للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِكْرًا إنْ زَالَتْ بِهِ بَكَارَتُهَا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهَا؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (فَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ) بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِإِدْخَالِهِ الْحَشَفَةَ إدْخَالُهُ مَا دُونَهَا كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ وَبِالْقُبُلِ الدُّبُرُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ مَعَ حُرْمَتِهِ لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ. نَعَمْ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي إيلَائِهِ بِالْقُبُلِ وَلَا نَوَاهُ بِأَنْ أَطْلَقَ انْحَلَّ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ (وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْهَا) أَيْ الْحَشَفَةَ (أَوْ أَدْخَلَهَا) هُوَ (نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَجِبُ) الْأَوْلَى وَلَمْ تَجِبْ (كَفَّارَةٌ وَلَمْ يَنْحَلَّ الْيَمِينُ) وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ، أَمَّا عَدَمُ الْخَبَثِ وَعَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فَلِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِدْخَالِ وَاخْتِلَالِهِ فِيمَا عَدَاهَا وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلِعَدَمِ الْحِنْثِ

(وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَانْدِفَاعِ ضَرَرِهَا (كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَجْنُونُ الْوَدِيعَةَ) إلَى صَاحِبِهَا (وَلِأَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ كَالْعَاقِلِ فِي) تَقْرِيرِ (الْمَهْرِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَحْرِيمِ الرِّيبَةِ) وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَيُفَارِقُ سُقُوطُ حَقِّهَا عَدَمَ الْحِنْثِ وَالْكَفَّارَةَ بِأَنَّ رِعَايَةَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ عَنْ الْحَيْضِ لِلْمُسْلِمِ دُونَ الْعِبَادَةِ إذْ لَيْسَ لَهَا نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَامِدًا مُخْتَارًا عَاقِلًا حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ

[فَصْلٌ اخْتِلَافَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ]

(فَصْلٌ لَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي الْإِيلَاءِ أَوْ) فِي (انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ

[فَرْعٌ اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَهُ]

(فَرْعٌ) لَوْ (اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ) بَعْدَ الْمُدَّةِ (وَأَنْكَرَهُ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الطَّلَبِ) عَمَلًا بِاعْتِرَافِهَا (وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهَا) عَنْهُ لِاعْتِرَافِهَا بِوُصُولِ حَقِّهَا إلَيْهَا (وَلَوْ وَطِئَ مَنْ آلَى مِنْهَا) وَهُوَ (يَظُنُّهَا غَيْرَهَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَلَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ وَلَمْ يَنْحَلَّ الْيَمِينُ لِمَا مَرَّ فِي وَطْئِهِ نَاسِيًا فَلَوْ حَذَفَ هُنَا وَقَالَ ثَمَّ أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ غَيْرُ الْمُولَى مِنْهَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ.

[فَصْلٌ تَكْرِيرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ]

(فَصْلٌ) لَوْ (كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ) مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ (وَأَرَادَ) بِغَيْرِ الْأُولَى (التَّأْكِيدَ) لَهَا (وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ وَطَالَ الْفَصْلُ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ التَّنْجِيزَ إنْشَاءٌ وَإِيقَاعٌ وَالْإِيلَاءُ وَالتَّعْلِيقُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالتَّأْكِيدُ بِهِمَا أَلْيَقُ (أَوْ) أَرَادَ (الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ) أَيْ الْأَيْمَانُ (وَلَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا (فَوَاحِدَةٌ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ) حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ (وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ) لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ وَنَظِيرُهُمَا جَارٍ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ حَلَفَ يَمِينًا سَنَةً وَيَمِينًا سَنَتَيْنِ) مَثَلًا (وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِالتَّعَدُّدِ) لِلْيَمِينِ (يَكْفِيهِ) لِانْحِلَالِهَا (وَطْءٌ وَاحِدٌ) وَيَتَخَلَّصُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا (وَكَذَا) يَكْفِيهِ (كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلٍ عُلِّقَ بِمُسْتَحِيلٍ.

[كِتَابُ الظِّهَارِ]

(كِتَابُ الظِّهَارِ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ الْأَصْلِيَّةَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَخَصُّوا الظَّهْرَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ يُقَالُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَتَظَهَّرَ وَتَظَاهَرَ وَاظَّاهَرَ مِنْهَا بِمَعْنًى وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَالْإِيلَاءِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى تَحْرِيمِهَا بَعْدَ الْعَوْدِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ مِمَّا سَيَأْتِي وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْبِيهُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فِي الْحُرْمَةِ بِمَحْرَمِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ لَمَّا ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي اسْمِهَا وَنَسَبِهَا.

(وَهُوَ حَرَامٌ) قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢] (وَقَوْلُهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ) لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ (مَكْرُوهٌ) لِأَنَّ الظِّهَارَ عُلِّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى وَإِنَّمَا عُلِّقَ بِقَوْلِهِ أَنْتَ عَلَيَّ حَرَامٌ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ وَالْحِنْثُ لَيْسَ بِمُحَرَّمَيْنِ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ مَعَ الزَّوْجِيَّةِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ وَالتَّحْرِيمُ الَّذِي هُوَ كَتَحْرِيمِ الْأُمِّ مَعَ الزَّوْجِيَّةِ لَا يَجْتَمِعَانِ.

[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي أَرْكَان الظِّهَار]

(وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الزَّوْجَانِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٍ (وَإِنْ كَانَ مَمْسُوحًا وَذِمِّيًّا) وَعَبْدًا كَالطَّلَاقِ فَخَرَجَ الْأَجْنَبِيُّ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ وَالزَّوْجَةُ فِي قَوْلِهَا لِزَوْجِهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنَا عَلَيْك كَظَهْرِ أُمِّك فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُمْ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ وَذِمِّيًّا وَكَافِرًا كَانَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَوْ بِكْرًا إنْ زَالَتْ بَكَارَتَهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَمِنْ شَرْطِ الْوَطْءِ فِي الْبِكْرِ إذْهَابُ الْعُذْرَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ لَا يُمْكِنُ غَالِبًا إلَّا بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا أَشَرْت إلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فِي الثَّيِّبِ أَوْ ذَهَابِ الْبَكَارَةِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ كُلُّ حُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ إذَا كَانَ سَلِيمًا وَبِتَغْيِيبِ مَا يُعَادِلُ الْحَشَفَةَ إذَا كَانَ مَقْطُوعًا هَذَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ، وَأَمَّا الْبِكْرُ فَلَا تَتَخَلَّصُ عَنْ الْمُطَالَبَةِ إلَّا بِإِذْهَابِ الْعُذْرَةِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَأَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْفَيْئَةُ أَنْ يَفْتَضَّهَا بِآلَةِ الِافْتِضَاضِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَأَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ فِي فَرْجِهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا (قَوْلُهُ وَبِالْقُبُلِ الدُّبُرُ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ الْفَيْئَةِ بِالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ حَنِثَ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ كَمَا لَوْ مَا طَلَّقَهَا حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةَ الْحَلِفِ قَالَ وَيَنْبَغِي فَرْضُهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ هَذَا تَنْبِيهٌ حَسَنٌ لَكِنْ لَا يُقَالُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ حُصُولُ الْفَيْئَةِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمِنْهَاجُ وَالرَّوْضَةُ وَأَصْلُهَا وَلَا إيفَاؤُهَا حَقَّهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَدْخَلَهَا أَيْ الْحَشَفَةَ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا سَاكِنًا وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَكَأَنَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ حَقِيقَتَهُ مَنْعُ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ لَا يَغِيبُ أَوْ لَا يَدْخُلُ ذَكَرِي فِي فَرْجِك امْتَنَعَ تَصْوِيرُ مَسْأَلَةِ الْمُسْتَيْقِظِ

(كِتَابُ الظِّهَارِ) (قَوْلُهُ وَذِمِّيًّا لِعُمُومِ الْآيَةِ) وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ فَصَحَّ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ، وَالْكَفَالَةُ فِيهَا شَائِبَةُ الْغَرَامَةِ. (قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ظِهَارٌ مُنَجَّزٌ وَلَا مُعَلَّقٌ) أَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ وَهُوَ عَاقِلٌ، ثُمَّ جُنَّ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>