للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ) الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ (إنْ أَخَذْت مَا لَكَ عَلَيَّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ بِتَلَصُّصٍ أَوْ انْتَزَعَهُ) مِنْهُ (مُكْرَهًا) وَكَانَ الْمَالُ مُعَيَّنًا فِي الْجَمِيعِ أَوْ دَيْنًا وَرَضِيَ الْمَدِينُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَمِثْلُهَا الثَّالِثَةُ (طَلُقَتْ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ (لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ) فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ نَعَمْ إنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي آخِرِ السَّلَمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (وَلَوْ أَخَذَهُ) مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَوْ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ (السُّلْطَانُ وَأَعْطَاهُ) لِلدَّائِنِ (أَوْ غَرِمَهُ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْمَدِينِ (لَمْ تَطْلُقْ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ امْتِنَاعِهِ فَكَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ السُّلْطَانِ مِنْ الدَّائِنِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَصْبٌ لَا أَخْذُ حَقٍّ وَأَمَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فَلِأَنَّهُ بَرِئَ بِأَخْذِ السُّلْطَانِ فَلَا يَصِيرُ بِأَخْذِهِ مِنْ السُّلْطَانِ آخِذًا حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ حَقِّهِ لَا نَفْسَ حَقِّهِ (فَإِنْ قَالَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (مِنِّي بَدَلَ) إنْ أَخَذْت مَالَك (عَلَيَّ لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَاءِ الْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ) مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالسُّلْطَانِ.

(وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك حَقَّك) فَامْرَأَتِي طَالِقٌ (اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ (اخْتِيَارُ الْمَدِينِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ اخْتِيَارِ الدَّائِنِ (وَإِعْطَاؤُهُ) بِنَفْسِهِ (لَا) إعْطَاءُ (وَكِيلِهِ) يَعْنِي لَا يَكْفِي إعْطَاءُ وَكِيلِهِ أَوْ نَحْوِهِ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلْعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَرِيضَةً) بِالنَّصْبِ (لَمْ تَطْلُقْ إلَّا حَالَ الْمَرَضِ) لِأَنَّ الْحَالَ كَالظَّرْفِ لِلْفِعْلِ (وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ) مَرِيضَةً كَذَلِكَ وَقِيلَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَرِيضَةً صِفَةٌ لَهَا لَا حَالٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّفْعُ لَيْسَ بِلَحْنٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ فَالْجُمْلَةُ حَالٌ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَكَالرَّفْعِ الْجَرُّ وَالسُّكُونُ.

(وَلَوْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِدُخُولِهِمَا) أَيْ زَوْجَتَيْهِ (الدَّارَيْنِ اُشْتُرِطَ) لِوُقُوعِهِ (دُخُولُ كُلٍّ) مِنْهُمَا الدَّارَيْنِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ أَنْ تَدْخُلَهُمَا فَلَوْ دَخَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إحْدَى الدَّارَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِأَكْلِهِمَا لِرَغِيفَيْنِ فَأَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (رَغِيفًا) وَالْمُرَادُ فَأَكَلَتَاهُمَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ (طَلُقَتَا) لِأَنَّهُمَا أَكْلَتَاهُمَا وَلَا يُمْكِنُ أَكْلُ كُلٍّ وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا الدَّارَيْنِ وَإِنَّمَا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَكْلِهِمَا الرَّغِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَكْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّ الْكُلِّيَّ الْإِفْرَادِيَّ إذَا تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى الْمَجْمُوعِيِّ كَقَوْلِهِ إنْ دَفَنْتُمَا هَذَا الْمَيِّتَ.

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ) وَقَدْ قِيلَ لَهُ أَنْت تَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ (إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ أَنِّي لَا أَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَرَادَ أَنِّي أَمْلِكُ مِائَةً بِلَا زِيَادَةٍ طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ قَالَ إنْ كُنْت لَا أَمْلِكُ إلَّا مِائَةً لَمْ تَطْلُقْ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ وَذِكْرُ لَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى تَرْكِ لَا كَمَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (عَلَّقَ) الطَّلَاقَ (بِالْخُرُوجِ) أَيْ بِخُرُوجِهَا (إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ) لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لَهُ (وَلَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا طَلُقَتْ) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكَلَّمَتْ زَيْدًا وَعَمْرًا (هَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُنَا (وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا (لَا تَطْلُقُ) وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ الْخُرُوجُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ]

قَوْلُهُ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ بِمُطْلَقِ الْإِعْطَاءِ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ فَالْمُتَّجَهُ الْحِنْثُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ.

(قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ يَمْنَعُ الْحِنْثَ أَيْضًا فَصُورَةُ مَا تَفَقَّهَهُ إذَا لَمْ يُكْرِهْهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ بِحَقٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ يَحْصُلُ بِصِحَّتِهِ أَوْ نُفُوذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْآدَمِيِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا يَفْتَرِقُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ

(قَوْلُهُ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً بِالنَّصْبِ]

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ مَرِيضَةً) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ لَيْسَ بِلَحْنٍ؛ لِأَنَّ الْحَالَ تَجِيءُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً وَقَدْ حُذِفَ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مَرِيضَةٌ وَهَذَا الْحَذْفُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ فَالصَّوَابُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَالِ مَعَ الرَّفْعِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ أَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُهَا وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِاللَّفْظِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَهُ أَوْ يَجْهَلَهُ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ مُتَسَاوِيَانِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَابَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْأَغْرَاضِ فَإِذَا جُهِلَتْ عُدِمَتْ وَبَقِيَ الطَّلَاقُ مُنْفَرِدًا قَالَ وَسَكَتَ عَنْ حَالَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقِفَ بِالسُّكُونِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهَا الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ يُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْخَبَرِ دُونَ الشَّرْطِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَصْدِ

[فَرْعٌ قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ]

(قَوْلُهُ لَوْ قَالَ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي كَفَّيْ دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَكَانَ فِي كَفِّهِ أَرْبَعَةٌ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ فِي كَفِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ إنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لَا دَرَاهِمَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>