينَ إلَخْ) بِخِلَافِ الْوَلِيِّ فَإِنَّهُ لَوْ خَطَبَهَا إلَيْهِ كُفْءٌ مُمَاثِلٌ وَكُفْءٌ أَشْرَفُ مِنْهُ جَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ الْمُمَاثِلِ وَمِثْلُهُ لَوْ خَطَبَهَا كُفْءٌ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَخَطَبَهَا كُفْءٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَزَوَّجَهَا الْوَلِيُّ لِلْآخَرِ جَازَ (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ لِفَسَادِ صِيغَةِ التَّفْوِيضِ) وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَكَالَةَ الْفَاسِدَةَ لَا يَصِحُّ بِهَا عَقْدُ النِّكَاحِ وَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْفَرْقُ وُجُوبُ الِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَلِطَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي قَوْلِهِ أَنَّ الْوَكَالَةَ الْفَاسِدَةَ يَسْتَفِيدُ بِهَا عَقْدَ النِّكَاحِ كَالْبَيْعِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ ت ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ

[فَرْعٌ قَالَتْ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك]

(قَوْلُهُ قَالَتْ لَهُ أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي وَلَا تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك إلَخْ) مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ جَعَلْت إلَيْك أَنْ تُوَكِّلَ عَنْ نَفْسِك فِي بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَلَا تَبِعْهَا بِنَفْسِك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ غَيْرَهُ ر ت

<<  <  ج: ص:  >  >>