للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الذِّمِّيَّةَ أَسْلَمَتْ وَأَنْكَرَتْ وَصَارَتْ مُرْتَدَّةً بِإِنْكَارِهَا وَحَرُمَتْ وَأَنَّ الْمُسْلِمَةَ ارْتَدَّتْ وَحَرُمَتْ أَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَيُوقَفُ النِّكَاحُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ تَصْوِيرُ ذَلِكَ مِمَّنْ تَحْتَهُ الزَّوْجَتَانِ وَهُوَ الَّذِي فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ مُسْلِمَةٌ وَذِمِّيَّةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِهِمَا فَقَالَ لِلْمُسْلِمَةِ ارْتَدَدْت وَقَالَ لِلذِّمِّيَّةِ أَسْلَمْت فَأَنْكَرَتَا ارْتَفَعَ نِكَاحُهُمَا لِزَعْمِهِ

(كِتَابُ الصَّدَاقِ) هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَا وَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَرَضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ يُقَالُ فِيهِ صَدَقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَثْلِيثِ ثَانِيهِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ فَتْحِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ فِيهِمَا وَبِضَمِّهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِ الْمَهْرِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ وَنِحْلَةٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَفَرِيضَةٌ وَأَجْرٌ وَطَوْلٌ وَعُقْرٌ وَعَلِيقَةٌ وَعَطِيَّةٌ وَحِبَاءُ وَنِكَاحٌ قَالَ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: ٣٣] وَقِيلَ الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِتَسْمِيَةٍ فِي الْعَقْدِ وَالْمَهْرُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ

وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] وَقَوْلُهُ {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: ٢٥] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ بِهِ) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخْلُ نِكَاحٌ عَنْهُ وَلِئَلَّا يُشْبِهَ نِكَاحَ الْوَاهِبَةِ نَفْسَهَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَعُلِمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ الْعَقْدِ بِهِ جَوَازُ إخْلَاءِ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ نَعَمْ قَدْ يَجِبُ ذِكْرُهُ لِعَارِضٍ بِأَنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ غَيْرَ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ أَوْ مِلْكًا لِغَيْرِ جَائِزِهِ أَوْ كَانَتْ جَائِزَتَهُ وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَمْ تُفَوِّضْ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ فِي هَذِهِ عَلَى أَقَلِّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ وَفِيمَا عَدَاهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ (و) يُسْتَحَبُّ (أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَ) أَنْ (لَا يَزِيدَ عَلَى خَمْسمِائَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ كَصَدَقَةِ بَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَوْجَاتِهِ.

وَأَمَّا إصْدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ فَكَانَ مِنْ النَّجَاشِيِّ إكْرَامًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ (فَإِنْ عَقَدَ بِأَدْنَى مُتَمَوَّلٍ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِخَبَرِ «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» (وَإِلَّا) بِأَنْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ (فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعِوَضِيَّةِ وَمَثَّلَهُ الصَّيْمَرِيُّ بِالنَّوَاةِ وَالْحَصَاةِ وَقِشْرَةِ الْبَصَلَةِ وَقَمْعِ الْبَاذِنْجَانَةِ (وَفِيهِ) أَيْ كِتَابِ الصَّدَاقِ (سِتَّةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْهُ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ) لَهُ (فَالزَّوْجُ يَضْمَنُ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ) قَبْلَ قَبْضِهِ (ضَمَانَ الْعَقْدِ لَا) ضَمَانَ (الْيَدِ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ فَكَانَ كَالْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهُ) وَلَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُمْتَنِعَةِ ثَمَّ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِمَا ذُكِرَ وَلَوْ قُلْنَا أَنَّهُ مَضْمُونٌ ضَمَانَ يَدٍ جَازَ ذَلِكَ كَالْمُعَارِ وَالْمُسْتَامِ.

(وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِآفَةٍ انْفَسَخَ) عَقْدُ الصَّدَاقِ (وَلَوْ عَرَضَهُ عَلَيْهَا) فَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبْضِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ (وَيَعُودُ) أَيْ يُقَدَّرُ عَوْدُهُ (إلَى مِلْكِهِ قُبَيْلَ التَّلَفِ) حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدٌ أَلْزَمَهُ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ (وَيَجِبُ) لَهَا عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[كِتَابُ الصَّدَاقِ] [الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَحْكَامِ الصَّحِيحِ مِنْ الصَّدَاقِ] [الْحُكْمِ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ لِلصَّدَاقِ]

ِ) (قَوْلُهُ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَهْرٌ إلَخْ) لَهُ ثَمَانِيَةُ أَسْمَاءٍ مَجْمُوعَةٍ فِي بَيْتِ:

صَدَاقٌ وَمَهْرٌ نَحْلَةٌ وَفَرِيضَةٌ ... حِبَاءٌ وَأَجْرٌ ثُمَّ عَقْدُ عَلَائِقَ

(قَوْلُهُ وَنِحْلَةٌ) النِّحْلَةُ الْهِبَةُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَمْتِعُ بِالزَّوْجِ كَاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَكَأَنَّهَا تَأْخُذُ الصَّدَاقَ مِنْ غَيْرِ مُقَابِلٍ وَقِيلَ نِحْلَةٌ أَيْ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ وَقِيلَ تَدَيُّنًا مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يَنْتَحِلَ بِكَذَا أَيْ يَتَدَيَّنَ (قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ بِهِ) نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَرَاهَةُ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَدَلِيلُ جَوَازِ إخْلَائِهِ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: ٢٣٦] أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْمُسَمَّى أَوْ الْفَرْضَ الْمُسْتَلْزِمَ لِعَدَمِ كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ) إنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَعْظَمَ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوَاحِقُهُ وَذَلِكَ يَقُومُ بِالزَّوْجَيْنِ فَهُمَا الرُّكْنُ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ) كَذَا فِي الْمَطْلَبِ وَالْكِفَايَةِ وَفِي نُسَخِ الْعَزِيزِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفِي بَعْضِ نُسْخَةِ الرَّوْضَةِ أَنَّ الْجَدِيدَ الِاسْتِحْبَابُ أَيْ كَمَا يُسْتَحَبُّ لِسَلِسِ الْبَوْلِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ يَنْوِيَا رَفْعَ الْحَدَثِ مَعَ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا) لَا يَجُوزُ جَعْلُ رَقَبَةِ الْعَبْدِ صَدَاقًا لِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ الْمُبَعَّضَةِ أَوْ الْمُكَاتَبَةِ بَلْ يَبْطُلُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ قَارَنَهُ مَا يُضَادُّهُ وَلَا أَحَد أَبَوَيْ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْمَجْنُونَةِ أَوْ السَّفِيهَةِ صَدَاقًا لَهَا وَلَا جَعْلُ الْأَبِ أُمَّ ابْنِهِ صَدَاقًا لِابْنِهِ بَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ مِثْلٍ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ هَذِهِ الصُّوَرَ مِنْ قَوْلِهِمْ مَا صَحَّ مَبِيعًا صَحَّ صَدَاقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ يَجُوزُ جَعْلُهُ صَدَاقًا وَالْقَصْدُ بَيَانُ مَا يَصِحُّ إصْدَاقُهُ وَلَمْ يَقُولُوا مَنْ جَازَ الْبَيْعُ مِنْهُ جَازَ الْإِصْدَاقُ مِنْهُ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ وَلَوْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ لَوَرَدَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ عَقَدَ بِمَا لَا يُتَمَوَّلُ لِقِلَّتِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ إلَخْ) لَوْ مَلَكَ جَارِيَةً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا صَدَاقَ حُرَّةٍ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا وَهُوَ يَخْشَى الْعَنَتَ فَتَزَوَّجَ أَمَةً وَجَعَلَ بُضْعَ أَمَتِهِ صَدَاقًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا صَدَاقٌ وَإِنْ كَانَ سَيِّدُ الْأَمَةِ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْبُضْعَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالْجَارِيَةُ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ مَالًا وَالْبُضْعُ لَيْسَ بِمَالٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ نَقْلَ حَقِّهِ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْإِجَارَةِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.

(قَوْلُهُ فَالزَّوْجُ يَضْمَنُ الصَّدَاقَ الْمُعَيَّنَ ضَمَانَ الْعَقْدِ) فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ (فَرْعٌ) لَوْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى صَدَاقٍ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ بَلْ عَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ صَحَّ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ بِآفَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِتْلَافٍ غَيْرِ مُضَمَّنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>